Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

الفصل الرابع والعشرون

الرد على بعض اعتراضات أخرى. المسيح لم يختر طريقة موته لأنه كان يجب أن يبرهن على أنه قاهر للموت في كل صوره وأشكاله، مثل المصارع القوى. طريقة الموت التي اختاروها للإمعان في تحقيره برهن بها نصرته على الموت. وفوق ذلك حفظ جسده سليماً غير منقسم.

1 ـ ومن الضروري أن نردّ مقدماً على ما يمكن أن يعترض به الآخرون. فقد يقول قائل ما يلي: لو كان لابد أن يحدث موته أمام أعين الجميع وبشهادة شهود، لكي يُصدَّق خبر قيامته، لكان من الأفضل على أي حال أن يخطّط لنفسه موتاً مجيداً، لكي يهرب على الأقل من عار الصليب.

2 ـ ولكن حتى لو فعل هذا لأعطى فرصة للتشكك في شخصه، وكأنه لا يقوى على كل أشكال الموت بل فقط على الموت الذي اختاره بنفسه، ولكان هذا حجة لعدم الإيمان بالقيامة أيضاً. وهكذا أتى الموت إلى جسده، ليس بتدبيره هو بل بمشورة أعدائه، حتى أن أي شكل من أشكال الموت يأتون به إلى المخلّص(1) يستطيع هو أن يبيده كلية.

3 ـ وكما أن المصارع النبيل، العظيم في المهارة والشجاعة، لا يختار خصومه بنفسه، لئلا يُشك أنه يخشى مواجهة بعضٍ منهم، بل يترك الأمر لاختيار المشرفين على المباراة لاسيما لو كانوا أعداءً له، حتى إن أي مصارع يضعونه هم أمامه ينتصر هو عليه؛ وبهذا يؤمنون بأنه فاق الجميع. هكذا الحال أيضاً مع ربنا ومخلّصنا المسيح، حياة الكل، فإنه لم يختر لجسده موتاً معيناً، لكي لا يبدو وكأنه يخشى شكلاً آخر للموت؛ فالموت الذي قَبِلَه واحتمله على الصليب قد أوقعه عليه آخرون ـ اللذين هم أعداؤه، ظانين أن هذا الموت مرعب ومهين ولا يمكن احتماله ـ لكن المسيح أباد هذا الموت، فآمن الجميع أنه هو الحياة، الذي به تتم إبادة سلطان الموت كلية.

4 ـ وهكذا حدث أمر عجيب ومذهل لأن الموت الذي أوقعوه عليه ظانين أنه موت مهين حوّله هو إلى علامة للنصرة على الموت ذاته(2).

ولهذا فإنه لم يمت موت يوحنا بقطع الرأس، ولا مات موت إشعياء بنشر الجسد، وذلك لكي يحفظ جسده غير منقسم وصحيحاً تماماً حتى في موته، وحتى لا تكون هناك حجة لأولئك الذين يريدون أن يقسّموا الكنيسة(3).

الفصل الخامس والعشرون

ولماذا تم الموت بالصليب من بين كل أنواع الموت؟ لأنه كان يجب أن يحمل عنا اللعنة. هو بسط يديه على الصليب لكي يوحد الجميع ـ اليهود والأمم ـ في شخصه لأنه انتصر على “رئيس سلطان الهواء” في منطقته، مخلياً الطريق إلى السماء وفاتحاً لنا الأبواب الدهرية.

1ـ وهذا يكفى للرّد على الذين هم من خارج(4) الذين يحشدون المجادلات(5) ضدنا. ولكن لو أراد أحد من شعبنا أن يسأل(6) ـ لا حباً في الجدل بل حباً في التعلّم ـ لماذا لم يمت بأي شكل آخر غير الصليب، فهذا أيضاً نخبره بأنه لم تكن هناك طريقة أخرى نافعة لنا سوى هذه، وأنه كان أمراً حسناً أن يحتمل الرب هذا الموت من أجلنا.

2 ـ لأنه إن كان قد جاء ليحمل اللعنة الموضوعة علينا(7)، فكيف كان ممكناً أن (يصير لعنة) بأي طريقة أخرى ما لم يكن قد قَبِلَ موت اللعنة الذي هو (موت) الصليب؟لأن هذا هو المكتوب:” ملعون كل من علق على خشبة “(8).

3 ـ وإضافة إلى ذلك، إن كان موت الرب هو فدية (lÝtron) (9) عن الجميع وبواسطة موته هذا نقض “حائط السياج المتوسط”(10) وصارت الدعوة لجميع الأمم، فكيف كان ممكناً أن يدعونا إليه لو لم يكن قد صُلِبَ؟ لأنه على الصليب وحده يمكن أن يموت إنسان باسطاً ذراعيه. لهذا كان لائقا بالرب أن يحتمل هذا الموت ويبسط ذراعيه، لكي بأحدهما يجتذب الشعب القديم وبالذراع الأخر يجتذب الذين هم من الأمم(11)، ويوّحد الاثنين في شخصه.

4 ـ لأن هذا ما قاله هو نفسه عندما كان يشير إلى المِيتَة التي كان مزمعاً أن يفدى بها الجميع إذ قال ” وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع “(12).

5 ـ وأيضاً، إن كان الشيطان عدو جنسنا إذ قد سقط من السماء(13) يجول في أجوائنا السفلية(14) ويتسلط فيها على الأرواح الأخرى المماثلة له في المعصية، ويحاول أن يخدع الذين تغويهم هذه الأرواح كما أنه يعوق الذين يرتفعون إلى فوق(15)، وعن هذا يقول الرسول ” حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية “(16)، فإن الرب قد جاء ليطرح الشيطان إلى أسفل(17)، ويطهّر الهواء ويُعِدّ لنا الطريق الصاعد إلى السماء كما يقول الرسول ” بالحجاب أي جسده “(18)، وهذا يلزم أن يتم بالموت. فبأي نوع آخر من الموت كان ممكناً أن يتم هذا، إلاّ بالموت الذي تم في الهواء، أي (موت) الصليب؟ فإن الذي يموت بالصليب هو وحده الذي يموت (معلقاً) في الهواء. ولذلك كان لائقاً جداً بالرب أن يموت بهذه الطريقة.

6 ـ لأنه إذ رُفع هكذا فقد طهّر الهواء من كل خبث الشيطان وكل الأرواح النجسة(19) كما يقول: “رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء”(20) وافتتح طريقاً جديداً للصعود إلى السماء(21) كما هو مكتوب ” ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية “(22).

فلم يكن الكلمة نفسه هو المحتاج لانفتاح الأبواب إذ هو رب الكل(23) ـ فلم تكن مخلوقاته(24) مغلقة في وجهه هو الذي خلقها ـ بل نحن الذين كنا في احتياج إلى ذلك (أي إلى انفتاح الأبواب)، نحن الذين حملنا في جسده الخاص. لأنه كما قدّم جسده للموت عن الجميع، هكذا، بنفس هذا الجسد أيضاً، أعدّ الطريق للصعود إلى السموات.

الفصل السادس والعشرون

أسباب قيامته في اليوم الثالث. لم تتم قبل ذلك لئلا يشك في أنه مات موتاً حقيقياً، ولا بعد ذلك (أولاً) لكي يحتفظ بسلامة جسده، (ثانياً) لكي لا يعلق نفوس التلاميذ طويلاً، (ثالثاً) لكي لا ينتظر حتى يتشتت الذين شهدوا موته أو تتلاشى من الذاكرة حادثة الموت.

1 ـ إذاً فقد كان الموت من أجلنا على الصليب لائقاً وملائماً. وقد اتضح أن سببه كان معقولاً من جميع الوجوه، ومن الحق أن يقال إنه لم تكن هناك طريقة أخرى يتحقق بها خلاص الجميع سوى الصليب(25). لأنه حتى على الصليب فإنه لم يجعل نفسه مختفياً بل بالحري فإنه جعل الطبيعة تشهد لحضور خالقها(26)، وبعد ذلك لم يَدَع هيكل جسده يظل وقتاً طويلا ميتاً، إلاّ بالقدر الذي أظهر فيه أن الجسد مات باحتكاك الموت به، ثم أقامه حالا في اليوم الثالث، حاملا عدم الفساد وعدم التألم اللذين حصلا لجسده، كعلامة للظفر والانتصار على الموت(27).

2 ـ ولقد كان يستطيع أن يقيم جسده بعد الموت مباشرة، ويظهره حياً، ولكن المخلّص بحِكمَة وبُعد نظر لم يفعل هذا لأنه لو كان قد أظهر القيامة في الحال لكان من المحتمل أن يقول أحدهم إنه لم يمت بالمرة أو إن الموت لم يلمسه بشكل كامل.

3 ـ وربما لو كانت القيامة قد حدثت في اليوم التالي للموت مباشرة لما ظهر مجد عدم فساد جسده. ولذلك فلكي يتأكد موت الجسد فإن الكلمة أبقاه يوماً آخر، وفى اليوم الثالث أظهره عديمَ الفساد أمام الجميع.

4 ـ إذاً فلكي يتأكد موت الجسد لذلك أقامه في اليوم الثالث(28).

5 ـ ولكن لو أنه أقام الجسد بعد أن بقى فترة طويلة، وبعد أن يكون قد فسد تماماً، فقد يُشَك فيه كأنه قد استبدل جسده بجسد أخر. لأن الإنسان بمرور الزمن قد يشك فيما سبق أن رآه، وينسى ما قد حدث فعلاً. لهذا السبب فإن الرب لم ينتظر أكثر من ثلاثة أيام، كما أنه لم يترك الذين سبق فأخبرهم عن القيامة معلقين لفترة طويلة.

6 ـ ولكن بينما كانت أقواله لا تزال ترن في آذانهم، وكانت عيونهم لا تزال في حالة توقع وعقولهم معلّقة حائرة، وإذ كان الذين قتلوه لا يزالون أحياءً على الأرض وفى نفس المكان، ويمكن أن يشهدوا بموت جسد الرب؛ فإن ابن الله نفسه ـ بعد فترة ثلاثة أيام ـ أظهر جسده الذي كان قد مات غير مائت وعديم الفساد. وقد اتضح للجميع أن الجسد قد مات ليس بسبب أي ضعف في طبيعة الكلمة الذي اتحد بالجسد، بل لكي يُباد الموت فيه (في الجسد) بقوة المخلّص(29).

الفصل السابع والعشرون

التغيير الذي أتمه الصليب في علاقة الإنسان بالموت.

1 ـ إن كان كل تلاميذ المسيح يزدرون بالموت وجميعهم يواجهونه بقوة، ولم يعودوا بعد يخشونه(30)، بل بعلامة الصليب وبالإيمان بالمسيح يطأونه كميت، فإن هذا برهان غير قليل، بل بالحري دليل واضح على أن الموت قد أُبيد(31) وأن الصليب قد صار هو الغلبة عليه(32)، وأن الموت لم يَعُد له سلطان(33) بالمرة بل قد مات حقاً(34).

2 ـ فقديماً، قبل المجيء الإلهي للمخلّص، كان الموت مرعباً حتى بالنسبة للقديسين، وكان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا(35). أما الآن، بعد أن أقام المخلّص جسده، لم يعد الموت مخيفاً(36) لأن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه لا شيء(37)، بل بالحري يُفضّلون أن يموتوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح، لأنهم يعرفون بكل يقين أنهم حينما يموتون فهم لا يفنون بل بالحري يحيون عن طريق القيامة ويصيرون عديمي فساد(38).

3 ـ أما ذلك الشيطان الذي بخبثه فرح قديماً بموت الإنسان(39) فإنه الآن وقد نُقِضت أوجاع الموت(40)، فالوحيد الذي يبقى(41) ميتاً حقاً هو الشيطان، والبرهان على هذا هو أن الناس ـ قبل أن يؤمنوا بالمسيح ـ كان يرون الموت مفزعاً ويجبنون أمامه، ولكنهم حينما انتقلوا إلى إيمان المسيح وتعاليمه فإنهم صاروا يحتقرون الموت احتقاراً(42) عظيماً لدرجة أنهم يندفعون(43) نحوه بحماس ويصبحون شهوداً للقيامة التي انتصر بها المخلّص عليه. إذ بينما لا يزالون صغار السن فإنهم يدرّبون أنفسهم بجهادات ضد الموت، مسارعين إليه، ليس الرجال منهم فقط بل والنساء أيضاً. وقد صار الشيطان ضعيفاً حتى أن النساء اللواتي انخدعن منه قديماً، فإنهن الآن يسخَرون منه كميت وعديم الحركة.

4 ـ وكما يحدث حينما يهزم ملك حقيقي طاغية ويربط يديه ورجليه، فحينئذ يهزأ به كل العابرين، ويضربونه ويزدرون به ولا يعودون يخافون غضبه ووحشيته، بسبب الملك الذي غلبه، هكذا الموت أيضاً إذ قد هزمه المخلّص وشهّر به على الصليب وربط يديه ورجليه، فإن جميع الذين هم في المسيح، إذ يعبرون عليه، فإنهم يدوسونه وفى شهادتهم للمسيح يهزأون به، ويسخرون منه(44)، مردّدين ما قد قيل عنه في القديم ” أين غلبتك يا موت، أين شوكتك(45) يا هاوية “(46).

الفصل الثامن والعشرون

هذه الحقيقة الفريدة تختبر عملياً. وعلى الذين يشكّون فيها أن يؤمنوا بالمسيح ليروا بأنفسهم.

1 ـ وحينما يحتقر الشبّان والشابّات الذين في المسيح هذه الحياة ويرحبون بالموت، فهل يكون هذا إذن برهاناً هيناً على ضعف الموت؟ أو هل هو إيضاح ضئيل للنصرة التي حققها المخلّص عليه؟(47)

2 ـ فالإنسان بطبيعته يرهب الموت ويخشى انحلال الجسد. ولكن المدهش جداً أن من قد تسلّح بالإيمان بالصليب فإنه يحتقر كل ما هو مفزع بالطبيعة، ومن أجل المسيح فإنه لا يخاف الموت.

3 ـ وعلى سبيل المثال، فإن خاصية النار الطبيعية هي الإحراق. فإن قال أحد إن هناك مادة لا تخضع لقوة إحراق النار بل بالحري تُثبْت أن النار ضعيفة كما يقول الهنود عن مادة الأمينت(48) (أي الاسبستوس)، ومن لا يصدّق هذه الرواية، فعليه إن أراد أن يختبرها أن يرتدى حُلّة من هذه المادة ويتعرض بها للنار، ليتأكد من ضعف النار أمام الأمينت.

4 ـ أو إن أراد أحد أن يرى الطاغية موثقاً فعليه أن يذهب إلى مملكة ذاك الذي قهره ليرى الطاغية المفزع للآخرين وقد صار ضعيفاً(49). وهكذا أيضاً فإن كان هناك شخص لا يزال متشككاً، حتى بعد هذه البراهين الكثيرة وبعد أن استشهد كثيرون لأجل المسيح، وبعد الاحتقار للموت الذي يُظهره كل يوم أولئك الذين لهم حياة متلألئة في المسيح، وإن كان هذا الشخص لا يزال عقله متشككاً في أن الموت قد أُبيد وانتهى، وإن كان يتعجب من أمر عظيم كهذا، فدعه لا يكون عنيداً في تشككه، ولا يقسّي قلبه أمام أمر واضح جداً كهذا الأمر.

5 ـ بل كما أن الشخص الذي ارتدى حلة الأمينت يدرك ضعف النار أمام هذه المادة، وكذلك من يريد أن يرى الطاغية مربوطاً عليه أن يذهب إلى مملكة الذي قهره، هكذا بالمثل أيضاً فإن من يتشكّك في الغلبة التي تمت على الموت، فعليه أن يقبل إيمان المسيح ويدخل إلى تعليمه(50)، وسوف يرى بنفسه ضعف الموت والنصرة التي تمت عليه. لأن كثيرين ممن كانوا فيما مضى متشككين ومستهزئين قد آمنوا فيما بعد، وهكذا احتقروا الموت لدرجة أنهم صاروا شهداء لأجل المسيح نفسه(51).

الفصل التاسع والعشرون

نتائج عجيبة سببها صلب المسيح وقيامته. كما أن النهار هو نتيجة لإشراق الشمس.

1 ـ فإن كان الموت يداس بالإيمان بالمسيح وبعلامة الصليب، فلابد أن يكون واضحاً أمام محكمة الحق(52)، أنه ليس أحد آخر سوى المسيح نفسه له الغلبة والنصرة على الموت وهو الذي أفقده كل قوته.

2 ـ وإن كان الموت مرعباً وقوياً فيما سبق، والآن بعد مجيء المخلّص وموت جسده وقيامته فإن الموت يُحتقر، فلابد أن يكون واضحاً أن المسيح نفسه الذي صعد على الصليب(53) هو الذي أباد الموت وغلبه(54).

3 ـ لأنه كما أن الشمس تشرق بعد الليل، وتستنير بها الأرض كلها فلا يكون هناك شك بالمرة في أن الشمس هي التي نشرت نورها في كل مكان وهى التي بدّدت الظلام وأنارت كل الأشياء(55)، هكذا أيضاً إن كان الموت قد احتُقر ووُطئ تحت الأقدام منذ الظهور الخلاصي للمخلّص في الجسد وموته على الصليب(56)، فيبقى أن يكون واضحاً تماماً أن المخلّص نفسه الذي ظهر في الجسد هو الذي أباد الموت وهو الذي يُظهر علامات النصرة على الموت في تلاميذه كل يوم.

4 ـ لأنه عندما يرى الإنسان أن البشر الضعفاء بطبيعتهم(57) يسرعون إلى الموت ويتهافتون عليه ولا يخشون فساده ولا ينزعجون من موارتهم في القبر، بل يتحدّون الموت بحماس، ولا يجزعون من التعذيب، بل بالعكس فإنهم من أجل المسيح يندفعون نحو الموت بحماس(58) مفضلّينه على الحياة هنا، أو عندما يشاهد الإنسان بنفسه الرجال والنساء والأطفال يندفعون ويقفزون إلى الموت لأجل الإيمان بالمسيح، فمن يكون غبياً بهذا القدر أو من يكون متشككاً أو عديم العقل حتى أنه لا يُدرك ولا يفهم أن المسيح الذي يشهد له هؤلاء الناس هو نفسه الذي يَهِب ويعطى كل واحد منهم النصرة على الموت؟ إذ أنه يجعل الموت ضعيفاً أمام كل من يتمسك بإيمان المسيح، ويحمل علامة الصليب.

5 ـ من ذا الذي يرى الحيّة مدوسة تحت الأقدام(59) ـ وخصوصاً وهو يعرف توحشها السابق ـ ويشك في أنها قد ماتت وفقدت قوتها تماماً، إلاّ إذا كان قد فقد اتزانه العقلي أو كانت حواسه الجسدية غير سليمة؟ ومن ذا الذي يرى أسداً(60) والأطفال(61) يلعبون به ولا يعرف إما أنه ميت أو أنه فقد كل قوته؟(62)

6 ـ وكما أنه يمكن أن نرى بأعيننا أن كل هذا حق، هكذا فحينما يعبث مؤمنو المسيح بالموت ويحتقرونه فيجب ألاّ يشك أحد فيما بعد ولا يبقى غير مصدَّق بأن المسيح قد أبطل الموت وأوقف فساد الموت وأباده.


(1) 1 موت الصليب وما استتبعه من قيامة أثبت أن المسيح ليس هو إنسان مائت بل هو المخلّص الذي قضى على الموت الذي فرضه عليه أعداؤه وبالتالي قضى على كل أشكال الموت.

(2) 1 انظر ضد الوثنيين. فصل 1.

(3) 2 يرى القديس أثناسيوس أنه بالرغم من أن الكتاب المقدس يورد حادثتى موت يوحنا وإشعياء اللذان ماتا بطريقة علنية، إلاّ أن الرب لم يختر أي منها وهنا يعطى القديس أثناسيوس سببين لهذا. والجدير بالذكر أن السبب الأخير كثيراً ما يفسر على أنه يشير إلى الهرطقة الآريوسية التي عانت منها الكنيسة طويلاً.

(4) 1 الذين هم من خارج “ oƒ œxwqen “ تعبير شائع استخدامه في العهد الجديد لوصف من هم غير مسيحيين. غلا13:3، تث 23:21.

(5) 2 المجادلات هي سمة من سمات الفلاسفة. انظر فصل 50 وأيضاً كان يثيرها الهراطقة. انظر المقالات ضد الآريوسيين 1/6، 2/1، 3/10.

(6) 3 تعبير”أن يسأل” zhte‹n هو تعبير تقنى فلسفى خاص بعملية البحث والتحرى عن أمر ما، ويوضح القديس أثناسيوس مصادر المعرفة التي هي الكتب المقدسة وتعاليم الآباء في فصل 56/1،2.

(7) 4عندما أشار القديس أثناسيوس إلى قصة السقوط في فصل4، لم يذكر أن الإنسان قد لُعن، بينما يذكر سفر التكوين إصحاح4 أن الحيّة هي التي لُعنت، أما الإنسان فقد عوقب بالموت. ما يذكره القديس أثناسيوس هنا له أساس كتابي أيضاً من رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية إصحاح 13:3.

(8) 1 أفسس14:2.

(9) 2 السبب الثاني لموت المسيح على الصليب هو رفع الحاجز بين اليهود والأمم. ولقد استخدم القديس أثناسيوس هنا الفعل ” نقض lÝein ” وهو فعل يناسب في اليونانية كلمة ” فدية lÝtron ” التي يصف بها موت الرب عن الجميع، كما يلاحظ أن القديس أثناسيوس قد استخدم تعبيراً يونانياً آخر لكلمة “فدية” وهو ¢ntˆyucon وذلك في فصل 9/2.

(10) 3 أف 14:2.

(11) 4 يتبع القديس أثناسيوس فكر القديس إيريناوس (ضد الهرطقات17:5.4) في أن المسيح بسط ذراعيه على الصليب لجذب اليهود بذراع والأمم بذراعه الآخر.

(12) 5 يو 32:12.

(13) 1 في موضع آخر يوضح القديس أثناسيوس سبب سقوط الشيطان. ففي سياق حديثه عن البدعة الآريوسية يصف أفكار الآريوسيين القائلة بعدم وحدة جوهر الآب والابن بأنها أفكار شريرة، فالقديسون وبالأكثر الملائكة يؤمنون بألوهية الابن، أما الشيطان فهو شرير ومخالف لهذه العقيدة وهذا هو سبب سقوطه (راجع القديس أثناسيوس عن مجمعي أرمينيا وسيلفكيا 48) وهناك يستخدم القديس أثناسيوس آية إنجيل لوقا 18:10 ” فقال لهم يسوع: رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق “.

(14) 2 تمثل ” الأجواء السفلى ” مكان تواجد الشيطان وذلك حسب تصور العصر المسيحي المبكر. انظر على سبيل المثال أوريجانوس: المبادئ 2، 11، 6. وفي الحقيقة فإن هذا التصور يرجع إلى الفلاسفة اليونانيين (انظر أفلاطون في t£maioj 127-136). ويوضح القديس أثناسيوس نصرة السيد المسيح على الشياطين وطرده للأرواح الشريرة في الفصل 48. بينما يذكر كل حيل وضلالات الشياطين وصراعاتهم في الفصل 47.

(15) 3 السبب الثالث لموت المسيح عن طريق الصليب هو رفع الحاجز الذي وضعه الشيطان بين السماء والأرض. إذ أنه بمشورة الشيطان وبحسد إبليس جلب البشر على أنفسهم الموت والفساد (انظر فصل 5). انظر أيضاً ما ذكره القديس أثناسيوس في كتابه “حياة أنطونيوس ” عن الرؤيا التي رآها القديس أنطونيوس عن مقاومة الأرواح الشريرة للنفوس الصاعدة إلى السماء (حياة أنطونيوس 65، 66).

(16) 4 أف 2:2 سبق لأوريجانوس استخدام هذا النص كشاهد كتابي على وجود الشياطين في أجواء الهواء السفلية (المبادئ 2، 11، 6).

(17) 5 انظر لو18:10.

(18) 6 عب 20:10 انظر أيضاً المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 65 حيث يشرح القديس أثناسيوس هذه الآية في إطار دفاعه ألوهية الابن.

(19) 1 الضربة التي وُجهت للشياطين تكمن في فضح غواياتهم التي أضلت البشر وقادتهم للهلاك وعندما تم فضح الشيطان عاد البشر إلى معرفة الله الحقيقية.

(20) 2 لو 18:10.

(21) 3 هذا التعبير متأثر بما جاء في عب20:10 ” فإذا لنا أيها الاخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقاً كرَّسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أي جسده “، انظر أيضاً الرسالة إلى ادلفيوس 7، الرسالة الفصحية رقم 22، حياة أنطونيوس 22 حيث يكرر القديس أثناسيوس نفس المعنى.

(22) 4 مز 7:24.

(23) 5 يشرح القديس أثناسيوس هذه الآية بالتفصيل في سياق رده على الآريوسيين الذين أنكروا ألوهية الكلمة جاعلين إياه ضمن المخلوقات. انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 41.

(24) 6 يقصد “بمخلوقاته” الأبواب الدهرية.

(25) 1 هذه الفقرة تلخص ما تم شرحه بالتفصيل في الفصول من 21ـ25.

(26) 2 انظر فصل 19/3.

(27) 3 انظر فصل 21/7.

(28) 1 يمكن مقارنة الفقرات 2ـ4 بما جاء في الفصل 16 فقرة 4 ” ولهذا السبب أيضاً فإنه لم يتمم ذبيحته عن الكل بمجرد مجيئه مباشرةً بتقديم جسده للموت ثم إقامته ثانية لأنه لو فعل ذلك لجعل ذاته غير ظاهر ولكنه صيّر نفسه ظاهراً جداً بتلك الأعمال التي عملها وهو في الجسد والمعجزات التي أظهرها وبذلك صار معروفاً أنه ليس بعد مجرد إنسان فقط بل هو الله الكلمة. أي أن السيد المسيح لم يتمم ذبيحته عن الكل ” في الحال ” كما أنه لم يُظهر قيامته ” في الحال ” بعد موته، وفي كلتا الحالتين أراد أن يتيقن الجميع أنه الله ” الكلمة ” الذي ظهر في الجسد.

(29) 2 الجملة الأخيرة تلخص وتشدد على كل ما جاء في فصل 21.

(30) 1 انظر فصل 28/2.

(31) 2 الموت الذي من نتيجته ” انحلال الجسد ” (28/2) وانفصال النفس عن الجسد (ضد الوثنيين 2:33) هو نفسه قد أُبيد ومات.

(32) 3 عن أن موت الصليب هو علامة نصرة على الموت. انظر فصل 22.

(33) 4 عن سيادة الموت وسلطانه كملك على البشر بعد سقوطهم. انظر فصل 4/4، فصل 8/2. وفي فصل 10/1 يعطى القديس أثناسيوس تشبيهاً آخر للموت بأنه لص سطى على مدينة الملك.

(34) 5 عن أن الموت الذي اختاروه للمسيح للمبالغة في تحقيره كان بالذات علامة للانتصار على الموت نفسه انظر فصل 24/4.

(35) 6 يصف القديس أثناسيوس ما كان يفعله البشر قديماً حيال الأموات منهم. انظر ضد الوثنيين10/3.

(36) 7 يسجل يوستينوس المدافع والشهيد موقف المسيحيين وعدم خوفهم من الموت قائلاً: “لأنى أنا أيضاً عندما كنت بعد أدرس تعاليم أفلاطون، وكنت أرى المسيحيين المفترى عليهم وهم غير خائفون من الموت ولا من الأشياء التي ترهب الإنسان، تيقنت أنه من المستحيل أن تكون حياة هؤلاء الناس مليئة بالشرور والملذات كما يُفترى عليهم ” (الدفاع الثاني 12/1).

(37) 1 الموت الذي كان يهدد البشر بالفناء والعدم أصبح بواسطة المسيح كالعدم ” وكأنه لا شيء “، ولم يعد المؤمنون بالمسيح يعيشون تحت تهديد الفناء والعدم بالموت.

(38) 2 انظر فصل 21/1.

(39) 3 الشيطان كان يحسد الإنسان على عطية عدم الموت ولهذا يذكر القديس ” أثناسيوس أن الموت دخل إلى العالم بحسد إبليس ” انظر فصل 5/2.

(40) 4 انظر أع 24:2.

(41) 5 يستخدم القديس أثناسيوس نفس هذا الفعل “يبقى” في فصل 5:4 ليصف حالة الإنسان بعد السقوط.

(42) 6 يعود القديس أثناسيوس للحديث عن شجاعة الشهداء في مواجهة الموت وذلك في الفصول29، 48

(43) 7 يستخدم القديس أثناسيوس فعل “ Ðrm£n “ ” يندفعون ” في فصل 2:31 من مقالته ضد الوثنيين وذلك ليفرق بين الإنسان العاقل والمخلوقات غير العاقلة (الحيوانات) فيقول: “.. إن الإنسان هو وحده الذي يفكر فيما هو خارج عن نفسه، ويعلل الأشياء غير الموجودة أمامه فعلاً ويتأمل ويختار الأفضل، لكن الحيوانات غير العاقلة ترى فقط ما هو أمامها ولا تستجيب إلاّ بما تقع عليه أعينها حتى لو كانت النتائج ضارة بها. بينما لا “يندفع Ðrm£ ” الإنسان بمجرد رؤيته لشئ ما بل يحّكم فكره فيما يراه بعينيه ” والقصد واضح من استخدام القديس أثناسيوس لنفس الفعل في سياق حديثه عما يفعله المؤمنون بالمسيح تجاه الموت إذ يريد أن يوضح أن رد فعلهم أمام الموت ليس بلا وعى بل بإدراك حقيقي وإيمان بأن الموت لا سلطان له عليهم بعدما أُبيد بموت المسيح وقيامته.

(44) 1 في فصل 4:55 يعطى القديس أثناسيوس تشبيهاً آخر للملك ليوضح به أيضاً خضوع البشر للملك الحقيقي وتركهم للطاغية المزيف.

(45) 2 كلمة شوكة في الأصل اليوناني هي “TÒ kšntron ” وتعنى “ذَنبَ” العقرب أو “ذَنبَ” النحلة الذي يلدغ. والمعنى هنا في الآية أنه بقوة المسيح أُبطلت قدرة الموت والهاوية على إيذاء المؤمنين بالمسيح. وهذه الآية وردت في رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس الأولى هكذا ” أين شوكتك ياموت أين غلبتك يا هاوية” 1كو 55:15. راجع فصل 21 فقرة 2.

(46) 3 هوشع 14:13.

(47) 1 يتساءل القديس أثناسيوس في فصل 50/2 قائلاً: لقد ألّف الفلاسفة اليونانيين كتابات كثيرة بحكمة واضحة ومهارة، فما هي البراهين التي توضح أن تأثير فعل هذه الكتابات كالتأثير العظيم الذي فعله صليب المسيح؟ والشئ المهم عند القديس أثناسيوس هو أن المرء ليس محتاجاً أن يكون فيلسوفاً بالمرة كي يكون قادراً على الترحيب بالموت. فالمسيح قادر أن يعطى هذه الامكانية حتى للأطفال، انظر أيضاً فصل 27، فصل 47/5.

(48) 2 مادة الأمينت هي مادة غير قابلة للإشتعال وعازلة وكانت معروفة منذ ذلك الزمان وكانت تستورد من الهند.

(49) 1 استخدم هذا التشبيه من قبل في الفصل السابق فقرة 4. حيث كان الحديث عن عدم خوف البشر من غضب ووحشية ذلك الطاغية بعد تقييده. أما هنا فالحديث هو عن ذلك المكان الذي يظهر فيه ضعف الطاغية ويجب على مَن يرغب في رؤية تلك الحقيقة أن يذهب إلى ” مملكة ذاك الذي قهره ” أي الكنيسة ليراه وقد صار ضعيفاً.

(50) 2 تجدر المقارنة هنا بين ” عليه أن يذهب إلى مملكة الذي قهره ” وبين ” عليه أن يقبل إيمان المسيح ويدخل إلى تعليمه ” واستخدام فعلى ” يذهب “، ” يدخل ” موفق جداً ولا يخلو من الاشارة إلى ” مكان ” وواضح أنه يقصد الكنيسة التي تصبح فيها تعاليم المسيح حياة لكل المؤمنين به.

(51) 3 هنا يشدّد القديس أثناسيوس على الخبرة الشخصية.

(52) 1 انظر ضد الوثنيين. فصل 20/1حيث يستخدم القديس أثناسيوس نفس هذا التعبير، ويقصد به أنه أمام المحكمة لابد وأن يعطى دليلاً وبرهاناً، فالأمر الذي يُشك فيه يتم اثباته بأمر غير مشكوك فيه. ودائماً ما كان القديس أثناسيوس يستخدم تعبير ” برهان ” كما كان يقدم براهين للكل وخصوصاً لمَن يدّعون أنهم فلاسفة filosofoˆ أي محبى الحق انظر فصل 41/2.

(53) 2 تعبير ” المسيح نفسه الذي صعد على الصليب ” يدل على أن السيد المسيح قَبِل موت الصليب بإرادته. انظر فصل 22.

(54) 3 ما جاء في القفرة 2 هو إعادة لما ذكره القديس أثناسيوس من براهين في الفصول 27ـ28.

(55) 4 كثيراً ما يستخدم القديس أثناسيوس مَثَل الشمس لشرح أمور تخص الله وذلك في المقالتين الدفاعيتين: “ضد الوثنيين” و”تجسد الكلمة”. وأيضاً يستخدمه في بيان أنه مع وضوح ألوهية المسيح من خلال أعماله وانتشار تعاليمه إلاّ أن هناك مَن ينكره. (انظر فصول 32، 40، 55 من تجسد الكلمة).

(56) 1 انظر فصل 22.

(57) 2 ” الموت الذي يصيب البشر عادةً يأتيهم لأنه يناسب ضعف طبيعتهم ” انظر فصل 21/4.

(58) 3 انظر هامش 7 ص 76.

(59) 4 انظر لو 19:10 وأيضاً حياة أنطونيوس فصل 30 حيث يستخدم نفس الشاهد.

(60) 5 يصور الكتاب المقدس الحية والأسد كرموز للشر أكثر منها كرموز للموت. انظر مز13:91.

(61) 1 ربما تأثر القديس أثناسيوس هنا بما جاء في إش 6:11 ” والعجل والشبل والمسّمن معاً وصبى صغير يسوقها “.

(62) 2 ولقد أشار القديس أثناسيوس إلى الحيّة كرمز للشر في فصل 3/3 من مقالته ضد الوثنيين. وإلى الأسد كرمز للشر في كتابه عن حياة أنطونيوس. فصل 7.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى