في التقدم في المسيح

أجل، إنه لوارد القول بأنّ المسيح “كان يتقدّم بالحكمة والسنّ والنعمة” (لوقا2: 52). ذلك أنه فيما كان ربنا يزداد سنّاً، كان -وهو يزداد سنّاً- يكشف كشفاً تدريجياً الحكمة المكنونة فيه والتقدّم أيضاً الذي هو للناس في الحكمة والنعمة مع تتميمه مسرّةَ أبيه أي المعرفة الإلهيّة وخلاص البشر، محقّقاً في ذلك تقدّمه الخاص ومختصّاً لذاته في كل شيء بما هو لنا.

أما الذين يقولون بأنّ تقدمه في الحكمة والنعمة قائم بتقبّله زيادة إضافية منهما، فهم لا يقولون بأن الاتحاد كان منذ بدء وجود الجسد، ولا يعتقدون بالاتحاد في أقنوم، بل أظنُّهم يشعوذون مع نسطوريوس الباطل، بقولهم باتحاد شكلي ومجرّد مساكنة، “وهم لا يفهمون ما يقولون ولا ما يثبتون” (1تيموثاوس1: 7). فإذا كان الجسد قد اتحد حقاً بالله الكلمة منذ بدء وجوده، بل إنه قد ابتدأ فيه ونال فيه وحدة هويّته الأقنوميّة، فكيف هو لم يستملك استملاكاً تاماً كلّ حكمة ونعمة؟ والأمر ليس أنّ هذا الجسد قد اشترك بالنعمة أو حظي على نعمة مما هو للكلمة، بل بالأحرى -بسبب الاتحاد في أقنوم- قد صارت البشريات والإلهيات مسيحاً واحداً. وعليه، فإنّ ذاك نفسه الذي كان إلهاً وإنساناً معاً، كان جسده ينبع النعمة والحكمة ويفيض الخيرات للعالم.

en_USEnglish
Scroll to Top