انحرافات في الممارسات

التقوى الشعبية لا توافق دائماً التقوى الكنسية. لذلك لا بد من تقويم الاعوجاج. سأذكر بعضاً من انحرافاتنا:

1- ما يسمى بالطواف “بشخص العذراء” الذي يلحّ إخوتنا الغربيّون على اشتراكنا فيه. نحن لا نستعمل التماثيل ولا هي جزء من عبادتنا ولا بديل عندنا للأيقونة. وإن كان لا بد من مظاهر مشتركة فيجب على الكاهن المحلي أن يدرسها معي لئلاّ نُزَجّ في احتفالات مخالفة لتقاليدنا.

2- آداب المآتم عندنا واضحة. نحن نكره الندب الذي يتمثّل بنوبة موسيقيّة أو بزجّال. من بيت الميت الى الكنيسة نرتّل، فلا مكان لآلات موسيقية هي غير معروفة في طقوسنا وتقوّي مشاعر الحزن التي نهرب منها بروحنا القياميّة. كذلك نكره أن يؤتى بشاعر يفتق شعور الكآبة ويضغط على النفس الحزينة لتسترسل بالبكاء. يكون رئيس الخدمة الإلهيّة ألقى عظة ملؤها الإيمان بالقيامة والتعزية ثم يقف من يُجيّش عواطف الحزن في كلام كله مبالغة.

3- في آداب قداس الأربعين أو السنة، يُدخِل بعض المؤمنين صورة الميت لتوضع في الكنيسة وتُبخّر. طريقتنا أننا، عند ذاك، نبخّر الأيقونة لا الميت. أضِف الى هذا أن الصور الوحيدة المسموح بها في الكنيسة هي أيقونة السيّد والقدّيسين. بالإجمال، نحن لا نعرف الحِداد وكنّا في الكنيسة الأولى نرتدي البياض عند الموت.

4- في بعض المناطق الشماليّة من الأبرشيّة، تُحمل قرابين في الجنازة. ربما كان لها مبرّر في الماضي إذ كان يُؤتى بها للقداس اللاحق في اليوم التالي. فإذا لم يكن قداس، لا معنى لها.

5- الزهر أخذ يتفشّى استعماله في بعض الكنائس أمام الأيقونات أو يُؤتى بباقات الزهر في قداس الأموات (الأربعين والسنة). هذه عادة دخيلة. الأرثوذكسي لا يزيّن الأيقونة. هي تُزيّنه. نحن نُكرّم الأيقونة بالإنحناء والتقبيل. والزهر من مباهج الصالونات ولا معنى له في العبادة. وكما أننا نكره الطرب في الترتيل، نبتعد عن الجمال الدنيوي.

6- في آداب الأعراس، هناك انحراف كبير في الأزياء المُخلّة بالحشمة. الإكليل ليس حفلة دنيويّة. إنّه صلاة سرّ إلهي كبير نشترك فيه بكلّ تقوى وفهم. إنَّ كشف جسد المرأة في الكنيسة لمِن الأشياء المؤذية، الجارحة. ولا يجوز في سبيل الاستقبال اللاحق أن نهتك العفّة. التي تلحّ على العري في حضور الاستقبال فلا تأتِ الى مكان نعبد الله فيه بكلّ خشوع.

7- ما يُقال عن العرس يُقال من باب أولى عن القداس الإلهي الذي هو مكان الطهارة الكبير. فالاستعداد للمناولة لا يكون برؤية الأبدان المكشوفة ولا تجوز المناولة بشفاه مطليّة تترك أثراً على الملعقة، ولا تتشدّخ الآذان بوطء أكعاب الأحذية. كلّ هذا بشع ولا يُكلّف اتّقاؤه إلاّ شيئاً من الانتباه. المرأة العفيفة تسهر على عفّة الرجال والمُصلّون هم في صحو وانخطاف الى الله. هذا تشويش للعبادة مرفوض.

8- لست أعلم لماذا تساهلنا في إدخال الفيديو منذ البدء وآلات التصوير. إذا كان الإكليل سرّاً إلهيّاً فالسرّ يُعاش فيما بعد في الحياة العائليّة. العائلة هي نطاق السرّ. السلوك الطاهر والمُحبّ هو الصورة. والإكليل لا نتذكّره تذكّراً. نحياه بالمحبّة.

وما هو أكثر إزعاجاً هو كلّ هذه الأضواء التي تُرافق الفيديو والصورة الشمسيّة. ففيها تعطيل للانتباه والتركيز على الصلاة. والأشياء تجري كأن العرس موضع إثارة بالتعرية ومكان انفعال بالصورة. كأنّ العرس هيصة، ناهيك بالزغاريد والزلاغيط التي نسمعها في بعض الكنائس.

الكنيسة الأرثوذكسيّة كما نعرفها في أسلوبها النسكي ومظهرها العفيف مجروحة الآن بسبب غزو المشاعر الدنيويّة عقر دارها. “لتكن كلّ أموركم بلياقة وترتيب”. واللياقة تبدأ ببيت الله. الكنيسة مكان الفهم والعمق لا مكان البهرجة.

المتروبوليت جاورجيوس خضر
عن نشرة رعيتي
الأحد 12 حزيران 1994

arArabic
انتقل إلى أعلى