من عائلة غنية تربطها صلة قرابة بالعائلة المالكة في القسطنطينية. نشأ في جو من التقى ومحبة الله. امتاز، منذ الفتوة، بأخلاقه وفضائله. كان صواماً ّقواماً مداوماً التأمل في الكتاب المقدس. أقام وحيداً بعد رقاد والديه معتبراً الفقراء شركاء له في الميراث الذي خّلفه له أبواه.
كان لمركيانوس إكرام مميز للقديسين الشهداء. لذلك لم يدخر جهداً لبناء كنائس على اسمهم وتجميلها أحسن تجميل. وقد أقام للقديسة الشهيدة أنسطاسيا هيكلاً عظيماً. يحكى أنه يوم تكريس الكنيسة، فيما كان مركيانوس يستعد للاشتراك في خدمة القداس الإلهي بجانب أحد الأساقفة وعدد من الكهنة، لاحظ فقيراً معدماً يدنو منه ويطلب منه العون. وإذا لم يكن لديه أي مال، فقد استدعاه إلى مكان منعزل وخلع ثوبه الداخلي وأعطاه إياه، ثم لبس ثيابه الكهنوتية فوق عري جسده وعاد إلى الهيكل.
فلما كان القداس الإلهي. لاحظ الكهنة المشتركون في الكهنة أن تحت بدلة الكاهن مركيانوس تلتمع زينة بهية من الذهب والماس فتعّثروا ونقلوا الخبر إلى البطريرك الذي بعث في طلبه وأنبه على هذا البذخ. فلما استبانت للبطريرك حقيقة الأمر انذهل.
احتج قوم على مركيانوس أنه ينفق بلا حساب على تزيين الكنائس فكان جوابه: “لو كانت أي ابنة وأردت أن أزوجها ألا انفق ما أمكنني لأزينها أحلى زينة؟ فكم علينا أن نجمل الكنيسة التي هي عروس المسيح والتي بذل سيدنا دمه من أجلها”.
على أن مركيانوس ما كان ليتغافل عن فقراء المسيح لحظة واحدة. فأثناء الليل كان يقصد الأحياء البائسة ليساعد الذين يخجلون أن يستعطوا أثناء النهار. كما كان يهتم بدفن الموتى ويذهب إلى بنات الهوى ليوزع عليهن الأموال فلا يتاجرون بأجسادهن. وكثيرات منهن، كما قيل، تبن واتجهن شطر الحياة الرهبانية الملائكية. رقد مركيانوس بسلام في الرب سنة 471.
تُعيد له الكنيسة في 10 كانون الثاني.