02- كورنثوس الأولى 1: 10-17 – في اتباع المسيح

النص:
10 …أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِداً، وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ، 11 لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. 12 فَأَنَا أَعْنِي هذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ:«أَنَا لِبُولُسَ»، و«َأَنَا لأَبُلُّوسَ»، وَ«أَنَا لِصَفَا»، وَ«أَنَا لِلْمَسِيحِ». 13 هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ، أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟ 14 أَشْكُرُ اللهَ أَنِّي لَمْ أُعَمِّدْ أَحَداً مِنْكُمْ إِلاَّ كِرِيسْبُسَ وَغَايُسَ، 15 حَتَّى لاَ يَقُولَ أَحَدٌ إِنِّي عَمَّدْتُ بِاسْمِي. 16 وَعَمَّدْتُ أَيْضاً بَيْتَ اسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَداً آخَرَ، 17 لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بَلْ لأُبَشِّرَ، لاَ بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ.

الشرح:

{magictabs} نشرة رعيتي::

 يتحدث الرسول بولس في هذا النص عن تحزبات ضمن كنيسة المسيح في مدينة كورنثوس. انشأ الرسول هذه الكنيسة بعد ان بشّر في المدينة وعلّم كلمة الرب مدة سنة وستة أشهر (انظر اعمال الرسل 18: 11)، ثم اضطر لمغادرتها بسبب الشغب الذي أثاره اليهود ضده (انظر اعمال 18: 12-17). جاء ابلّوس الى كورنثوس بعد ان غادرها الرسول بولس (انظر اعمال 19 :1) وهو يهودي من الاسكندرية فصيح الكلام ومقتدر في الكتب (انظر اعمال 18: 24-28). هذا أتى اولا الى مدينة افسس وأخذ يعلّم “بتدقيق ما يختص بالرب عارفا معمودية يوحنا فقط” (اعمال 18: 25). هناك التقاه أكيلا وزوجته برسكيلا صديقا الرسول بولس فهدياه الى المسيحية إذ “شرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق” (اعمال الرسل 18: 26). عندها صار “يفحم اليهود جهرا مبيّنا بالكتب ان يسوع هو المسيح” (اعمال الرسل 18: 28). وكان يفوق بولس فصاحة فتحزّب له قوم. ولا يعني هذا أنه كان يشجع المحازبين. دخلت كورنثوس مجموعات اخرى ايضا بعد مغادرة الرسول بولس، اهمها المسيحيون المتهوّدون الذين كانوا يدّعون الانتماء الى صفا اي بطرس الرسول. بطرس نفسه لم يأتِ الى مدينة كورنثوس، ولعل بطرس مرّ بالمدينة في طريقه الى رومية. لا شيء يدل اولا على ان بطرس ترك أثراً لاهوتياً خاصاً ولا أبلوس. نزعات عاطفية سادت. لا نعرف بالضبط معنى الذين قالوا إنهم للمسيح. هل المعنى أنهم تجاوزوا الخلافات، وتاليا جعلوا أنفسهم ازاء الآخرين، وبهذا المعنى كانوا حزباً؟. لكن الحركات المتهودة المختلفة هي التي أثارت الشقاق والخصومات ضمن الجماعة. ما أزعج بولس الانقسامات سواء أكانت نزعات لاهوتية تغذّيها ام كانت تعبّر عن تفضيل شخصي لهذا او ذاك من المسؤولين. هذه لم تكن انشقاقات بسبب اختلاف حول العقيدة

“يا اخوة اطلب اليكم باسم ربنا يسوع المسيح”. اسم الرب يسوع يرد 10 مرات في الآيات العشر الاولى التي تستسهل الرسالة. فالقداسة والنعمة والسلام والشهادة والمواهب والثبات والشركة وكل ما يتمتع به المؤمن هو من الرب يسوع (انظر 1كورنثوس 1:1-10)، وليس من بولس او ابلّوس او صفا. الرسول يأتي بالبشارة التي بها يرتبط المؤمن بالرب يسوع. هذا التشديد على شخص الرب يسوع في مستهل الرسالة يذكّر المؤمنين بأن الانتماء هو إلى الرب يسوع وليس إلى المبشرين اذ كل شيء منه وكل شيء يقود اليه.

“ان تقولوا جميعكم قولا واحدا… مكتملين بفكر واحد ورأي واحد”. التشديد هنا على الانسجام والوحدة وتماسك الجماعة المؤمنة. لا يشير الرسول بولس بهذا الكلام الى تنازع حول امور لاهوتية عقائدية. المشكلة هي مشكلة تحزبات وخصومات سببها ان كل واحد يقول “انا لأبلوس أو انا لصفا أو انا للمسيح”. يوضح الرسول فيما بعد بالرسالة دور المبشر اذ يقول “من هو بولس ومن هو ابلّوس بل خادمان آمنتم بواسطتهما وكما اعطى الرب لكل واحد… فاننا نحن عاملان مع الله” (1كورنثوس 3: 5-10) اذ العمل هو عمل الله والله يُشرك الرسول بالبشارة في عمله. ويضيف الرسول قائلا: “اذاً لا يفتخرنّ احد بالناس، فإن كل شيء لكم أبولس ام ابلوس ام صفا… كل شيء لكم، اما انتم فللمسيح والمسيح لله” (1كورنثوس 3: 21-23). اذاً الرسول مكرّس لخدمة المُرسَل اليهم، وبالرغم مما يكنّه المؤمن من تقدير لشخصه لكنه يتخطاه دائما ليستقر في الرب يسوع.

اذاً يبشّر الرسول بالرب يسوع وليس بنفسه، لذلك قال الرسول باستهزاء “ألعلّ المسيح تجزأ؟ ألعلّ بولس صُلب لأجلكم؟ او باسم بولس اعتمدتم؟”. المعنى في الأصل اليوناني: تجزأ ووُزعت اجزاؤه، اي كل واحد يسرق لنفسه جزءا. هذا الكلام يوبخ السامعين اذ ان هذه التحزبات هي تجزيء للكنيسة الواحدة جسد المسيح. الرب يسوع هو الفادي لأنه هو المصلوب وليس بولس او غيره من المبشرين، وكأني بالرسول يقول: قد اهملتم الفادي لتلتصقوا بالمفديين في حين ان معمودية كل منكم على اسم يسوع هي اشتراك بموت يسوع وقيامته.

كرسبس كان رئيس المجمع اليهودي في كورنثوس، سمع الرسول بولس وآمن هو واهل بيته (اعمال الرسل 18: 4-8). غايس استضاف الرسول بولس في بيته وكان يملك بيتا كبيرا تحوّل فيما بعد الى مكان التقاء الكنيسة مما دفع الرسول بولس الى تلقيبه بمضيف الكنيسة (رومية 16: 23). استفانوس هو اول مهتدٍ الى المسيحية في كورنثوس (1كورنثوس 16: 15-18)، مدحه الرسول بسبب تفانيه في خدمة الكنيسة، وهو الذي نقل الى الرسول رسالة كنيسة كورنثوس وهو في آسيا (1كورنثوس 16: 19).

“المسيح لم يرسلني لأعمّد بل لأبشر”. هذا الكلام لا يعني ان الرسول بولس يزدري بالمعمودية. كان الرسول يدأب على البشارة ومساعدوه يعمّدون المهتدين. اذاً يشير الرسول الى انه ما من تفويض خاص لإنجاز المعمودية. المعمودية تأتي تلقائيا بعد البشارة، لذلك يشدد الرسول اولا على ضرورة البشارة. اما البشارة فليست “بحكمة كلام باطل لئلا يبطل صليب المسيح”.

لا يقصد الرسول بصليب المسيح الخشبة التي عُلّق عليها المسيح ولا حتى رواية الصلب بتفاصيل احداثها. القصد هو البشارة او الخبر السارّ بأن الله، بهذا الحدث الحاسم، صالحَنا لنفسه بيسوع المسيح غير حاسب الخطايا “إذ جعل الذي لم يعرف خطيئة خطيئة لأجلنا لنصير نحن برّ الله فيه” (انظر 2 كورنثوس 5: 18-21). هذه هي حكمة الله التي تبتعد كل البعد عن حكمة الناس، لذلك قال الرسول ان بشارته ليست بحكمة كلام بل “بحكمة الله في سر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيّنها قبل الدهور لمجدنا” (1كورنثوس 2: 7).

اذاً المبشر هو رسول حكمة الله. فما من تضارب في البشارة اذ لا تمتّ بصلة للحكمة البشرية. لا تضارب بين بولس وابلوس الساهرين على حكمة الله، وهذا يتضح في نهاية الرسالة اذ يكتب الرسول انه طلب من ابلوس ان يزور كورنثوس (انظر 1كورنثوس 16: 12) لكنه لم يأتِ اذ لم يسنّ له الوقت ووعد بأنه سيزور المدينة متى استطاع.

الويل للذين يزرعون الشقاق لأنهم بهذا يمزقون ثوب المسيح غير المخيط وهو القائل: “كونوا واحدا كما انا والآب واحد”.

الأحد 14 آب 1994 / العدد 33

|||| رسالة مطرانية اللاذقية::

الرسول بولس يحدثنا ويطلب إلينا أن نكون على رأي واحد رأي المسيح الواحد.

ويقول اتبعوا المسيح. بولس وأبولس وبطرس هؤلاء كلهم بشر زائلون.

فقط اتبعوا البشارة، جئتكم بالإنجيل، وإذا تمسّكتم بالإنجيل فأنتم للمسيح.

للشّرِ اسم وألبِسَة ! نعم للشرِّ اسمٌ.

الشرّ هو الشرير السّيء. الشرير هو انحراف لعطش الإنسان للمطلق كون الإنسان مخلوق لله فإنه بانفصاله عنه /عن الله/ يولد الشرّ.

الشر لايمكنه أن يغلب الله. لأن الله انحدرَ إلى الشر بسرّ الصليب المُحيي، والصليب المحيي يستطيع أن يغيّر ويغلب كل شيء.

كل حالة شر يمكن منذ الآن أن ينفَذ إليها نور الملكوت نعم للشرّ ألبسة جديدة وألوان مختلفة منذ أول التاريخ إلى أيامنا:

  • أولاً: النوم الروحي: النسيان لله وللذات وللآخر في سرّيته.
  • ثانياً: العدميّة : اليأس، عدم وجود “قوة داخلية” زمن التساؤل في “لاجدوى” و “لماذا”.. هكذا تكون حياتنا..

ثم يأتيك لباس جديد ألا وهو الإجهاض ونقتنع بذلك: “لماذا ننجب الأولاد؟ فكل شيء يجري بشكل سيّء.. إن جسدي هو ملك لي.. وما إلى ذلك…

ويتسرّب أيضاً الشرّ في الجنس: إن حضارتنا تريد أن تجعل من الجنس مكاناً حيث الحياة تكون كثيفة لدرجة تنسينا الموت، وهي بالوقت ذاته الحنين إلى الآخر الذي نريد ملاقاتِهِ بالجسد ونرفض تحوّله في ديمومته. ألبسة كثيرة جداً.. المهم أن نفتح قلوبنا /كما فعل اللص الثاني/ ببساطة.

أن نشعر أننا بحاجة إلى الخلاص وأنه يوجد فينا تمزّقاً: يتعّذر إصلاحه، ولباساً يتعّذر علينا أن ُنبعده. فقط بالرب يسوع يُصلح التمزّق ويمحو كلّ شر ولباسه.

الأحد 18 آب 2002 / العدد 33

{/magictabs}

arArabic
انتقل إلى أعلى