04:18_23 - Hunters of people

Text:
18 وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِياً عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19 فَقَالَ لَهُمَا:«هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ». 20 فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. 21 ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا. 22 فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ.
23 وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب.

الشرح

من ميزات إنجيل متى المأخوذ منه الفصل الإنجيلي أن يسوع لا يكون وحده, مثل المعلّمين في الأزمنة القديمة, يتبعه دائما أناس يسمعون تعليمه, فإما يقبلونه أو يرفضونه. ويشدد كاتب الإنجيل على هذه الناحية من عمل يسوع, فيعطي أهمية كبيرة للرسل الذين يسميهم في معظم الأحيان تلاميذ إشارة منه إلى أن المطلوب منهم أن يتبعوا معلّمهم “إلى حيث يذهب” ويسمعوا تعليمه وينقلوه إلى آخرين ليصبح هؤلاء, بدورهم, تلاميذ ليسوع.

ويظهر هذا الاهتمام بدور تلاميذ يسوع في مواضع كثيرة في إنجيل متى, منها, على سبيل المثال, مطلع الإصحاح الخامس حيث يتفوه يسوع بالعظة على الجبل أمام تلاميذه (5: 1), فتعجب جموع الناس لهذا التعليم (7: 28), الأمر الذي يعني أن يسوع المسيح يكلم تلاميذه, والجموع يصل إليها هذا التعليم وتسمعه من خلالهم. يأخذ التلاميذ هنا, إذا صح التعبير, دور موسى في العهد القديم الذي استلم الشريعة من الله على الجبل ونقلها إلى الشعب المنتظِر أسفل. وفي نهاية إنجيل متى يعطي يسوع المسيح السلطان المعطى له من الله الآب لتلاميذه ليذهبوا وينقلوا تعليم يسوع إلى الأمم معمّدين إياهم (28: 18 – 20).

يخبرنا نص انجيل اليوم عن بداية عمل الرب يسوع البشاري. كان الرب يسوع قد اعتمد من يوحنا في الأردن ثم أُصعد الى البرية حيث جُرب بأحابيل الشيطان فعاد من هناك منتصراً، واذ سمع أن يوحنا أُسلم انصرف الى الجليل، وترك الناصرة، وأتى فسكن في كفرناحوم التي عند البحر(بحر الجليل). ومن ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول ” توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات” ( انظر متى3: 13 الى 4 :17). نجد عند الإنجيلي لوقا تفصيلاً أوسع لدعوة كل من سمعان واندراوس ويعقوب ويوحنا، الرب يسوع كان يعلم عند البحيرة وهو جالس في سفينة بطرس وبعد أن انتهى من التعليم أمر بطرس الذي لم يُوفق بالصيد أن يلقي الشباك في الماء وعندها مسكوا سمكاً كثيراً وملأوا السفينتين. ولما رأى سمعان بطرس ذلك خرَّ عند ركبتي يسوع قائلاً: “أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ” ( انظر لوقا5 :1-11 ).

صار هذا الحدث بمثابة إعلان الهي لهؤلاء الصيادين، والتوقف ليس عند العجيبة بل عند مَنْ حقق العجيبة، واتضح أن من أعطى السمك الوفير الآن هو نفسه الذي كان يعطي دوماً وإن كان قبلاً محجوباً. هذا اليقين الذي اصاب الصيادين دفعهم إلى ترك الشباك والسير وراء مالئها. تبعوه من دون شرط او سؤال لأنهم علموا أنه لطالما اعطاهم ما يطلبونه وأنهم سيحصلون على مبتغاهم دون أن يسألوا. أنت لا تشترط على يسوع، بل تبكي بالتوبة بُعدَك عنه لأنك كنت محروما من نِعمه المسكوبة عليك الآن بغزارة.

“هلمَّ ورائي فأجعلكما صيادي الناس”: أسند الرب يسوع للصيادين مهمة جديدة وهي البشارة وقيادة الناس الى الحياة المتجلية في ملكوت السماوات، كلنا على عتبة هذه الحياة إنْ تجلى الرب يسوع في عمق همومنا ومشاغلنا وحاجاتنا، عندها تصبح حياتنا صيداً للحياة الأبدية. إنْ عكست حركاتنا وتصرفاتنا علاقة حميمية بالرب الفادي نكون مثل بطرس ورفقته قد انتقلنا من شباك الموت الى شباك الحياة الأبدية.

” وكان يسوع يطوف الجليل” إلى جانب الحديث عن دعوة التلاميذ, يذكر فصلنا الإنجيلي مرتين أن يسوع كان يعلّم ويعمل في الجليل. للكرازة في الجليل أهمية رمزية كبرى, ذلك أن الجليل يميّز أن اليهود فيه كانوا يعيشون مع الأمم, أي غير اليهود, الأمر الذي يعني أن كرازة يسوع موجّهة إلى اليهود والأمم على حدٍّ سواء. لذلك مهم أن يكون يسوع دعا تلاميذه في الجليل, وذلك حتى يرسلهم إلى “الخراف الضالة من بيت إسرائيل” أولا (متى 10: 6), ثم إلى جميع الأمم (متى 28: 19), لينقلوا إليهم تعليما واحدا وهو أن ملكوت الله قد اقترب بيسوع المسيح.

لم يستثنِ الرب يسوع احداً من بشارة الملكوت بل اخذ يطوف كل الجليل بغية جذب الجميع بشبكة الحياة. تعليمه وبشارته جعلا ملكوت السماوات حاضراً في حياة كل مستمع، وعلامة الحضور المحسوسة هي شفاء كل مرض وضعف. لم تكن هذه الشفاءات هي الملكوت بل كانت قبساً منه، تذوقاً للنعم التي يتضمنها الملكوت. لكن هذه الشفاءات تفقد فعاليتها ان عدنا بها الى الحياة المنثورة حول المشاكل والاهتمامات والمشاغل والأهواء، فنقطع على انفسنا الطريق الى الملكوت اذ نمزق شباك الحياة ونسقط مجدداً في شباك الموت.

دعوة الرسل للقديس افرام السرياني:

أتوا إليه صيادي سمك, وأصبحوا صيادي الناس: “في ذلك الزمان فيما كان يسوع ماشيا على شاطئ بحر الجليل رأى أخوين وهما سمعان المدعو بطرس واندراوس أخوه يلقيان شبكة ي البحر لأنهما كانا صيادين فقال لهما: هلمّ ورائي فأجعلكما صيادي الناس (متى 4: 18 – 23). وهذا ما سبق أن قال عنه إرمياء النبي: “ها أنذا مُرسل صيادين فيقتنصونهم عن كل الجبال والمرتفعات” (16: 16) !

لو كان أرسل حكماء, لقالوا إنهم أقنعوا الشعب فكسبوه, أو أنهم خدعوه فاستولوا عليه. ولو كان الرسل أغنياء لقالوا إنهم موَّهوا على الشعب بإشباعه, أو إنهم رشوه فسيطروا عليه ! ولو أرسل أقوياء لقالوا إنهم هوَّلوا له بالقوة أو قمعوه بالعنف !

غير أن الرسل لم يكن لديهم شيء من كل هذا. فقد أظهر الرب ذلك للجميع بمثل سمعان؛ كان جبانا فخاف من صوت خادمة؛ وفقيراً فلم يستطيع أن يدفع قسطه من الجزية, نصف إستار. ويقول: “ليس لدي ذهب ولا فضة” (أعمال 3: 6). ولم يكن مثقفا ليعرف أن يتخلَّص بحيلة عندما أنكر الرب.

فخرج إذاً صيادو السمك هؤلاء, وتغلبوا على الأقوياء والأغنياء والعقلاء. يا للأعجوبة العظمى ! ضعفاء على هذا الشكل, استمالوا الأقوياء إلى عقيدتهم بغير عنف؛ مساكين علَّموا الأغنياء, وجهلة جعلوا من الحكماء والفقهاء تلاميذ لهم. لقد أفسحت حكمة العالم مجالا لهذه الحكمة التي هي الحكمة بالذات

My parish bulletin
الأحد 13 حزيران 1999
العدد 24

en_USEnglish
Scroll to Top