وعد يسوع بان عجائب ستحدث بعد مروره على الأرض: “هذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون ايديهم على المرضى فيبرأون” (مرقس 16: 17 و18). كذلك سرد سفر أعمال الرسل ان بعضاً منهم صنعوا عجائب. ذلك أن قوة المسيح تمتد إلينا عبر الروح القدس. وهذا ليس محصوراً في القديسين ولكن ناساً أحياء صنعوا معجزات. ذلك أن لله ان يتدخل في الترتيب الكوني القائم. فهذا الترتيب لا يقيده هو.
أما كيف يحدث هذا، كيف تتحول عين أعمى إلى عين بصيرة فهذا ما لم يترك الرب لنا علما به. فاذا حصل الشيء نلاحظه ونحن لا نعرف كيف حصل. غير أن الرئاسة الروحية لا تعلن، بصورة عادية، أن الأمر حصل أو لم يحصل. يمكن أن يشهد الأطباء بأن حدثا حدث وأن ليس عندهم تفسير علمي له. ويشهدون عن ذلك خصوصا في الأمراض العضوية مثل تمدد شرايين كانت ضيقة أو شفاء سرطان ولكن الأطباء عادة لا يقيمون وزناً لأمراض الأعصاب كالشلل اذ هم متيقنون ان الكثير منها مرتبط بأسباب نفسانية. ولكن الكنيسة ليست كلية طب وقلما تتكلم عن حدوث شيء.
في هذا الإطار يطرح السؤال عن وجود “ايقونات عجائبية”. نحن لا نتكلم على غير الايقونات إذ ليس عندنا في الفن الطقوسي الأرثوذكسي شيء آخر. في كل البلدان الأرثوذكسية يقولون عن هذه الأيقونة أو تلك أنها عجائبية. أما اللاهوتيون فيقولون شيئاً آخر. يقولون كل أيقونة عجائبية بمعنى أن الرب يستخدمها لشفاء من صلى أمامها وبمعنى أن ليس من ايقونة محددة تحمل طاقة الشفاء.
يبقى أن الكتاب المقدس لا يريدنا أن نبالغ في الاهتمام بالعجائب. هناك ثلاثة أقوال قاطعة تبعدنا عن حمّى طلبنا للمعجزات. أولاها: “جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال” (متى 13: 39 و40). أجل لم يحصر يسوع آياته في قيامته ولكنها آية الآيات بمعنى إنها أعظم من كل عجائبه ومن كل العجائب التي ستجري في تاريخ الكنيسة. ثانيها قوله: “آمنوا بسبب الكلام الذي كلمتكم به وإلا فآمنوا بسبب الآيات” (يوحنا 14: 11) وهنا يجزم يسوع ان كلامه أهم من كل المعجزات وأن الانشغال المفرط بالعجائب يدل على ضعف الايمان. وثالثها كلام بولس الرسول: “اليهود يطلبون آية واليونانيين يطلبون حكمة، واما نحن فنكرز بالمسيح مصلوباً عثرة لليهود وشكاً لليونانيين” (1 كورنثوس 1: 22-23). المسيح نفسه هو الذي نبشر به ولا نقضي أوقاتنا لنسرد حكايات حول العجائب.
فإذا أنت رأيت أعجوبة ورويتها لأحد الناس ولم يصدقها، فهو حر ولا تستطيع أن ترميه بتهمة ضعف الإيمان. مرجعيتك ومرجعيته هو ما جاء في كتاب الله والايمان الأرثوذكسي بعامة. أن تقول أن العذراء ظهرت لفلان أو فلان ولم يصدق فهو حر أيضاً. بعد المسيح لا شيء يربطنا لزوماً إلا ما قاله هو وقالته الكنيسة عنه.
الناس يحبون الخوارق. والكنيسة حذرة جداً تجاهها. أما إذا حدثت معك أعجوبة فهي رسالة إليك من الله ولا معنى للمعجزة إلا إذا قادتك إلى التوبة. الأعجوبة صلة خاصة بينك وبين الرب وقد تكون صلة بين الرب وبعض من الناس.
الكلمة الإلهية هي الثابتة. وتتلقاها أنت. وإذا فهمتها بشكل صحيح تخلصك. وأما الباقي فيحتاج إلى تدقيق كثير.
المتروبوليت جورج خضر
عن نشرة رعيتي
الأحد في 3 تشرين الأول 2004