ثاوذورُس أبو قُرَّة أسقف حرّان

ثاوذورس أبو قُرة (+825) هو اسقف مدينة حرّان الارثوذكسي. وحرّان مدينة من مدن بلاد ما بين النهرين الكبرى. ولد في مدينة الرها. اعتنق الحياة الرهبانية في دير القديس سابا في فلسطين الذي لعب دورا كبيرا في الدفاع عن العقائد الارثوذكسية. ففي هذا الدير عاش القديس  يوحنا الدمشقي  بعد تنسكه. وعند وصول ثاوذورس الى هذا الدير، كان ذِكْر  يوحنا الدمشقي  لا يزال حيا. أبو قرة لم يعرف شخصيا القديس  يوحنا الدمشقي. إلا انه اتّبع خطاه والتزم نشر تعاليمه عند المتكلمي العربية. وقد كان أبو قرة عالما في الفلسفة والمنطق وترجم الى العربية بعض كتب ارسطو. كما كان ملما بالطب، وكان يجيد السريانية والعربية واليونانية. وترك الكثير من المؤلفات بهذه اللغات الثلاث. أهمها في العربية:

1-“مَيْمَر (اي مقال) في وجود الخالق والدين القويم”. وفيه يتناول الكاتب صحة الديانة المسيحية بعد ان يُثبت وجود الله، وهو موجه الى غير المسيحيين بعامة والى المسلمين بخاصة. وقد نَشر هذا المقال بعد تحقيقه على المخطوطات القديمة الأب اغناطيوس ديك. ونحن نستعين بمقدمته لكتابة مقالنا هذا. وفي هذا المقال يؤكد الكاتب على أن المسيحية هي الديانة الوحيدة الآتية من عند الله ولا دِين صحيحا غيره، فيقول بعد أن يشرح كيفية انتشار المسيحية في العالم بواسطة المعجزات: “فقد تحقق كلامنا انه بقوة الله قُبل هذا الدين في الامم.. من أجل ذلك هو من الله بلا محالة. ولا دين غيره”.

2-“ميمر في اكرام الأيقونات”. ويُثبت فيه الكاتب “أن السجود لأيقونة المسيح إلهنا، الذي تجسَّد من الروح القدس ومن مريم العذراء النقية، ولأيقونة القديسين، واجب على كل مسيحي”. اما الدافع الى كتابة هذا المقال فيبدو ان المسيحيين كانوا متأثرين باعتراضات المسلمين واليهود على إكرام الايقونات وبالحملة القائمة في الامبراطورية البيزنطية ضدها. فتصدى أبو قرة لهذه الاعتراضات مشددا على حقيقتين جوهريتين في المسيحية هما: حقيقة تجسد الإله ودور الوساطة الذي تقوم به الأمور الحسية في كشف الوحي وعمل التقديس. والحقيقة الثانية هي سلطة الكنيسة الحية التي تتخطى في تفسيرها المعنى الحرفي للكتاب المقدس. ذلك أن التحريم الذي جاء في العهد القديم لم يعد قائما وفقا للتعليم السائد في الكنيسة. كما أن وساطة الجسد والمحسوس النتج عن التجسد تجعل من الايقونات طريقا للتعرف على الإلهيات والتقرب الى الله.

3-“ميمر في التثليث والتوحيد”. يقول فيه ان “النصارى يقولون: الآب إله والابن إله والروح القدس إله. وأن الآب والابن والروح القدس إله واحد.   ولو كان كل واحد منهم تامّا على حِدته”. يبدو جليّا أن الكاتب يوجّه مقاله هذا الى غير المسيحيين، ليؤكد التثليث ضمن التوحيد. كما كتب أبو قرة ميامر عديدة في “ضرورة الفداء” و “ألوهية الابن” و “موت المسيح” و”الحرية”.

اما مؤلفاته في اليونانية فتتركز حول سر التجسد، كمقاله “في الاتحاد والتجسد”. وفيه يثبت الكاتب أن الطبيعة الإلهية اتحدت بالطبيعة البشرية في أقنوم الكلمة. وثمة “رسالة الى الارمن”، وفيها نداء الى الارمن لكي يعودوا الى الاتحاد مع الخلقيدونيين، “لان حقيقة ألوهية السيد المسيح وإنسانيته تفرضان الإقرار بوجود الطبيعتين فيه”.

كان أبو قرة يعرف جيدا عقيدة الإسلام. لذلك نراه لا يخشى محاورة أئمة المسلمين. وهو لا يتصدى مباشرة للإسلام كعقيدة، بل إن كتاباته هي إيضاح دفاعيّ للإيمان المسيحي موجَّه بشكل أساسيّ إلى المثقفين المسلمين. وأبو قرة يجيب في محاوراته على اعتراضات يثيرها بعض المسلمين أمامه على احدى نقاط العقيدة المسيحية، ويتطرق اكثر من مرة الى النقاط المشتركة بين المسيحية والإسلام. بالإضافة الى الدفاع عن الإيمان، ركز ابو قرة كثيرا على أهمية العقل في مساندة الإيمان. لذلك نجده يُسهب في عرض براهين في وجود الله الخالق وفي صحة الديانة المسيحية. ولكنه لا يَدَّعي أن أسرار الكنيسة المسيحية تُدرَك بالعقل، ذلك أن الإيمان الفعلي إنما هو عمل الروح القدس. اذاً لم يكن أبو قرة عقلانيا محضا، بل كان مؤمنا صادقا يعي دور النعمة في البلوغ الى الكمال.

لقد جاهد ثاوذورس أبو قرة  الذي تُطلِق عليه بعض المخطوطات لقب القديس  في سبيل نشر كلمة الله والدفاع عن الإيمان الارثوذكسي. وما أَحوَجَنا اليوم الى الصلاة معه حين يقول: “فالمسيحَ نَسأل أن يُثبّتنا على إيماننا، وأن يردّ قلوبنا الى العمل بطاعته وطلب ملكوته. له الحمد مع الآب وروحِ القدس الى دهر الداهرين، آمين”.

اطورية البيزنطية ضدها. فتصدى أبو قرة لهذه الاعتراضات مشددا على حقيقتين جوهريتين في المسيحية هما: حقيقة تجسد الإله ودور الوساطة الذي تقوم به الأمور الحسية في كشف الوحي وعمل التقديس. والحقيقة الثانية هي سلطة الكنيسة الحية التي تتخطى في تفسيرها المعنى الحرفي للكتاب المقدس. ذلك أن التحريم الذي جاء في العهد القديم لم يعد قائما وفقا للتعليم السائد في الكنيسة. كما أن وساطة الجسد والمحسوس النتج عن التجسد تجعل من الايقونات طريقا للتعرف على الإلهيات والتقرب الى الله.

3-“ميمر في التثليث والتوحيد”. يقول فيه ان “النصارى يقولون: الآب إله والابن إله والروح القدس إله. وأن الآب والابن والروح القدس إله واحد.   ولو كان كل واحد منهم تامّا على حِدته”. يبدو جليّا أن الكاتب يوجّه مقاله هذا الى غير المسيحيين، ليؤكد التثليث ضمن التوحيد. كما كتب أبو قرة ميامر عديدة في “ضرورة الفداء” و “ألوهية الابن” و “موت المسيح” و”الحرية”.

اما مؤلفاته في اليونانية فتتركز حول سر التجسد، كمقاله “في الاتحاد والتجسد”. وفيه يثبت الكاتب أن الطبيعة الإلهية اتحدت بالطبيعة البشرية في أقنوم الكلمة. وثمة “رسالة الى الارمن”، وفيها نداء الى الارمن لكي يعودوا الى الاتحاد مع الخلقيدونيين، “لان حقيقة ألوهية السيد المسيح وإنسانيته تفرضان الإقرار بوجود الطبيعتين فيه”.

كان أبو قرة يعرف جيدا عقيدة الإسلام. لذلك نراه لا يخشى محاورة أئمة المسلمين. وهو لا يتصدى مباشرة للإسلام كعقيدة، بل إن كتاباته هي إيضاح دفاعيّ للإيمان المسيحي موجَّه بشكل أساسيّ إلى المثقفين المسلمين. وأبو قرة يجيب في محاوراته على اعتراضات يثيرها بعض المسلمين أمامه على احدى نقاط العقيدة المسيحية، ويتطرق اكثر من مرة الى النقاط المشتركة بين المسيحية والإسلام. بالإضافة الى الدفاع عن الإيمان، ركز ابو قرة كثيرا على أهمية العقل في مساندة الإيمان. لذلك نجده يُسهب في عرض براهين في وجود الله الخالق وفي صحة الديانة المسيحية. ولكنه لا يَدَّعي أن أسرار الكنيسة المسيحية تُدرَك بالعقل، ذلك أن الإيمان الفعلي إنما هو عمل الروح القدس. اذاً لم يكن أبو قرة عقلانيا محضا، بل كان مؤمنا صادقا يعي دور النعمة في البلوغ الى الكمال.

لقد جاهد ثاوذورس أبو قرة  الذي تُطلِق عليه بعض المخطوطات لقب القديس  في سبيل نشر كلمة الله والدفاع عن الإيمان الارثوذكسي. وما أَحوَجَنا اليوم الى الصلاة معه حين يقول: “فالمسيحَ نَسأل أن يُثبّتنا على إيماننا، وأن يردّ قلوبنا الى العمل بطاعته وطلب ملكوته. له الحمد مع الآب وروحِ القدس الى دهر الداهرين، آمين”.

عن نشرة رعيتي
الأحد في 3 آب 1997
العدد 31

arArabic
انتقل إلى أعلى