في بقاء اللاهوت غير منفصل عن الناسوت حتى في موت الربّ وبقاء الأقنوم واحداً

لمّا كان ربنا يسوع المسيح منزّهاً عن الخطأ، – لأن “رافع خطيئة العالم” (يوحنا1: 29) لم يفعل الخطيئة و”لم يوجد في فمه مكر” (أشعيا53: 9)- فهو لم يكن خاضعاً للموت، إذ إنّ الموت قد دخل العالم بالخطيئة. إذاً، فإنّ الذي ارتضى بالموت لأجلنا بموت ويُقرّب ذاته للآب ذبيحة من أجلنا، فإننا قد أخطأنا نحوه وأصبح هو بحاجة إلى أن يقدّم ذاته فدية عنا، وبذلك يحلّنا من الحكم علينا. ولكن حاشا أن يكون دم الربّ قد تقرّب للطاغية! فإنّ هذا لمّا أسرع لابتلاع طعم الجسد جُرح بصنّارة اللاهوت إذ ذاق الجسد المنزّه عن الخطأ والمحيي. وحينذاك قد تعطّل وردَّ جميع الذين قد ابتلعهم قديماً. وكما أنّ الظلام يتبدّد بإشراقة النور كذلك يضمحلُّ الفساد بهجوم الحياة. لأنّ الحياة تعمُّ الجميع والفساد يعود إلى المفسِد.

أقنوم المسيح واحدٌ، وليس بحد ذاته ورغم تجزئته: إذاً فإنّ المسيح، ولو كان قد مات بصفته إنساناً وكانت نفسه المقدّسة قد انفصلت عن جسده الأطهر، لكنَّ اللاهوت ظلَّ بلا انفصال عن كليهما، لا عن النفس ولا عن الجسد. وأقنومه الواحد لم ينقسم بذلك إلى أقنومين. لأن الجسد والنفس -منذ ابتدائهما- قد نالا الوجود في أقنوم الكلمة بالطريقة نفسها، وفي انفصال أحدهما عن الآخر بالموت، ظلَّ كل منهما حاصلاً على أقنوم الكلمة الواحد، حتى إن أقنوم الكلمة الواحد ظلّ أقنوم الكلمة والنفس والجسد. فإن النفس والجسد لم يحظيا قط بأقنوم خاص لكل منهما خارجاً عن أقنوم الكلمة، وإن أقنوم الكلمة ظلّ دائماً واحداً ولم يكن قط اثنين، حتى إن أقنوم المسيح هو دائماً واحد. وإذا كانت النفس قد انفصلت عن الجسد انفصالاًَ مكانياً، فقد ظلّت متحدة به اتحاداً أقنومياً بواسطة الكلمة.

arArabic
انتقل إلى أعلى