“أن حنّة اللاهجة بالله وسمعان الكلي السعادة لما تلألأا بالنبوءة وظهرا بلا عيب في الشريعة، أبصرا ألان معطي الناموس ظاهراً طفلاً على صورتنا وسجدا له. فلنعيد اليوم لتذكارهما بفرح ممجدين بحسب الواجب يسوع المحب البشر.
هكذا وصفت إحدى الترنيمات خدمة القديسين حالهما. كانا بارين نبيين، لذلك أبصرا معطي الشريعة طفلاً.
لقد قيل الكثير عن سمعان وحنة. الشيء الثابت الوحيد بشأنهما هو ما ورد في نص لوقا الإنجيلي، الإصحاح الثاني.
فأما سمعان فكان رجلاً في أورشليم، باراً تقياً، والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي له أن لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. هذا جاء بالروح إلى الهيكل. فعندما دخل يسوف ومريم بالصبي إتماماً لمقتضيات الشريعة، اخذ سمعان الصبي على ذراعيه وبارك الله. هل كانت لسمعان صفة معينة أخذ الصبي بين ذراعيه على أساسها؟ لا نعرف. ثم فتح فاه قائلاً :” ألان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، فان عينّي قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام كل الشعوب، نوراً لاستعلان الأمم ومجداً لشعبك إسرائيل”. وبعدما صلى كذلك وجّه كلامه إلى مريم قائلاً :” ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم. وأنت أيضا يجوز في نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة”.
هذا كل شيء بالنسبة لسمعان. أما بالنسبة لحنة فقيل إنها نبيه، وهي بنت فنوئيل، من سبط أشير، أحد أسباط إسرائيل الاثني عشر. كانت متقدمة في أيامها. عاشت مع زوجها سبع سنوات ثم ترملت ولم تتزوج من بعد، وقد بلغت في تلك الأيام التي تلقت فيها الطفل يسوع الرابعة والثمانين. خلال هذه الفترة الطويلة من عمرها لم تفارق الهيكل وكانت عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً. وقد وقفت آنئذ تسبّح الرب وتحدّث عنه جميع المنتظرين فداء في أورشليم.
كل ما عدا هذا الذي ورد في إنجيل لوقا عن الصدّيقين أبعه وجدان الأجيال المتعاقبة تعبيراً عن الصورة التي ارتسمت عنهما في الأذهان. فلقد اعتبر سمعان شيخاً مع انه لا توجد كلمة واحدة في نص لوقا الإنجيلي تؤكد انه كان طاعناً في السن. بعض الأخبار بالغ في تحديد سنّه فجعله يتجاوز المائتين والثمانين عاماً. وقد شغلت هوية الرجل الناس: من يكون؟ فقال قوم انه سمعان الذي وبّخ أرخيلاوس الذي ملك بعد موت هيرودس الكبير، والذي تزوج أرمله أخيه. وقال آخرون بل هو سمعان بن هلال، أبو غمالائيل المذكور في سفر أعمال الرسل والمقال عن بولس الرسول إنه تتلمذ عند رجليه(اع 3:22) فريسياً. هذا ذكر انه كان رئيساً للسنهدريم عام 13م. وربطا لسمعان بالأنبياء، لا سيما أشعياء، قيل إن سمعان لما قرأ أشعياء (14:7)، وفق النص السبعيني، والذي فيه ” ه أن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل”، خطر له أن يغيّر كلمة”عذراء” بكلمة “صبية” ففعل. فلما عاد في اليوم التالي وجد لفظة “صبية” ممحاة ولفظة “عذراء” في محلها. فأيقن انه ليس على الله أمر عسير. ثم أوحي إليه انه لا يموت قبل أن يرى مسيح الرب.
هذا ويحلو لقوم أن يطلقوا على سمعان لقب”رقيب الصبح” وان يسروا فيه صورة من قيل عنه في المزمور 129 ” من اجل اسمك يا رب نظرت إليك. نظرت نفسي إلى كلامك. توكلت نفسي على الرب. من انفجار الصبح إلى الليل فليتكل إسرائيل على الرب لأن من الرب الرحمة ومنه النجاة الكثيرة وهو ينجي إسرائيل من كل آثامه”(5-8).
وثمة تقليد يستفاد منه أن سمعان لم يكن لا كاهناً ولا فريسياً بل رجلاً باراً تقياً، عمره في حدود المائة والإثني عشر عاماً. هذا ربما كان أدنى من سواه إلى الواقع.
أنّى يكن الأمر فإنه يتوقع أن يكون سمعان قد رقد بعد فترة قصيرة من معاينة مسيح الرب. وقد ورد أن وفاته كانت تكرّم في القسطنطينية في كنيسة القديس يعقوب، في القرن السادس للميلاد، أيام الامبرطور يوستينوس.
أما حنة فنموذج للأرامل والعذارى والرهبان الذين يلازمون العفة ويداومون على الصوم والصلاة ولا يفارقون العبادة ليلاً ونهاراً.
تُعيد الكنيسة لسمعان البار وحنّة النبية ثاني يوم دخول ربنا يسوع المسيح إلى الهيكل، أي في 3 شباط.
طروبارية للبار باللحن الخامس
أيّها الشَّيخُ المجيدُ سمعانُ القابلُ الإله، إنَّ الكلمةَ الإلهَ الفائقَ صارَ جسداً فاحتضَنْتَهُ على الساعِدَين في هيكل الله. ويا حنَّةُ المُكرَمة إحْمَدِيْهِ كنبيَةٍ ملهَمة. ونحن المخلَّصِيْنَ فَلْنَمْدَحْ مَعَهُما لاهوتَ المسيح.