Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

مقدمة:

1- اعرف أيها المحبوب ماركيانوس(1) غيرتك وتقواك نحو الله، التي هي الطريق الوحيد الذي يقود الإنسان نحو الحياة الأبدية، كما أشاركك فرحك وأتمنى أن دخولك للإيمان وثباتك فيه يجعلك حسن القبول عند الله خالقك. ويا ليتنا كُنا معاً لكي يساعد الواحد منا الآخر ونتقاسم أمور هذه الحياة بالأحاديث اليومية في الموضوعات المفيدة. لكن طالما الواحد منا بعيد عن الآخر – في الوقت الحاضر – ولا يمكن أن نتواصل معاً إلاّ بواسطة الكتابة، لهذا أنوى أن أعرض لك كرازة الحق، بإيجاز، لكي تعضدك في الإيمان. وأرسل إليك “مذكرة ملخصة” في شكل نقاط أساسية حتى تفهم أموراً كثيرة بواسطة هذا القليل. وهذا العرض الموجز سوف يمدك بمحصلة “عن كل أعضاء جسد الحقيقة” (2) وبراهين العقائد الإلهية. أيضاً سيمكنك أن تقتنى ثمار الخلاص وتُفحم من يعيشون في الضلال. وبواسطة هذا العرض هنا ستتمكن من أن تنقل بأمانٍ تام كلمة مقدسة وبلا لوم إلى أولئك المشتاقين لمعرفة إيماننا.

سِر في الطريق بالإيمان:

ولا يوجد سوى طريق واحد (3) فقط منير بواسطة النور الإلهي، لأولئك الذين يبصرون، أما الذين لا يبصرون، فهم يواجهون طُرقاً مُظلمة متعارضة فيما بينها. إذن، الطريق الأول يقود إلى ملكوت السموات بواسطة اتحاد الإنسان بالله، والطرق الأخرى تؤدى إلى الموت لأنها تُبعد الإنسان عن الله. وبالتالي فمن الضروري لك ولكل الذين يعتنون بأمر خلاص نفوسهم أن يستمروا في مسيرتهم نحو نور الإيمان بتمسكهم بالإيمان بلا انحرافات وبغيرة وثبات. وإذا تكاسلتم وتوقفتم في الطريق فإنكم تسقطون في شهوات جسيمة وتضلون وتبتعدون عن الطريق المستقيم (4).

قداسة الإنسان : النفس والجسد معاً:

2 – إن الإنسان كائن حي مكوّن من: النفس والجسد، لهذا يجب أن يأخذ المرء في اعتباره هذا التكوين، لأنه يمكن أن يأتي السقوط من الاثنين (5). فقداسة الجسد تتحقق بطرد الرغبات الوضيعة والابتعاد عن الأعمال الشريرة، بينما قداسة النفس تتحقق بسلامة الإيمان (6) بالله بدون إضافة أو حذف. لأن التقوى تذبل وتفسد بواسطة دنس الجسد ونجاسته، كما أن الضلال عندما يتسلّل إلى النفس يُجمّدها ويلوثها وتفقد سلامتها. وعلى العكس فإن التقوى تحفظ بهائها وجمالها طالما أن النفس تُوجد في الحق والجسد يحتفظ بالنقاوة (7). فما الفائدة أن يعرف الإنسان الحق بالكلام وهو يلوث الجسد ويسُلّمه إلى الأعمال الشريرة؟ وما الفائدة من قداسة الجسد لو أن الحق غير موجود في النفس؟ لأن هذان الاثنان (النفس والجسد) يفرحان معاً ويحاولان معاً أن يقودا الإنسان إلى حضرة الله. لذا يقول الروح القدس على فم داود: ” طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار” (8)، أي مشورة الأمم الذين لا يعرفون الله. فالأشرار هم الأمم الذين لا يعبدون الله الكائن الحقيقي، إذ أن الكلمة أيضاً يقول لموسى: ” أنا هو الكائن” (9). إذن كل الذين لا يعبدون الله الكائن هم “أشرار”. ويكمل في المزمور قائلاً: ” وفي طريق الخطاة لم يقف”. الخطاة هم الذين، بالرغم من أنهم يملكون معرفة الله، فإنهم لا يحفظون وصاياه بل يستهينون بها. ” وفي مجلس المستهزئين لا يجلس”، وهم الناس المملؤون من الكذب والتعليم الضال وينشرون المرض (الطاعون) ويفسدون لا ذواتهم فقط بل الآخرين أيضاً. إذ أن كلمة “مجلس” تعني مدرسة أو مكان للتعليم. فكلام المزمور ينطبق على الهراطقة أيضاً الذين “يجلسون في مجلس المستهزئين” ينفثون سموم تعاليمهم في الذين يسمعونهم.

حافظ على قانون الإيمان:

3 – ولكي لا نتعرّض لمثل هذه الأمور لابد أن نتمسك بقانون الإيمان (10) الثابت ونحفظ في إيمان وصايا الله، ونخافه كرب ونحبه كأب (11). إذن فإن حفظ الوصايا يأتي نتيجة للإيمان، لأن ” إن لم تؤمنوا – يقول إشعياء – فلا تفهموا” (12). فالحق يمنح الإيمان لأن الإيمان مؤسس على الأمور الموجودة حقاً، حتى إننا نؤمن بما هو حقيقي كما هو في الواقع، وإذ نؤمن بما هو موجود حقاً كما هو فعلاً، فإننا نحفظ اعتقادنا ثابتاً من جهة هذه الأشياء.إذن، طالما أن خلاصنا يعتمد على الإيمان، فمن الضروري أن نبذل كل اهتمام لحفظ هذا الإيمان، وأيضاً كي يكون فهمنا لهذا الإيمان فهماً صحيحاً وحقيقياً.

الله والإنسان

إذن ما الذي يخبرنا عنه الإيمان كما سُلم لنا من الشيوخ تلاميذ الرسل(13). فإن الإيمان أول كل شيء يحثنا أن نتذكر أننا قبلنا المعمودية باسم الله الآب ويسوع المسيح ابن الله، الذي تجسد وصلب وقام، وروح الله القدوس، لغفران خطايانا، وأن هذه المعمودية هي ختم(14) الحياة الأبدية وميلادنا الثاني(15) من الله، حتى لا نكون بعد أولاد البشر المائتين، بل أولاد الله الأبدي. وعلينا دائماً باستمرار أن نعمل لأجل أن نتسامى فوق كل الأشياء المخلوقة، فالكل موجود تحت سلطان الله، وكل ما هو موجود تحت سلطانه عليه أن يعمل لأجله، لأن الله هو رب الكل والكل ينتمي إليه. الله هو ذو السلطان المطلق والكل يأتي منه.

الله خلق الكل بكلمته وحكمته:

4 – في الحقيقة، إن كل المخلوقات تستمد بالضرورة بداية وجودها من علة أولى عظيمة، وعلة كل الأشياء هو الله. الكل يأتي منه، أما هو فلم يُوجِده أحد. لذا فإنه من الاستقامة والحق أن نؤمن بأنه يوجد إله واحد، الآب، الذي خلق الكل(16)، وصنع كل ما لم يكن موجوداً من قبل، وهو يحوي “الكل”، هذا الذي هو نفسه غير المحوى من أي شيء. كما أن العالم يدخل في نطاق ذلك “الكل” الذي يحويه الله ومن بين هذا “العالم” الإنسان أيضاً، وبالتالي فإن الله خلق هذا العالم كله.

5 – ويتضح تعليم إيماننا في الآتي: واحد فقط هو الله، الآب، غير مولود، غير منظور خالق الجميع، فوقه لا يوجد إله آخر(17). ولأن الله هو ناطق فقد خلق كل الأشياء بكلمته. ولأن الله روح ولذلك فقد زيّن كل الأشياء بروحه، كما يقول النبي ” بكلمة الرب صُنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها”(18). وبينما الكلمة يؤسس أي يعطى الكائن جوهره ويمنحه الوجود، فإن الروح يمنح الشكل والجمال لهذه القوات المختلفة، لذا فإنه من الصواب أن يُدعى الابن كلمة الله، بينما يُدعى الروح حكمة الله(19). لذلك بالصواب أيضاً يقول بولس: ” إله وآب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم”(20) فالآب هو ” فوق الجميع”، والكلمة “بالكل” “di£ p£ntwn“، طالما أن كل الأشياء بواسطته(21) خُلقت من الله. الروح هو فينا جميعاً ” في كلنا ἐn pάsin hm‹n ” وهو يصرخ ” يا أبا الآب”(22) كما أنه يمنح الإنسان أن يكون على صورة الله. والروح أيضاً يُظهر الكلمة(23)، لذلك تنبأ الأنبياء عن ابن الله. والكلمة أيضاً متحد بالروح. لذلك فهو يفسر(24) كتب الأنبياء ويُدخل الإنسان إلى الآب.

ثلاثة بنود لقانون الإيمان والمعمودية:

6- إن البند الأول من قانون إيماننا، وقاعدة البناء وأساس الخلاص هي أن: ” الله الآب غير المولود، غير المُحوى، غير المرئي(25) إله واحد خالق الجميع”.والبند الثاني: هو أن كلمة الله ” ابن الله، يسوع المسيح ربنا، الذي تنبأ عنه الأنبياء(26)، الذي كل شيء به كان(27) وبتدبير الآب في الأيام الأخيرة صار إنساناً بين البشر(28) وتراءى للكل(29) لكي يُبطل الموت(30) ولكي يجمّع(31) كل شيء ويُظهر الحياة ويصنع شركة بين الله والإنسان”.والبند الثالث هو أن: “الروح القدس هو الذي بواسطته تنبأ الأنبياء وتعلّم الآباء بأمور الله، والذي بواسطته دخل الأبرار إلى طريق البر، كما أنه انسكب في الأيام الأخيرة(32) بطريقة جديدة على جنس البشر مجدداً الإنسان لله”(33).

7 – لأجل هذا، فإن المعمودية التي هي ميلادنا الثاني(34) تُجرى على اسم الثالوث(35)، وهي التي تضمن لنا الميلاد الثاني من الله الآب بابنه في الروح القدس(36). لأن الذين يعتمدون ينالون روح الله الذي يقودهم نحو الكلمة، أي نحو الابن، بينما الابن يأتي بهم إلى الآب الذي يمنحهم عدم الفساد(37). إذن فبدون الروح لا يمكن أن يرى هؤلاء كلمة الله وبدون الابن لا يمكن لأحد أن يصل إلى الآب، لأننا ننقاد إلى الآب من خلال معرفة الابن(38)، بينما معرفة ابن الله الكلمة تصير بواسطة الروح القدس. كما أن الابن يمنح الروح بحسب ما يريد الآب(39).

8 – والروح القدس يدعو الآب كلّى القدرة ورب القوات، لكي يعلّمنا أن الله هو مبدع السماء والأرض والكون كله، خالق الملائكة والناس ورب الكل، ذاك الذي به توجد وتُحفظ كل الأشياء، إنه الرحوم، والرؤوف، والصالح، والبار، والكامل في المحبة، إله الجميع؛ اليهود والأمم والمؤمنين. ومع ذلك هو أب للمؤمنين أيضاً لأنه في آخر الأزمنة أعطى لهم عهد(40) التبني. بينما لليهود هو سيد ومُشرِّع، لأنه عبر الأزمنة تناسى البشر الله وابتعدوا عنه وتمردوا عليه فساقهم للعبودية، ونير الناموس يعلّمهم أن لهم رب واحد، خالق وصانع كل شيء، الذي يمنح نسمة الحياة، وله يجب أن نقدم العبادة صباحاً ومساءً. هو البداية الخالقة وهو السيد. هو المعتنى بالكل وفي نفس الوقت هو المُربى، والملك والديَّان، لأنه لا يوجد أحد يمكنه أن يفلت من دينونته سواء يهودي أو أممي ولا خاطئ ولا ملاك. لكن الذين – في الوقت الحاضر – يرفضون الإيمان بصلاحه فسوف يعرفون قوته في يوم الدينونة، وفق كلمات بولس الطوباوي: ” غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة. ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله”(41). هذا هو الله الذي يدعوه الناموس إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، إله الأحياء. وعلى الرغم من ذلك فإن عظمة وسمو هذا الإله لا تُوصف.

عالم الملائكة:

9- والعالم(42) مُحاط بسبعة سموات، هناك تسكن قوات لا تُحصى، وملائكة، ورؤساء ملائكة الذين يتممون واجب العبادة لله كُلى القدرة وخالق الجميع. ليس لأن الله في احتياج(43) (لعبادة الملائكة)، لكن حتى لا يظلوا بلا عمل وبلا فائدة وبلا نفع. وروح الله له فعل متعدد الوجوه، وإشعياء النبي يحصى سبعة أشكال لخدمة الروح عندما يتحدث عن الروح الذي سوف يحل على ابن الله أي على الكلمة في زمن تجسده، لذا ” ويحل عليه روح الرب روح الحكمة روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب”(44)، فالسماء الأولى، العليا المحاطة بالسموات الأخرى، هي سماء الحكمة، الثانية هي للفهم، والثالثة للمشورة – والرابعة من فوق إلى أسفل – هي للقدرة، الخامسة للمعرفة، والسادسة للتقوى، والسابعة – التي تمثل قبتنا الزرقاء – هي مملوءة من مخافة الروح الذي ينير السموات.

10 – هذا الإله يُمجد بواسطة كلمته الذي هو ابنه الأزلي وبالروح القدس الذي هو حكمة(45) الآب الذي هو أب الجميع. هذان الأقنومان الإلهيان، الكلمة والحكمة لهما في خدمتهما طغمة من الأرواح الملائكية تُدعى الشاروبيم والسيرافيم الذين يمجدون الله بتسابيحهم التي لا تنقطع، وكل ما في السموات المخلوقة يعطى مجداً لله، آب الجميع، الذي بكلمته خلق العالم – بما فيه – الملائكة وأعطى قوانين (نواميس) لكل العالم، حتى أن الجميع يظلون في مكانهم ولا يتجاوزن حدودهم المرسومة لهم بواسطة الله، بل إن كل واحد منهم يتمم العمل المحدد له من قِبَل الله.

خلق الإنسان:

11 – أما الإنسان، فقد خلقه بيديه(46) نفسها، آخذاً جزءً رقيقاً ونقياً من الأرض ثم وحّده بجزء من قوته. بعد ذلك طبع صورته على خليقته(47) حتى يكون مميزاً تمييزاً واضحاً، بأنه مخلوق على صورة الله. ثم وضع الإنسان المخلوق على الأرض لكي يمثل صورة الله فيها(48). ولكي ينقل الله الحياة إلى الإنسان نفخ في وجهه نسمة الحياة(49)، وهذه جعلت الإنسان شبيهاً بالله(50). لقد خُلق الإنسان حراً وسيداً(51) وعُين من قِبَل الله لكي يتسلط على كل ما على الأرض. وهذا العالم العظيم المخلوق من قِبَل الله، والذي أُعد قبل خلق الإنسان، أُعطى للإنسان كمسكن له، حتى يحيا متنعماً فيه(52) ووضع الله، خالق الجميع، داخل هذا العالم خُداماً، وحدَّد لكل واحد منهم خدمة خاصة. حارس هذا العالم هو الرئيس المدبر رئيس الربوات، ورئيس لأعوانه الآخرين. الخُدام كانوا الملائكة ورئيس الربوات كان رئيس الملائكة.

12 – وإذ جعل الإنسان (آدم) سيداً على الأرض وكل شيء فيها، فإنه جعله كذلك سيداً على الكائنات التي كان ينبغي أن تخدمه. ولكن بينما كانت هذه الكائنات الأخيرة في قمة قوتها، كان سيدها أي الإنسان لا يزال صغيراً، كان طفلاً عليه أن ينمو لكي يحقق كماله(53). ولكي يمكنه أن يحيا في فرح وهناء، أعدّ الله له أفضل مكان في العالم من حيث توفر الهواء والجمال والنور والغذاء والنبات والثمار والمياه، لم ينقصه شيئاً من مستلزمات الحياة، لذا دُعي هذا المكان الفردوس. هذا الفردوس كان جميلاً وحسناً، كلمة الله (ابن الله) كان يتمشى هناك باستمرار يتحدث مع الإنسان عن الأمور العتيدة، بل حاول بالحري أن يوضح له أنه سيكون رفيقاً له ويتحدث ويتحاور معه، وأنه سوف يسكن مع البشر لكي يعلّمهم البر. لكن الإنسان كان طفلاً، لم يكن لديه بعد إرادة ناضجة، لذا خُدع بسهولة من المضلّل.

خلق المرأة:

13 – بينما كان آدم يتمشى في الفردوس، أحضر الله أمامه كل الحيوانات وأمره بأن يعطى اسماً لكل واحد منها، وأعطى آدم اسماً لكل من الكائنات الحية(54). وقرر الله أيضاً أن يعطى معيناً للإنسان، إذ يقول: ” ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره”(55)، لأنه من كل الكائنات الحية لم يكن هناك مُعين مساوٍ لآدم ونظير وشبيه له. فمن ثمَّ أوقع الله آدم في سُبات وأنامه. هكذا لكي يكمل الله خليقته، سمح الله لآدم بأن ينام مع أن النوم لم يكن يوجد سابقاً في الفردوس. ثم أخذ الله واحدة (ضلع) من جنب آدم، وأكمل المكان الذي أُخذ منه باللحم، ومن هذا الجنب خلق المرأة وأحضرها أمام آدم. عندما رآها آدم قال: ” هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تُدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت”(56).

14 – كان آدم وحواء – وهذا هو اسم المرأة – عريانين ولا يخجلان(57)، لأنهما كانا بريئين وأفكارهما كانت طاهرة كأفكار الأطفال، ولم يكن شيء يدخل في روحهما وعقلهما يسبّب لهما شهوات دنسة ومخزية في النفس، وحَفِظا نقاء وسلامة طبيعتهما، لأنه في لحظة الخلق نُفخ فيهما نسمة الحياة(58). ومن ثمَّ، فطالما هذه النسمة كانت باقية تسرى فيهم بقوة، كانت تحمى فكرهما وروحهما من الشر. لذا فقد كانا لا يخجلان عندما يتعانقان ويداعبان الواحد الآخر كالأطفال.

ناموس للحياة:

15 – لكن لكي لا يتعاظم الإنسان ولا يهاجمه الغرور(59)، كأن لا رب له، ولكي لا يتصور تصورات خاطئة في علاقاته مع الله، خالقه، بسبب القوة والحرية المحيطين به ويتجاوز حدوده المعينة له، ولكي لا ينزلق بسبب أفكار التعالي ويتمرد على الله، أُعطى إليه ناموس من الله، لكي يعلّمه أن سيده وربه، هو رب الكل. الله وضع له حدوداً معينة، حتى يمكنه أن يظل دائماً في هذه الحالة، أي غير مائت، لو حفظ وصايا الله، بينما لو ظل غير مؤمن، فسيدركه الموت وسيرجع إلى الأرض التي أُخذ منها. وكانت الوصية هي: “من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت”(60).

التعدي:

16 – ولكن الإنسان لم يحفظ هذه الوصية، ولا أطاع الله، لكن خُدع من الملاك (الساقط)(61) الذي حسده بسبب العطايا الكثيرة التي أعطاها الله للإنسان، وجلب له الدمار وجعله خاطئاً، مقنعاً إياه أن يخالف وصية الله. بنفس الطريقة، إذ صار الملاك (الساقط) بواسطة الأكاذيب أباً ومدبراً للخطية، فإنه طُرد لأنه كان مضاداً لله وصار سبباً في طرد الإنسان من الفردوس. وبواسطة هذا التصرف تمرد وانفصل عن الله ، دُعي في اللغة العبرية شيطان الذي يعني المتمرد، وقد دُعي أيضاً إبليس. ثم لعن الله الحية التي كانت إناءً لإبليس، وحلت اللعنة على الحيوان نفسه (الحية) كما على الملاك الذي اختفى فيها أي الشيطان. أما بالنسبة للإنسان، فطرده الله من حضرته، وأسكنه بالقرب من الفردوس، لأن الخطاة لا يُقبلون داخل الفردوس(62).

 

 


(1) ماركيانوس المرسل إليه هنا هو غير ماركيون أحد أشهر الهراطقة الغنوسيين في القرن الثاني.

(2) تعبير “جسد الحقيقة” sîma t»j alhqeˆaj تعني الكرازة الرسولية والتي تمثل تعليم وعظى كامل، محتواه الإيمان المُسلّم للرسل القديسين من قِبل المسيح الذي تحققت فيه كل نبوات العهد القديم.

(3) يشرح لنا المغبوط أغسطينوس كيف أن المسيح هو “الطريق” قائلاً: [ المسيح هو “الطريق” الذي علينا أن نتبعه ونهتدى به، وهو في نفس الوقت الهدف الذي نسعى لبلوغه] PL38, 1206.

(4) راجع (أم 18:4، 28:12، رسالة برنابا 1:18، ديداخى1).

(5) أي العنصر المادى: الجسد، والعنصر غير المادى: النفس، وهذه النفس تنال الروح من الله كما يعلّم القديس إيريناوس (انظر تعليم القديس إيرينيوس عن الإنسان في المقدمة).

(6) هنا يربط القديس إيريناوس الإيمان المستقيم للنفس بالسلوك المقدس للجسد، أي بين قداسة النفس وقداسة الجسد. فالهرطوقى لا يسلك بنقاوة لأن نفسه تؤمن بإيمان غير مستقيم. وهنا نتذكر تعبير: أرثوذكسية العقيدة وارتباطها بأرثوذكسية السلوك العملى.

(7) هنا نتذكر صلوات سر مسحة المرضى التي تؤكد على أن الله هو الطبيب الذي يهتم بشفاء نفوسنا وأجسادنا، إذ يصلى الكاهن قائلاً: ” يا الله الآب الصالح طبيب أجسادنا وأرواحنا، الذي أرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح ليشفى كل الأمراض وينقذ من الموت. أشف عبدك من أمراضه الجسدية. وامنحه حياة مستقيمة، ليمجد عظمتك ويشكر إحسانك وتكمل مشيئتك من أجل نعمة مسيحك” صلوات الخدمات في الكنيسة القبطية، إصدار مكتبة المحبة، ص 159. والقديس أغناطيوس الأنطاكي يعظ قائلاً: [يوجد طبيب واحد نفسي وجسدي… يسوع المسيح ربنا] (ΒΕΠΕΣ2, 265). ويؤكد العلاّمة أوريجينوس في تفسيره لسفر أيوب: [ إن المسيح أتى من السموات ليشفينا من الأمراض المستعصية، والتي ما كان لنفوسنا أن تُشفى منها بدونها] (ΒΕΠΕΣ15,287).

(8) مز1:1.

(9) خر14:3.

(10) راجع ضد الهرطقات. يقصد بقانون الإيمان هو الإيمان الذي تسلمناه وقبلناه في المعمودية.

(11) راجع Kuprianoà, De Oratione 15.

(12) إش9:7س.

(13) يعطى إيرينيوس أهمية كبرى لأصالة وشهادة الشيوخ الذين كانوا حاملين للتقليد الرسولي. وكشيوخ يصفهم أحياناً بالتلاميذ المباشرين للرسل (AH5:5:1) وأحياناً تلاميذ بوليكاربوس (AH3:3:4).

(14) يقول القديس كيرلس الأورشليمى عن المعمودية: [ إنها حدثٌ عظيم، فداء المأسورين، غفران الخطايا، فناء الخطية، ولادة ثانية للنفس، لباس النور، الختم المقدس الذي لا يُمحى، نعمة التنبى] PG33, 360A. والقديس غريغوريوس اللاهوتي يخبرنا بقائمة مُماثلة من الألقاب عن المعمودية: [المعمودية هي شركة اللوغوس، تحطيم الخطية، مركبة نحو الله، مفتاح لملكوت السموات، لباس عدم الفساد، حميم الميلاد الثاني، الختم] PG36, 361C.

(15) انظر تي5:3-6.

(16) راجع الراعى هرماس، الرؤيا الأولى I:6، III:4، الآباء الرسوليون، عربه عن اليونانية مطران حلب إلياس معوض، منشورات النور، 1970، ص174، 176.

(17) راجع الحوار مع تريفو6:5 أيضاً انظر ضد الهرطقات1:1:1، 3:28:1.

(18) مز6:33

(19) راجع AH2:47:2, 3:28:2.

(20) أف6:4 راجعAH4:34::2, 5:18:1 . نفس هذه الآية يستخدمها أيضاً القديس أثناسيوس في رسائله عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، قائلاً: [فالآب بالكلمة في الروح القدس يعمل كل الأشياء، وهكذا تُحفظ وحدة الثالوث القدوس سالمة. وهكذا يُكرز بإله واحد في الكنيسة ” الذي على الكل وبالكل وفي الكل” (أف6:4). “على الكل” كأب، وكبدء، وكينبوع، “وبالكل” أي بالكلمة. “وفى الكل” أي في الروح القدس، هو ثالوث ليس فقط بالاسم وصيغة الكلام بل بالحق والوجود الفعلى] رسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، ترجمة د. موريس تاوضروس ود. نصحى عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء، القاهرة1994، الرسالة الأولى: 28 ص83.

(21) أيضاً القديس أثناسيوس في كتابه “تجسد الكلمة” يؤكد في الفصل الأول على أن [الآب الصالح يضبط كل الأشياء بالكلمة، وأن كل شيء به وفيه يحيا ويتحرك] تجسد الكلمة1:1 ترجمة د. جوزيف موريس، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة2002، أيضاً انظر3:3، 1:17، 4:42-6، وضد الوثنيين 1:41.

(22) غلا6:4

(23) وشرح القديس أثناسيوس هذا الأمر فيما بعد قائلاً: [الروح القدس لا يمكن أن يكون ملاكاً ولا مخلوقاً على الإطلاق، بل هو خاص بالكلمة] رسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، المرجع السابق، الرسالة الأولى: 27.

(24) إيريناوس ينسب إلهام الأنبياء إلى الروح القدس (الكرازة الرسولية6و9و40و100)، وأيضاً ينسبه إلى اللوغوسAH4:34:4، انظر أيضاً الكرازة الرسولية73.

(25) هي نفس التعبيرات الواردة في القداس الغريغورى: [أيها الواحد وحده الحقيقي. الله محب البشر الذي لا يُنطق به. غير المرئي، غير المُحوى، غير المبتدئ، غير الزمنى، الذي لا يُحد. غير المفحوص، غير المستحيل، خالق الكل، مخلّص الجميع] الخولاجى المقدس، لجنة التحرير والنشر لمطرانية بنى سويف والبهنسا، الطبعة الثالثة1710ش، 1993م، ص469.

(26) انظر 1بط10:1-12.

(27) انظر يو3:1 ويقول القديس كيرلس الأسكندري: [الله المُبدع الأعظم خلق بواسطة ابنه كل المخلوقات لأنه مكتوب:” كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان”] (تعليقات لامعة “جلافيرا” المقالة الأولى على سفر التكوين،الكتاب الشهري نوفمبر 2003، ص10، ترجمة د. جورج عوض.

(28) انظر يو14:1.

(29) وقد شرح القديس أثناسيوس في كتابه “تجسد الكلمة” فصل43، السبب الذي جعل الكلمة يصير إنساناً بين البشر، قائلاً: [ إن الرب لم يأتِ لكي يتظاهر أو يستعرض نفسه، بل جاء لكي يُشفي ويعلّم أولئك الذين هم تحت الآلام] (1:43) ص124، وهكذا تراءى للكل لا لكي يبهر الأنظار لكن لأن الإنسان وحده هو الذي أخطأ دون سائر المخلوقات.

(30) يشرح القديس أثناسيوس باستفاضة هذا الأمر في كتابه “تجسد الكلمة” قائلاً: [وهكذا إذ اتخذ جسداً مماثلاً لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقط بذل نفسه للموت عوضاً عن الجميع، وقدمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر، أولاً: لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يُبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استُنفد في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المماثلة لجسد الرب). ثانياً: وأيضاً فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم، كما تبيد النار القش] تجسد الكلمة4:8 ص22.

أيضاً يؤكد القديس كيرلس الأسكندري على إبطال الموت بواسطة الابن قائلاً: [ عندما سقط الإنسان بعصيانه واستُعبِد لقوة الموت وفقد كرامته القديمة أعاده الآب وجدَّده إلى الحياة الجديدة بالابن كما كان في البدءِ. وكيف جدَّده الابن؟ بموته بالجسد ذبح الموت وأعاد الجنس البشري إلى عدم الفساد عندما قام من الموت لأجلنا] قيامة المسيح، للقديس كيرلس عمود الدين، تفسير يوحنا20، ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة 2003، ص27.

(31) الكلام هنا عن المصطلح الذي فضّله القديس إيرينيوس واقتبسه من الرسول بولس (أف10:1)، وهو “إنجماع (ανακεφαλίωση) الكل في المسيح”. ويشرح أيضاً القديس كيرلس هذه الآية في كلامه عن آدم في كتابه “تعليقات لامعة” (جلافيرا) قائلاً: [إن بولس العارف الحقيقي للناموس قد فهم سر الخلاص بواسطة المسيح، إذ قال إنه في شخص المسيح صار إنجماع (أف10:1) ما في السموات وما في الأرض، وفق محبة الله الآب وإرادته، موضحاً بكلمة إنجماع أنه قد حدثت عملية إصلاح للكل، كما ارتقت الطبيعة التي طالها الفساد إلى الحالة التي كانت عليها في بداية الخليقة] (الكتاب الشهرى نوفمبر 2003، ص10).

(32) انظر يوئيل29:2، أع18:2.

(33) انظر الرسائل عن الروح القدس للقديس أثناسيوس، المرجع السابق، ص72، كما يخبرنا القديس كيرلس الأسكندري بكل وضوح عن عمل الروح القدس في تجديد الإنسان في شرحه ليوحنا22:20-23: ” ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس…”، قائلاً: [ولكي نعلم أنه هو الذي في البدء خلقنا وختمنا بالروح القدس، لذلك يمنح مخلّصنا الروح القدس من خلال العلامة المنظورة أي “نفخته” للرسل القديسين لأنهم باكورة الطبيعة البشرية المجددة. وكما كتب موسى عن الخلق الأول أن الله نفخ في أنف الإنسان نسمة الحياة، يحدث نفس الشيء الذي حدث في البدء عندما يجدّد الله الإنسان وهو ما يسجله يوحنا هنا. وكما خلق الإنسان في البدء على صورة خالقه. كذلك الآن بالاشتراك في الروح القدس يتغير إلى صورة خالقه ويصبح على مثاله] قيامة المسيح، المرجع السابق، ص27.

(34) انظر يو3:3.

(35) هنا نعمة الميلاد الثاني تُمنح باسم الثالوث، وهذا التقليد يعرفه القديس أثناسيوس وينبه على خطورة إنكار أحد الأقانيم الثلاثة قائلاً: [ لأنه كما أن الإيمان بالثالوث – المُسلم إلينا – يجعلنا متحدين بالله، وكما أن ذلك الذي يستبعد أي واحد من الثالوث ويعتمد باسم الآب وحده، أو باسم الابن وحده، أو باسم الآب والابن بدون الروح القدس، لا ينال شيئاً، بل يظل غير فعّال وغير مكتمل… هكذا ذلك الذي يفصل فليس له الاب ولا الابن بل هو بدون إله، وهو أشر من غير المؤمن، ويمكن أن يكون أي شيء إلاّ أن يكون مسيحياً]. الرسائل عن الروح القدس، المرجع السابق، الرسالة الأولى: 30، ص85-86.

(36) هكذا يعبّر القديس إيريناوس عن التقليد الكنسي الذي استمر مع الآباء الذين اتوا بعده بخصوص أن الآب يفعل كل شيء بالابن في الروح القدس، انظر القديس أثناسيوس على سبيل المثال، عندما= =شدد على وحدة عمل أقانيم الثالوث في سياق شرحه لآية: ” نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم” (2كو13:13)، حين قال: [لأن هذه النعمة والهبة تُعطى في الثالوث من الآب بالابن في الروح القدس. وكما أن النعمة المُعطاة هي من الآب بالابن، هكذا فإنه لا يكون لنا شركة في العطية إلاّ في الروح القدس] الرسائل عن الروح القدس، المرجع السابق، الرسالة الأولى ص 31.

(37) هنا يشرح القديس إيرينيوس عمل الثالوث فينا بوضوح، فالروح يقودنا إلى الابن، والابن يأتي بنا إلى الآب الذي يمنحنا عدم الفساد. راجعAH4:34:5.

(38) انظر يو6:14.

(39) يؤكد القديس كيرلس على هذه الحقيقة في سياق حديثه عن إلوهية الابن وأنه واحد مع الآب في الجوهر: [إذن فطالما أن كل عطية صالحة تأتي من فوق، من الآب وتوزع بواسطة الابن، الذي له السلطة الإلهية وليس كخادم، فبأي طريقة إذن لا يكون واحداً في الجوهر مع الآب الذي ولده، بمعنى كيف لا يكون إلهاً بالحق، وليس مزيناً من الخارج بكرامات مثل اللوحات المرسومة] حوار حول الثالوث، للقديس كيرلس عمود الدين، (الجزء الثاني – الحوار الثالث)، ترجمة د. جوزيف موريس، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة 2005، ص 73-74. وفي الحوار السابع يشرح القديس كيرلس عمل الروح القدس قائلاً: [ أليس هو الروح الذي ينقش صورة الله فينا، وهو الختم الذي يصنع فينا البر والجمال الفائق للعالم؟ قد يقولون: بلى، ولكن ليس باعتباره إلهاً، بل كموصل لنعمة إلهية فقط، فليس هو بنفسه الموسوم فينا، بل “نعمة” من خلاله. إذن، فإن كان الأمر كذلك، فكان ينبغي أن يُدعى الإنسان لا صورة الله بل صورة النعمة!] ΕΠΕ9, ΒΥΖΑΝΤΙΟΝ..

(40) مصطلح عهد Diαq»kh نجده في AH3:11:5, 3:18:1, 4:56:2, 5:9:4, 5:3:1.

(41) رو4:2-6.

(42) بدايةً من هذه الفقرة ينتقل القديس إيريناوس من الكلام على الله (Θεολογία) ثيولوجيا إلى “الكلام عن العالم” (Κοσμολογία) الكوزمولوجيا. عن عدد السموات عند الغنوسيين انظر AH1:1:9, 1:19:1.

(43) يشرح لنا القديس غريغوريوس اللاهوتي سبب خلقة الملائكة قائلاً: [كان يجب أن يُسكب الصلاح وينتشر خارج ذاته، لكي يكثر الذين ينالون من إحسانه.. لذلك فإن الله فكر أولاً في خلقة الملائكة والقوات السماوية] ثيوفانيا: ميلاد المسيح، ترجمة الدكتور نصحى عبد الشهيد، دكتور جورج عوض، المركز الأرثوذكسى للدراسات الابائية، يناير 2004، ص20.

(44) إش2:11.

(45) ينفرد القديس إيرينيوس بوصف الروح القدس بحكمة الله، الأمر الذي لا نجده في كتابات الآباء بعد ذلك، انظر AH4:7:4.

(46) يقصد الابن والروح القدس، لأن القديس إيريناوس ينفرد بتسمية الابن والروح القدس بيدي الله، الأمر الذي لا نجده أيضاً في كتابات الآباء بعد ذلك انظر AH5:6:1، انظر أيضاً تعليم القديس إيرينيوس عن الثالوث في المقدمة.

(47) نفس هذا المعنى نجده في القداس الغريغوري: ” وكتبت فىَّ صورة سلطانك”، الخولاجى المقدس، المرجع السابق، ص478. يقول أيضاً القديس إيريناوس موضحاً مفهوم “الصورة” و”الشبه”: [“الصورة” تتضمن المواهب الطبيعية، وعلى الأخص العقل وحرية الإرادة، وهذه لا يمكن أن تُفقد. و”الشبه” فائق للطبيعة وهو اقتناء الكلمة وشركة الروح، وهذا فقده آدم واسترجعه المسيح] (AH5:6:1).

(48) راجع تك26:1-27 . 1كو 7:11.

(49) انظر تك7:2. نفس الأمر يقوله القديس كيرلس الأسكندري: [ الله الاب في البدء بكلمته أخذ من تراب الأرض – كما هو مكتوب – وخلق الإنسان كائناً حياً له نفس عاقلة حسب إرادته وأناره بنصيب من روحه ” ونفخ في أنفسه نسمة حياة” (تك7:2)] قيامة المسيح، للقديس كيرلس الأسكندري، المرجع السابق، ص27.

(50) يتحدث القديس كيرلس الأسكندري عن تميّز خلقة الإنسان عن سائر المخلوقات قائلاً: [فقد مضى في خلق الإنسان وجعل خلقته أسمى منها جميعاً، على الرغم من أن كل المخلوقات الأخرى صنعها بكلمته. ولأن الإنسان يعتبر وجوداً حياً وعبقرياً بالحقيقة وشبيهاً جداً بالله، وحتى لا يُعتبر أن هذا الذي كان شبيهاً جداً بالمجد السماوي خُلِق بنفس الطريقة التي خُلِقت بها المخلوقات الأخرى التي لم تكن هكذا، كرّم خلقته وذلك بإرادته الإلهية فقط، وعلى الرغم من أنه قد خلقه من الطين، إلا أنه كائن حي عاقل ونفخ فيه مباشرة روح خالدة ومحيية، لأنه مكتوب: ” ونفخ في وجهه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية” (تك7:2)] تعليقات لامعة (جلافيرا) نوفمبر 2003، ص13. وفي موضع آخر يقول القديس كيرلس: [ فالله قد خلق الإنسان، ذلك الكائن الحي، بطبيعة خاصة به كإنسان، مانحاً إياه غنى التشبع به. إذ قد رُسمت صورة الطبيعة الإلهية في الطبيعة البشرية بنفخة الروح القدس. وحيث الله هو الحياة – بحسب الطبيعة – لذلك فهو يعطى نسمة الحياة] (السجود والعبادة بالروح والحق، الجزء الأول، ترجمة دكتور جورج عوض، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة 2001، ص28).

(51) يقول القديس كيرلس بهذا الشأن: [وبعد أن وضعه في الفردوس وأعطاه السيادة على كل المخلوقات الأرضية، وجعله سيداً على كل أنواع الكائنات التي تحيا في المياه والطيور، وأخضع له الوحوش المفترسة ومعها أجناس الحيات السامة، وألزمها بنواميس طبيعية أن تهابه، أصبح الإنسان يمثّل المجد الأسمى على الأرض وصورة للسيادة الملائمة لله] تعليقات لامعة (جلافيرا) نوفمبر 2003، ص13. وفي موضع آخر يقول القديس كيرلس: [ لا ينبغي أن يشك أحد في أن الإنسان قد جاء إلى الوجود ليس لأجل أعمال مخزية بل لأجل عمل كل ما هو ممدوح، بما أنه ثمرة إبداع الله الصالح. ولكن تظل الحقيقة قائمة أنه قد خُلق سيداً لنفسه وحراً، وقادراً على التحرك بواسطة قوة إرادته الخاصة نحو أي اتجاه يختاره سواء كان خيراً أو شراً] ضد يوليانوس الجاحد (PG76, 925). راجع أيضاً qeof…lou Antioce…aj, prÒj AutÒlukon 2,27.

(52) قال بعد ذلك غريغوريوس النزينزى أن الله خلق أولاً القصر ثم بعد ذلك أدخل الملك (الإنسان) فيه. Lόgoj MD/ eij t»j kain» kuriak»n, 84, P.G. 36, 612.

(53) راجع AH4:62,63, 1 kai qeof…lou Antioce…aj prÒj AutÒlukon 2,25.

ففكرة أن الإنسان الأول كان طفلاً من جهة النضوج في الإيمان ينفرد بها القديس إيرينيوس الذي أراد أن يشدّد على أن الإنسان الأول كان مدعواً لمسيرة نحو الكمال. هذه الدعوة تحدث عنها القديس باسيليوس الكبير الذي نادى بأن الهبات الإلهية ترمى إلى إصعاد الإنسان إلى حالة الكمال، أي الصعود من الخلق بـ”حسب الصورة” إلى “حسب المثال”، بمعنى تحقيق كل إمكانيات الصورة. وهذا الصعود مستمر ودائم مثل عطايا الله التي هي دائمة ومتجدّدة بالروح القدس (انظر القديس باسيليوس الكبير، الله ليس مسبباً للشرور، PG31. 345، لاحظ نفسك PG31. 212B-213A، أيضاً عن الروح القدس PG32: 109BC.

(54) راجع تك19:2.

(55) تك18:2.

(56) تك23:2.

(57) تك25:2.

(58) انظر فقرة 11.

(59) نفس الفكر قاله القديس كيرلس بعد أكثر من 200 سنة: [ولأن هذا الإنسان الذي وصل الى مثل هذه الدرجة من المجد والسعادة، كان يجب عليه أن يعرف جيداً إن سلطان الله الملك والرب يفوق كل ما يمتلكه، وحتى لا ينزلق سريعاً بسبب امتيازاته الكثيرة إلى الاعتقاد بأنه صار حراً من سلطان الله وسموه، أعطاه الله على الفور وصية] تعليقات لامعة (جلافيرا) المرجع السابق، نوفمبر 2003، ص13.

(60) تك16:2-17.

(61) ويقصد ايريناوس أن الشيطان الذي هو ملاك ساقط.

(62) راجع تك24:3.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى