Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

المقدمة :

تعني الكنيسة بمفهومها الضيق جماعة المؤمنين. وعندما نتحدث عن جماعة تسمى كنيسة، لا بد من رابط يربط تلك الجماعة ليصهرها في بوتقة واحدة لكي تبقى جماعة لا يمكن تفريقها.

ذلك الرابط هو الإيمان. والإيمان في الكنيسة وتعريفه هو الذي أورده الرسول بولس إذ عرّفه بقوله : الإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى. لكن ما هي الأمور التي تنبثق عن هذا الإيمان؟

  1. أول هذه الأمور سرمدية وجود الله حسب ما ورد على لسانه ( أنا الأول والآخر، أنا الألف والياء ) وأن الله مطلق الوجود لا يدور نقاش في ذلك.
  2. أن يسوع المسيح هو الصورة الحسية لقوة الله غير المنظور، وأنه الوسيط الوحيد بين الله والناس في شركة جسده ودمه الذين قدمهما على الصليب مصالحاً السماء بالأرض. أي نؤمن قطعياً بصلبه وموته وهبوطه إلى الجحيم ليعلن خلاصه لرجال العهد القديم الذين آمنوا بحتمية الخلاص الذي أتى به إلى العالم ليفتدي الذين آمنوا به من لعنة الناموس صائراً لعنة لأجلنا لننال التبني، أي لنصبح أبناء الله، وأنه قام من بين الأموات، قاهراً عزة الموت فاتحاً الطريق لنا سهلاً نحو الملكوت السماوي، وصعد إلى السماء حاملاً جبلتنا البشرية التي لبسها ممجدة بالقيامة ومنتصرة على الموت ليجلسها عن يمين الله وهو الموقع الطبيعي لها باعتبار الإنسان هو سيد المخلوقات جميعاً، لولا خطيئة آدم وسقوطه بالعصيان على الله مؤهلاً المؤمنين به لهذا الامتياز العظيم.
  3. وأن الروح القدس هو الروح الإلهي الذي يعرف أعماق الله صدر بعد صعود الابن منبثقاً من الآب ( يوحنا 15 ) هو اليوم الفاعل في الكنيسة هو المعزي والمحامي والمؤيد والمدافع عن الكنيسة واستحقاقاته تعطى للمؤمنين بواسطة الأسرار المقدسة وهو الذي نطق وينطق على ألسنة الأنبياء والرسل والأساقفة وعموم الأباء في الكنيسة.
    هذه هي الأمور التي تجمع الجماعة مع بعضها لتبقى جماعة متراصة تعمل مرضاة الله الذي يشاء أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون.
  4. تؤمن الجماعة بمركزية تفسير الكتاب الإلهي من قبل آباء الكنيسة ومعلميها لأن المجال لو فتح لكل واحد في الجماعة لكي يفسر كما يشاء لانشقت الجماعة على بعضها، لأن الكثير من آيات الكتاب الإلهي تحتمل الكثير من التفاسير لذلك يجب انتقاء التفسير الحقيقي الذي يتلاءم في الحقيقة مع روح النص الذي قصده الوحي الإلهي وهذا لا يتفق مع أن يفسر كل واحد على هواه.

بهذا تكون الكنيسة كنيسة حقيقية لها إيمان واحد وتقليد واحد ومسيرة واحدة تقود مؤمنيها نحو هدف واحد ألا وهو الخلاص والملكوت السماوي في المسيح ربنا الذي ينبغي له كل مجد وإكرام وسجود إلى الأبد. آمين

سمات تأسيس الكنيسة :

نسمع الكثير الكثير عن أسماء كنائس، مسميات من هنا وهناك وهذه الكنيسة خرجت من تلك وكل واحد يقول أنا الأصل وأنا الكنيسة الحقيقية بل وأنا كنيسة المسيح. ويقع المسيحي المؤمن البسيط في دوامة الكثرة وأين الصواب وما موقف المسيح من كل ذلك. لا بد من وجود محك نختبر بواسطته تلك الكنيسة أهي من الله أم ما هو مصدرها. والمحك الحقيقي موجود في العهد الجديد لا محالة، فالمخلص له المجد هو نفسه الذي وضع هذا المحك وبدونه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسمي ذلك التجمع كنيسة، بل على النقيض يكون بيت الشيطان، به يهدم كيان المؤمن الروحي كما أراده الرب والنتيجة هي الدينونة والهلاك.

فما هو هذا المحك وكيف نجده وما هي خصائصه؟

لنرجع إلى البداية.

جاء يسوع المسيح منتصراً على الشيطان بعد معموديته من يوحنا في الأردن، ليبدأ رسالته المفرحة للبشرية التي تعيش في ظلام دامس، رسالة المسامحة والغفران، رسالة المحبة والسلام، رسالة المصالحة بين الله الفائق الصلاح والإنسان الخاطئ، رسالة الانتصار على الموت والقيامة المجيدة.

وكانت للمخلص “فلسفته الخاصة” في نشر تلك الرسالة، وذلك باختيار اثنا عشر تلميذاً يرافقونه في رحلاته ويسمعون كلامه ويغرس فيهم تلك المحبة الحقيقية التي يردها هو أي محبة الله ومحبة القريب، بل ويعملون أعماله، أي باختصار يزرع فيهم حقيقة الإيمان كما يريده هو، ثم يمنحهم القوة بالروح القدس لكي ينقلوا ذلك الإيمان بتلمذة الأمم كافة وتعميدهم باسم الثالوث القدوس.

وهذا ما حصل فعلاً انطلق الرسل وجابوا بقاع العالم يبشرون ويفتحون الكنائس ويجمعون المؤمنين تحت إيمان واحد وقلب واحد.

وبمرور الزمن انضمت كنائس الإقليم الواحد لتكون كنيسة واحدة، والذي ساعد على ذلك وجعله سهلاً هو وحدة الإيمان والعقيدة لأن أساسه واضح ألا وهو الأساس الرسولي، أي أن الرسل هم الذين شكلوا وشيدوا هذه الكنائس بالإيمان الذي استقوه مباشرة من الرب يسوع المسيح.

وبمرور الزمن، تشكلت كنائس العالم الخمس التي أدارت شؤون مسيحيي العالم بالسلطان الرسولي الممنوح لها من الرب يسوع المسيح وهي :

  1. كنيسة روما وقد تأسست في روما على يدي الرسولين بطرس وبولس وقد نالا موت الشهادة فيها.
  2. كنيسة القسطنطينية وقد أسسها الرسول أندراوس إذ بشر في تلك المنطقة التي كانت تسمى بيزنطة قبل نشوء مدينة القسطنطينية العظمى.
  3. كنيسة الإسكندرية وقد أنشأها الرسول مرقس واستشهد فيها.
  4. كنيسة إنطاكية وقد أسسها أيضاً الرسولان بطرس وبولس.
  5. كنيسة أورشليم وقد تأسست برئاسة القديس يعقوب أخ الرب الذي كان يعيش فيها وقد ترأس المجمع الرسولي الأول في أورشليم حول دخول الأمم في المسيحية وموضوع الختان وأصدر القوانين التي تحدد ذلك.

هذه هي الكنائس التي نشأت منذ القديم وانضوى تحت إدارتها جميع مسيحيي العالم بل وامتد تأثيرها ليشمل كل أرجاء العالم المسيحي.

إذن هذا هو المحك الإنجيلي الحقيقي للحكم على الكنيسة أن هل هي من المسيح أم من صنع البشر، فالكنيسة التي أسسها رسول من رسل المسيح الذين أرسلهم ليكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها على إيمانهم الذي استقوه من المخلص له المجد هي الكنيسة الحقيقية وما عداها زائف لا تقبل منه عقيدة ولا نسمع منه تفسيراً ولا نقبل منه تعليماً على الإطلاق. ومن يقبل منهم شيئاً أو ينضم إليهم فقد خرج عن كنيسته الرسولية، وكلما شعر بنفسه قريباً من مخلصه وفاديه يسوع المسيح فقد ابتعد عنه في الحقيقة لأن لا أساس رسولي لتلك الجماعة.

والذي يؤكد كلامنا في هذا السياق أن الكنيسة غير المبنية على هذا الأساس الرسولي وتعدد التفسيرات للكتاب المقدس هو الذي أوجد كثرة الشقاقات عن بعضها البعض بحيث نلمس في أوروبا وأميركا ونرى مئات الكنائس والطوائف والفئات، والنتيجة الحتمية هي انشقاق الكنيسة أي تمزق جسد المسيح الواحد.

فهل هذا ما أراده المسيح للكنيسة التي هي جسده؟ وما هي النتيجة. النتيجة الحتمية هي ضياع الإنسان وتخبطه ليعرف الحقيقة ولا يجدها.

نحن في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية مثلاً لا ننكر وجود بعض الخلافات. لكنها خلافات إدارية وتلعب السياسة دوراً في ذلك كون الأقاليم الموجودة كنائسنا فيها تختلف وتتباين في نظرتها السياسية لكن لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن ترقى تلك الخلافات إلى خلاف ديني في الإيمان والعقيدة بل هي خلافات تحدث في الأسرة الواحدة دون أن ينشق أحد عن الآخر، ولأن أساسنا مسيحي رسولي فقد تجاوز عمر كنيستنا الألفي عام وسنبقى محافظين على ذلك الإيمان ننقله بأمانة مطلقة من جيل إلى جيل دون زيادة أو نقصان بشهادة كل من حولنا وحتى شهادة الخارجين عن إيماننا.

لماذا خرج البعض عن إيماننا وبالتالي عن الكنيسة؟

الأسباب كثيرة ويطول شرحها. لكن سنوجز أهمها.

لقد مرت الكنيسة الشرقية بشكل خاص بعصور مظلمة عصفت بها النوائب والكوارث يشهد بذلك الجميع، وقد قدمت الكنيسة الآلاف المؤلفة من الشهداء من مختلف الفئات والطبقات والأجناس والأعمار لدرجة أن أطفال رضّع ذبحوا أمام ذويهم للتأثير عليهم لترك إيمانهم وهذا ما يعرف بالاضطهاد الخارجي أي من الذين نصبوا أنفسهم أعداء للكنيسة التي ترعى الديانة الجديدة في ذلك الوقت، وقد انتهى ذلك الاضطهاد في عهد المغبوط قسطنطين الملك الكلي الورع الذي أصدر عفواً عاماً واعتبر المسيحية إحدى ديانات الدولة.

لكن الكنيسة لم تسلم من الاضطهاد الداخلي أي الصادر من داخلها، وذلك بخروج أشخاص بعقائد غريبة شوشت على الإيمان الرسولى للكنيسة.

فأحدهم أنكر لاهوت المسيح بل وتجرأ على نعته بالمخلوق وآخر تجرأ على إنكار الطبيعة البشرية الكاملة فيه، وهذا أنكر عمل الروح القدس في الكنيسة وآخر بأن لا يجوز تسمية العذراء الفائقة القداسة بأنها والدة الإله بل هي والدة المسيح الإنسان فقط، وغير ذلك من عقائد غريبة. وقد تصدت الكنيسة للدفاع عن إيمانها بعقد المجامع المسكونية السبعة التي ضمت الكنيسة شرقاً وغرباً وحرمت من الشركة الكنسية أولئك الذين ثبتوا على تلك العقائد الملحدة، بل وحددت تلك المجامع المقدسة وبلورت العقائد الصحيحة مسوقة بالروح القدس، بحيث عانت الكنيسة عصوراً مظلمة جديدة نتيجة طبيعية لدلك الاضطهاد الداخلي.

وتوالت الكوارث متلاحقة. ورزحت الدول الموجودة بها الكنيسة وخصوصاً فلسطين تحت أنواع متعددة من الاستعمار بحيث عانت من التجارب المريرة والفقر وحتى الجوع ونفي البطاركة والأساقفة المستقيمي الرأي بعيداً عن أبرشياتهم.

وأدت كل تلك التراكمات وعلى مر العصور بأن يرتقي إلى درجات الكهنوت رجال لا يمتلكون العلم الكافي للتعليم والوعظ والعمل الرعائي لكننا لا ننتقص من حياة القداسة التي كانت تشع منهم في مختلف الأعمال الجليلة التي قاموا بها خصوصاً على الصعيد الاجتماعي والعشائري. لكن اقتصر العمل الرعوي عندهم على إقامة الطقوس والخدمات الكنائسية جميعاً باستثناء التعليم.

وكانت النتيجة جهل الناس بالأمور الإيمانية بل وحتى الطقسية بحيث لا يدري الواحد أين هو داخل الطقس الكنسي.

ومن هنا نجمل أسباب انشقاق الناس عن كنائسهم بما يلي :

  1. ضعف التعليم الديني.
  2. أسباب مادية بحتة نتيجة الفقر والبطالة.
  3. الجهل بالإيمان الحقيقي.
  4. الفهم الخاطئ للممارسة الطقسية في الكنيسة.
  5. ضخ الأموال الهائل من مصادر تمويل تلك الجماعات نحو المجتمعات المحلية التي تعيش مع كنائسها حالة الفقر المدقع.
  6. الاستعداد الذاتي عند بعض المتعلمين للتحرر من سلطة الكنيسة ليعيش حراً على هواه يفسر ويعتقد كيفما يشاء.

نورد كل هذه الأسباب باختصار شديد ومن شاء المزيد فليبحث.

كل هذه الأسباب أدت بالتالي إلى خروج عدد ليس بالقليل من أبنائنا خارج الكنيسة وعندما نحاول محاورتهم يشعر الكثير منهم داخلياً بخطأ ذلك الخروج، لكنهم يبتدئون بإعطاء تبريرات لا تستند أبداً إلى منطق ديني أو لاهوتي فقد يقولون إن الكاهن فلان كذا وكذا والأسقف فلان فعل كذا والكنيسة تقليدية متحجرة وعديمة التطور ويتشدق بممارسات طقسية يعتقد أن بها إلحاداً وقعت فيه الكنيسة أي يردد ما يرددون هم من اتهامات ليست مبنية على أساس كتابي.

وسنحاول فيما يلي إلقاء الضوء على بعض الأمور التي يحاوروننا بها ليطلع أبناؤنا عليها علهم يشعرون بفداحة خروجهم عن قداسة الكنيسة الأم.

1. الإنجيل :

يقولون : الإنجيل هو ما نعترف به ولا نعترف بغيره، فهو مصدر كل تشريع ونحن نطبق ما ورد فيه ولا نعترف بآباء الكنيسة ولا قوانينها ولا مجامعها وممارستنا هي انعكاس لذلك.

قبل أن نجيب على ذلك نورد الأسئلة التالية :

  • من الذي جمع الإنجيل بالصورة الحالية ورتبه؟
  • من الذي أثبت قانونية الأسفار المقدسة بوجود العديد من الكتب المنحولة (الكتب التي لم تثبت قانونيتها).
  • من الذي أوصل إليكم الإنجيل بالترتيب المدهش والرائع اليوم؟
  • من الذي وضع النقاط القانونية للتمييز بين السفر المقدس والسفر المنحول.
  • من الذي ساهم في نشر الكتاب الإلهي عينه إلى بقاع الأرض كافة ليتداول المسيحيون هذا الكتاب في الشرق والغرب؟

أليس هم الآباء القديسون؟

  • من يدعي اليوم أنه إنجيلي هل كان موجوداً في ذلك الوقت عندما تم ترتيب الكتاب الإلهي ونشره قبل 2000 عام أو يزيد؟
  • والسؤال الأكثر أهمية : هل يرتب الآباء القديسون الذين عانوا الكثير في سبيل تدوين الإنجيل وترتيبه ترتيبات كنائسية تخالف الكتاب الإلهي الذي وصل إليكم اليوم بواسطتهم؟؟
  • وهل يسمح الآباء الإلهيون الذين دافعوا عن العقائد بل وثبتوها ضد آريوس ونسطوريوس ومقدونيوس وأوطيخا وغيرهم بترتيبات ضد روح الإنجيل الحقيقية بل وثبتوا كل ذلك في قانون الإيمان الذي يتضمن خلاصة الإيمان المسيحي الحقيقي عن الثالوث الأقدس؟
  • وهل بعد كل ذلك لا نعترف بالآباء وتعاليمهم ونثمن جهدهم في المحافظة على الإيمان وصياغة العقائد التي لا نشك مطلقاً في صحتها.

وفوق كل هذا :

لماذا يكلفون طلابهم الذين يدرسون ( اللاهوت بحسب علمهم ) في قبرص بكتابة أبحاث حول نظرة بعض آباء الكنيسة في بعض الأمور الحساسة جداً مثل نظرة القديس أثناسيوس الرسولي في التجسد، أو نظرة القديس يوحنا الذهبي الفم في الكفّارة والصليب، أو نظرة القديس باسيليوس الكبير في الخليقة أو الصورة الإلهية في الإنسان بحسب القديس غريغوريوس بالاماس. أليس لأن كل تعاليمهم وتفاسيرهم في تلك المواضيع ناقصة لا يمكن أن ترقى لتفسيرات هؤلاء الرجال القديسين.

ومع ذلك كله نورد الأدلة الكتابية التالية على أن الإنجيل لا يحوي كل الأمور المتعلقة بالممارسات اليومية للكنيسة والتي يراها البعض خارجة عن روح الإنجيل وليست منه.

وهل الكتاب هو المرجع الوحيد؟.

  • بقول المخلص مخاطباً تلاميذه بصورة خصوصية : من سمع منكم فقد سمع مني ومن رذلكم فقد رذلني ومن رذلني فقد رذل الذي أرسلني. ( لوقا 10 : 16 )
  • ومن لم يسمع من البيعة فليكن عندك كوثني أو عشار ( متى 18 : 17 ).

نلاحظ في الآية الأخيرة من لم يسمع لا من يقرأ.

ونجيب على السؤال التالي : هل يحوي الكتاب كل التعاليم المطلوبة؟

لا والدليل على ذلك :

  • عدد من الأسفار فقدت مثل رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنتوس وقد ورد ذكرها في 1 كورنتوس 5 : 9 –13 ( قد كتبت إليكم في الرسالة والآن كتبت إليكم. ).
  • كذلك رسالة بولس الرسول إلى اللاذقية فقدت وقد ورد ذكرها في كولوسي 4 : 16 ) يقول : وبعد تلاوة الرسالة عندكم اعتنوا بأن تتلى في كنيسة اللاذقيين أيضاً وأن تتلوا أنتم تلك التي من اللاذقية.
  • وأشياء أخر كثيرة صنع يسوع أمام التلاميذ لم تكتب في هذا الكتاب.( يوحنا 20 : 30 ).
  • وأشياء أخرى كثيرة صنعها يسوع لو أنها كتبت واحدة فواحدة لما ظننت العالم يسع الصحف المكتوبة. ( يوحنا 21 : 25 ).

والآن نجيب كتابيأ :هل كل مؤمن قادر على تفسير الكتب المقدسة تفسيراً صائب ودقيقاً؟

نجيب لا يمكن ذلك ونسوق إثبات ذلك من رسالة بطرس الثانية إذ يصرح علناً :

  • عالمين قبل كل شيء بأن كل نبوة في الكتاب ليست بتفسير فرد من الناس، لأنها لم تأت نبوة قط عن إرادة بشر، إنما تكلم رجال الله القديسون محمولين بإلهام الروح القدس (2 بطرس 1 : 20 – 21 )
  • يحرف الكتاب قوم لا علم عندهم ولا رسوخ. ( 2 بطرس 3 : 16 )

هل الكتاب المقدس سهل التفسير على كل فرد؟

يجيب الرسول بطرس : إلا أن فيها أشياء صعبة الفهم يحرفها الذين لا علم عندهم ولا رسوخ، كما يفعلون بسائر الكتابات لتهلك نفوسهم. ( 2 بطرس 3 : 16 ).

ونقرأ في الرسالة إلى العبرانيين : ولنا فيه ( أي المسيح ) كلام كثير صعب التفسير لأنكم قد صرتم متثاقلي الأسماع. ( 5 : 11 – 12 ).

يقولون : الروح القدس يفسر لكل واحد ما يقرأ.

نجيب : لماذا لم يفسر الروح القدس نفسه تلك الكتب للخصي الحبشي. ( أعمال 8 :30 ). لماذا لم يلهمه الروح القدس في تلك اللحظة بل احتاج فيلبس كي يرشده ويفسر له وبالتالي يعمده.

هل يكلم الله الإنسان عن طريق الكتاب المقدس؟

على العكس من ذلك نرى يسوع لا يجيب على أسئلة من سمعوا صوته بل يرسلهم إلى الكنيسة المؤتمنة على البشارة فنراه يقول لكورنيليوس أرسل إلى يافا واستدع سمعان الملقب بطرس فهو الذي يقول لك ماذا تفعل.( أعمال 10 : 4 – 6 ) وليس الكتاب طبعاً كافياً لبشارة كورنيليوس.

كذلك بولس عندما ظهر له السيد وأجابه بولس ماذا أصنع يا رب، لم يقل له الرب اقرأ الكتاب، بل أرسله إلى حنانيا الدمشقي. ( أعمال 9 : 6 ).

وكأن الرب يقول اذهب أولاً إلى الكنيسة لتتعلم ما هو الكتاب ثم اقرأ الكتاب.

ولكن هل تفسير الكنيسة للكتب المقدسة هو صحيح ولا لبس فيه؟

طبعاً وذلك لأن الرب وعد بأن يكون معها، إذ يقول وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. ( متى 28 20 ).

يعترضون على التقليد ولا يسلمون به.

نجيبهم قائلين : طالعوا 2 تسالونيكي 2 : 14 إذ يقول الرسول : فاثبتوا إذن أيها الأخوة وتمسكوا بالتقاليد التي تعلمتموها إما بكلامنا أو برسائلنا.

الرسول في الآية السابقة لا يتحدث عن الكتاب المقدس بل عن الأوامر الرسولية التي تسلمتها الكنيسة بالكلام أو الرسائل.

لنسمع الرسول أيضاً كيف يمدح المحافظين على التقليد الشريف في:

1 كورنتوس 11 :2 : أمدحكم أيها الأخوة لأنكم تذكرونني في كل شئ وتحافظون على التقاليد كما سلمتها إليكم.

بعد كل هذا هل من مبرر كتابي أو عقائدي يبرر هجر الكنيسة الأم وترك الشركة الكنسية والعيش في ظل من يسمم عقل الناس مستغلاً العاطفة والتي غالباً ما يكون تأثيرها وقتياً.

أليس من الأفضل البحث في تعاليم كنيستنا المقدسة وآبائها ومعلميها لننهل من معينها الذي لا ينضب، أم نكون شجرة ضعيفة في مهب الريح أينما مالت الريح نميل معها

سنناقش تباعاً ممارسات الكنيسة الطقسية لنرى مدى اتفاقها أو اختلافها مع الإنجيل.

الأسرار المقدسة :

يقولون : لا وجود للأسرار في الكنيسة والكنيسة هي صلاة وتفسير كتاب فقط.

نجيب : لقد كانت الأسرار تمارس في الكنيسة في عهد الرسل فقد كانوا يعمدون ويضعون الأيدي ويكسرون الخبز ويقدسون الزيت ويقيمون مراسم الزواج وكانوا يرسمون الأشخاص لدرجات سر الكهنوت ويقبلون اعترافات التائبين.

وقد ورد ذكر الأسرار السبعة المقدسة في سفر الأمثال رمزياً :

الحكمة بنت بيتها، نحتت أعمدتها السبعة، ذبحت ذبائحها، مزجت في الكأس خمرها. أيضاً رتبت مائدتها. أرسلت جواريها تنادي على ظهور أعالي المدينة. من هو جاهل فليمل إلى هنا والناقص الفهم قالت له هلم كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها. اتركوا الجهالات فتحيوا.(أمثال 9 : 1 – 6 ).

  • من هي الحكمة إلا الذات الإلهية التي هي ينبوع الحكمة والفهم.
  • وما هو البيت؟ أليس هو كنيسة الله القائمة من أقاصي المسكونة إلى أقصاها.
  • وما هي الأعمدة السبعة هل من تفسير لها سوى أنها الأسرار السبعة التي يقدسها الروح القدس لتصبح عماد الكنيسة وأن لا كنيسة مطلقاً بدون تلك الأعمدة السبعة.
  • وما هي الذبائح إلا ذبيحة الصليب التي وإن حدثت مرة واحدة إلا أنها مستمرة المفعول لكل من يؤمن.
  • وما مائدتها؟ أليست الإنجيل الذي جمعته ورتبته لتقدمه غذاءً حياً تتغذى به أرواح المؤمنين أو هي مائدة الإقخارستيا التي يقدم فيها جسد الرب ودمه غذاءً للمؤمنين.
  • ومن الجواري الذبن ينادون غير رجال الله القديسون الذين يصيحون بالناس ليردوهم إلى محبة الله والكنيسة. بل ويستغلون كل مناسبة ليذكروا الناس بالحياة الروحية في المسيح وروعة الفردوس السماوي الذي وعد به أحباءه والذي يصوره القديس يوحنا في الرؤيا بأجمل صورة وأجلى بيان.

ونرى الأسرار رمزيا في المزمور 4:46 نهر سواقيه تفرح مدينة الله.

النهر هو الروح القدس والسواقي ( الأواني التي نشرب فيها ) هي الأسرار ومدينة الله هي الكنيسة.

لكن ما هو السر :

السر : هو عمل مقدس به ينال المؤمن نعمة الروح القدس غير المنظورة تحت علامة منظورة.

والأسرار السبعة هي :

1. المعمودية : سر أسسه الرب يسوع المسيح عندما أمر التلاميذ بتلمذة الأمم وتعميدهم باسم الآب والابن والروح القدس. ( متى 28 :19 ).

ونحن نعمد الجميع بلا استثناء، بالغين وشيوخاً وأطفالاً وربما يؤخذ علينا معمودية الأطفال، نجيب عن ذلك بأن لم لا نعمدهم ويسوع نفسه قال : دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات.

ثم بما أن المعمودية قد حلّت محل الختان هل كان الختان يميز بين البالغ والطفل؟

هل كانوا يقولون ليكبر الطفل حتى يدرك ما هو عهد الله ثم يختن، بل كانوا يختنون الطفل في اليوم الثامن من مولده. وقد تسلمنا نحن هذا الأمر مباشرة من الرسل القديسين الذين عمدوا عائلات بأكملها مثل عائلة كورنيليوس قائد المائة وكذلك عائلة سجان فيلبي بأكملها دون تمييز بين صغير وكبير.

المخلص نفسه أكد أن من لم يولد من الماء والروح لن يدخل ملكوت السماوات، فلو مات الطفل دون أن ينال هذا السر فما مصيره؟ فهو دون المعمودية لن يكون قد دخل الجماعة المقدسة.

وهنالك اعتراض آخر أنهم يستشهدون بالآية الواردة في مرقس 16 بأن من آمن واعتمد يخلص ومن لم يؤمن يدان.

نجيب : بأن المشكلة هنا أنهم يوردون الآية مبتورة، فهم يوردون الآية دون ما قبلها والذي يكمل المعنى. فقد قال المخلص : اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها فمن أمن واعتمد يخلص ومن لم يؤمن يدان.

هنا يصبح المعنى كاملاً، فهو يرسلهم أولاً إلى البالغين، وهنا كيف يقبل البالغ المعمودية دون أن يؤمن أولاً بماهية المعمودية ويؤمن أولاً بربها يسوع المسيح الذي أعطاها القوة إذ اقتناها بدمه الكريم. لذا منطقياً وجب إيمان البالغ واقتناعه بالمسيحية حياة حاضرة وعتيدة ثم يدخلها بالمعمودية.

أما الأطفال فنمنحهم تلك النعمة أي المعمودية ثم نتركهم يترعرعون داخل الكنيسة ويعيشوا حياتها والأمر سيان.

2. سر الميرون المقدس : هو سر ينال به المعتمد مواهب الروح القدس ويتمم بعد المعمودية مباشرة.

كان هذا السر يمنح من الرسل مباشرة بوضع اليد ( أعمال 8 : 17 ).

ولما كثر عدد المسيحيين استبدل خلفاء الرسل ذلك بمسحة الميرون الذي هو زيت زيتون نقي مضاف إليه مقدار من خمر العنب وعدداً كبيراً من الأطياب والأعشاب التي استعملها موسى في دهن المسحة ثم يقدس يوم خميس الأسرار من الأسقف خليفة الرسل ويوزع على الكنائس، حيث تمسح به أعضاء الطفل بعد المعمودية لينال مواهب التقديس من الروح القدس الحال والمقدس لذلك السر.

وقد استدللنا على أصل السر من قول الرسول يوحنا : أما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ. ( 1 يوحنا 2 : 20 ).

وبما أن وضع اليد كان مختصاً بالرسل فصنع الميرون مختص بالأساقفة فقط.

وقد أجازت الكنيسة للكاهن أن يمسح المعتمد حالاً به بعد المعمودية وبدونه تعتبر المعمودية غير كاملة. ( أعمال 8 : 14 و 16 ).

3.سر الشكر ( الإفخارستيا ) أو التناول أو القربان المقدس :

وبه يتناول المؤمن تحت شكلي الخبز والخمر جسد ربنا يسوع المسيح ودمه الكريم بعينهما. وقد أسس السيد نفسه هذا السر في الليلة التي أسلم فيها ذاته للموت. وللأهمية العظمى التي لهذا السر ذكرها كتبة الإنجيل الأربعة، ويستعمل فيه الخبز المصنوع من الحنطة النقية مختمراً وخمر العنب الأحمر النقي ممزوجاً بقليل من الماء النقي ذكرى الدم والماء النازل من جنب المخلص المطعون بالحربة.

بهذا السر يتحد المؤمن اتحاداً تاماً بالجسد والدم الكريمين فيثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه. ويشترط قبل التناول الاستعداد الجسدي من صوم وصلاة حارة ليلة ما قبل التناول والاستعداد الروحي بالتأمل في قوة السر والندامة الحقيقية وطلب المغفرة ليتناول الإنسان باستحقاق نار اللاهوت ولا يحترق.

يعترض الخارجون عن شركة الكنيسة بأن ما نتناوله ليس الجسد الحقيقي والدم الحقيقي بل إن الخبز والخمر هما رمز للجسد والدم ولا يؤمنون بالاستحالة الفعلية للخبز والخمر إلى الجسد والدم المقدسين.

نجيب : بأن الرمز كان موجوداً فعلاً ولكن في العهد القديم عندما بارك ملكيصادق إبراهيم مقدماً له خبزاً وخمراً ويعلل الكتاب المقدس ذلك بأن مليكيصادق كان كاهناً لله العلي.

أما في العهد الجديد فلا يوجد الرمز بل الحقيقة الكاملة التي لا لبس فيها ولا غموض :

  • لغوياً قال الرب هذا هو جسدي، هذا هو دمي ولم يقل هذا رمز جسدي أو رمز دمي دالاً على شئ حقيقي. كذلك في اللغة (هذا) اسم إشارة للدلالة على شئ حقيقي فعندما أقول هذا زيد فإنه في الحقيقة زيد ولا يحتمل قطعياً أن يكون شخصاً آخر.
  • أقوال المخلص نفسه تقر بالحقيقة أن ما نتناوله في الكنيسة هو جسد ودم الرب في الحقيقة. فهو القائل جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. كذلك من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه، وكما تقول القاعدة القانونية : لا اجتهاد في مورد النص. فالمخلص لم يأت أبداً على ذكر أي إشارة لرمز.
  • وقد أكد الرسول بولس تلك الحقيقة بالإشارة إلى فداحة من يقبل جسد الرب ودمه عن غير استحقاق في ( 1كورنتوس 11 : 23 ) لدرجة رشقه بالإجرام.والإجرام لا يمكن أن يكون بالرمز بل بالحقيقة.

في نفس الموقع السابق يؤكد الرسول على جسد الرب ودم الرب دون التطرق مطلقاً إلى الرمز.

هذا السر لا يتممه إلا الأساقفة والكهنة وذلك داخل الهيكل على المائدة المقدسة والمكرسة لتتميم هذا السر.

4.سر التوبة أو الاعتراف :

هو سر بواسطته ينال التائب فيه مغفرة الخطايا وحلول الروح القدس عليه بعد أن يقر بأفعاله أمام الكاهن ( الأب الروحي ) داعياً له بالمغفرة.

وقد أسسه الرب يسوع المسيح نفسه إذ : نفخ في تلاميذه وقال لهم خذوا الروح القدس، من غفرتم خطاياهم تغفر لهم ومن أمسكتم خطاياهم أمسكت. ( يوحنا 20 : 22 و 23 ). وأيضاً كل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء وكل ما ربطتموه يكون مربوطاً في السماء. ( متى 18 : 18 ).

وقد مارس الرسل خدمة المصالحة بالاعتراف فعلياً في الكنيسة الأولى وسلموا هذه الموهبة العظيمة لخلفائهم من الأساقفة والكهنة. ( أعمال 19 : 18 ).

الاعتراف موجود منذ العهد القديم وقد أمر الرب بها أمراً مباشراً حين أعلن :

إذا أذنبت النفس فلتقر بخطيئتها التي عملت. ( عدد 5 : 7 ) وبنفس المعنى ( لاويين 5: 5 ) و (لاويين 26 : 40 ) و ( يشوع 7 : 19 ) كذلك فيما بين العهدين كان جمهور من الذين يأتون إلى يوحنا المعمدان معتمدين منه معترفين بخطاياهم.

لذلك على المسيحي أن يمارس سر الاعتراف المقدس كلما ثقل ضميره خصوصاً قبل اقتبال جسد الرب ودمه. ويشترط على التائب أربعة شروط :

1. انسحاق القلب على خطاياه السابقة.

2. العزم الثابت على إصلاح السيرة وعدم الرجوع للخطيئة.

3. الإيمان الوطيد والرجاء بالمخلص وتحننه.

4. الاعتراف الشفهي الصادق عن خطاياه أمام الأب الروحي ليسمع منه الإرشادات الروحية والنصائح الأبوية ثم يسمع منه كلمات حل الخطايا باسم يسوع المسيح ونعمة الروح القدس.

ويفرض الأب الروحي على المعترف بعض القصاصات كدواء لإصلاح السيرة كفرض صوم خصوصي أو صلاة فردية مقرونة بعدد من الركعات أو منعه من تناول القربان المقدس فترة من الزمن عندما تكون الخطيئة ثقيلة، وهي قصاصات تشعر التائب بثقل الخطيئة وتشجيعاً له على عدم العودة إليها.

5. سر الكهنوت :

هو سر يتم بواسطة وضع رئيس الكهنة يده على رأس الرجل المتقدم للكهنوت ليكرس بحلول الروح القدس لتتميم الأسرار وتعليم الناس ووعظهم وإرشادهم.

وقد أسسه الرب يسوع المسيح نفسه عندما قال للتلاميذ : كما أرسلني الآب كذلك أنا أرسلكم. كذلك بعد القيامة نفخ فيهم وقال لهم خذوا الروح القدس.

وقد مارس الرسل إعطاء سر الكهنوت بوضع اليد في سفر أعمال الرسل ومارسه بولس الرسول على كل من تيموثاوس وتيطس وغيرهم.

وهذا الأمر مهم للغاية فكل كنيسة رسولية لها تسلسل رسولي بوضع اليد من الرسول إلى الذي بعده إلى …. أن وصلنا اليوم. حيث أن هذا التسلسل مهم جداً حتى تكون رسامة الأساقفة والكهنة قانونية.

وفي كنيستنا الأرثوذكسية المقدسية مثلاً هذا التسلسل قائم كاملاً من الرسول يعقوب أخ الرب أول أسقف على أورشليم لغاية أبينا وبطريركنا الحالي ثيوفيلوس الثالث وكل من بينهما معروف بالاسم والتاريخ في بطريركيتنا المقدسية.

وكذلك الحال في سائر البطريركيات الخمس الموجودة في العالم لغاية اليوم. لذلك كل من يدعي نفسه كنيسة خارج هذا التسلسل الرسولي هو زائف لا قانونية له ولا لأعماله ولا لتعاليمه بل يقود الناس إلى الهلاك.

6. سر الزواج :

وهو سر مقدس ينال فيه الرجل والمرأة المتقدمين لهذا السر نعمة الروح القدس ببركة الكاهن القانوني فيقترنا ليصبحا جسداً واحداً وذلك للتناسل الطبيعي وبقاء الجنس البشري، وهو سر اختياري لأن هنالك من يرغب في حفظ بتوليته لتكريس المعيشة للرب.

وقد رتبه الرب منذ بدء الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما وباركهما قائلاً أنموا واكثروا واملئوا الأرض واستولوا عليها ( تكوين 1 : 28 ).

والرجل يقترن بامرأة واحدة لا يفرقهما غالباً إلا الموت عندها يجوز للرجل أو المرأة الزواج ثانية أو ثالثة، أما الرابع فممنوع قطعياً.

7. سر مسحة الزيت :

هو سر يتممه الكاهن على المرضى جسدياً وروحياً، به ينال المريض نعمة الشفاء ومغفرة الخطايا.

وقد أمر به الرب رسله القديسين فشفوا مرضى كثيرون بتلك المسحة ( مرقس 6: 13 )

وقد أكد عليه القديس يعقوب في رسالته إذ قال : هل فيكم مريض فليدع قسوس الكنيسة وليصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب فإن صلاة الإيمان تشفي المريض وإن كانت فيه خطايا تغفر له ( يعقوب 5 : 14 و 15 ).

ولهذا يتممه الأساقفة والكهنة فقط ويدهنوا هم به المريض فإن لم يهبهم الشفاء الجسدي فهو قطعاً يهبهم مغفرة الخطايا.

هذه هي الأسرار السبعة التي يقوم عليها بناء الكنيسة، وقد أثبتنا ما يؤيدها في الكتاب الإلهي ولم نورد كتابات آباء الكنيسة الذين تحدثوا عنها بإسهاب رائع مسوقين بالروح القدس. فمن ليس لديه هذه الأسرار بالقوة التي تحدثنا عنها فما يدعيه كنيسة هو بناء مهدوم وهدام مهدوم غير قائم على أساس صخرة المسيح، وهدام للنفوس الملتجئة إليه والنتيجة هي الموت الأبدي والذي خرج من حضن الكنيسة الأم فقد خرج من رحمة الله إلى الأبد.

إكرام الأيقونات المقدسة وتزيين الكنائس بها :

لقد تسلمنا منذ القدم تزيين الكنائس بالأيقونات المقدسة وهي أيقونات السيد والسيدة العذراء والقديسين، إضافة إلى مشاهد عملية من العهدين القديم والجديد. ولم يكن على مر الزمن أي تناقض بين الإيمان والممارسة الفعلية للأسرار والعبادة.

الوصية الثانية تقول : لا تصنع لك تمثالاً ولا صورة شئ مما في السماء من فوق ولا مما في الأرض من أسفل ولا مما في المياه من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن.

نحن بتزيين الكنائس بالأيقونات المقدسة لا نخالف الوصية، لأن انحنائنا وسجودنا أمام أيقونة السيد المسيح له المجد هو عبادة لصاحب الأيقونة وليس لمادتها، وليس في ذلك مشكلة لأن موسى وهارون سجدا للرب أمام الكروبين المظللين غطاء التابوت. فلو كان سجود موسى وهارون أمام الكروبين عبادة للكروبين لما حلّ مجد الرب وملأ الغمام البيت الذي هو خيمة الشهادة. ( عدد 20 : 6 )

على النقيض من ذلك نرى غضب الرب يحمى على الشعب عندما صنعوا العجل الذهبي. فقد صنعوه وعبدوه إلهاً من دون الله، هذا هو الذي يخالف الوصية جملة وتفصيلاً وهو غير موجود في كنائسنا البتة.

وبسبب عدم العبادة نرى الله يسمح بتزيين جدران الهيكل بصور زهور ونخيل وأسود وحيوانات أخرى( 1 ملوك 6 : 9 ). كذلك أمر بصنع كروبين من خشب وغشاهما بذهب خالص ( 1 ملوك 6 : 23 )

كذلك صنع موسى الحية النحاسية للشفاء من لدغ الأفاعي وليس للعبادة (عدد 21 :7 –8)

في الوصية السابقة منع الله الرسم والتماثيل بقصد العبادة لا بقصد التزيين.

إننا في الكنيسة نسجد سجود عبادة لأيقونة المخلص التي تمثل المخلص، فأنا أعبد المخلص لا مادة الأيقونة.

أما صور القديسين فنحن لا نسجد أمامها عبادة لها بل تكريماً لأصحابها، وهذه حالة طبيعية، فالإنسان عندما يصافح شخصاً ذو مكانة أو قيمة يحني رأسه فهل هذا عبادة.

ينكر البعض حدوث معجزات عن طريق الأيقونة.

نجيب : فكيف حدثت معجزة الشفاء بالنظر إلى الحية؟ أليس بقوة الله حدث هذا؟ الرب يسوع المسيح تطرق لصنع حية موسى النحاسية إذ جعلها رسماً له ( يوحنا 3 : 14 )

أما السجود أمام أيقونة السيدة العذراء أو السجود أمام أيقونة أحد القديسين فهو سجود تكريم لشخص مثلي من لحم ودم كان فعلاً هيكلاً للروح القدس بل وأنحني أمام حياة حافلة بالعطاء ومسيرة مسيحية حقه نحو الملكوت متمنياً أن أحذو حذوه وأسير على مثاله.

يقول البعض اقتدي بالمسيح وحسبك.

نجيب : إن ذلك مستحيل. لأن المخلص قد شابهنا في كل حياة البشر إلا الخطيئة، والمسيح كذلك إله لا يمكن أن نشابهه أو نقتدي به. وقد فطن الرسول بولس لذلك إذ قال :

اتخذوا الأنبياء قدوة في احتمال المشقات وطول الأناة.

لا يمكن مطلقاً للكنيسة التي وضعت قانون الإيمان بالإله الواحد المثلث الأقانيم وبينت فيه باختصار مدهش الخواص الأقنومية للإله الذي نعبد أن تعبد معه أحداً كائناً من كان، لكنها تضع صورهم وتقدم لها التكريم لأن الله يكرم قديسيه، ويقول المزمور 150 : 1 سبحوا الله في قديسيه سبحوه في فلك قوته.

شفاعة القديسين :

قبل أن نتطرق إلى موضوع شفاعة القديسين الذي بأخذه علينا أبناؤنا الذين انفصلوا عنا وذلك لفهمهم الخاطئ لممارسات الكنيسة المقدسة كل التقديس لا بد أن نعّرف ما هي الشفاعة وكيف نطلبها من القديسين ثم نتطرق كتابياً إلى جوازها وكيف أننا نستغل ذكراهم بالصلاة وتمجيد الله فيهم وفي حياتهم وقد قال المرتل في المزامير ( عجيب هو الله في قديسيه ) فهو تمجيد لله في حياة قديسيه.

يقصد بشفاعة القديسين صلاتهم لأجلنا وهذا شائع في الكنيسة إذ يطلب أحدهم أو بعضهم صلاة الكنيسة والمؤمنين لأجل أمر ما يسألونه من الله.

لذلك أينما وردت كلمة شفاعة فإنها تعني الصلاة إلى الله لأجل شيء ما.

واضح من سياق الكلام أن شفاعة القديسين لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع وساطة المسيح الذي هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، تلك الواسطة التي قدمها على الصليب بسفك دمه لحياة البشرية كلها مصالحاً السماء بالأرض، وهي وساطة فريدة إذ هي ذبيحة الصليب التي ولو قدمها مرة واحدة إلا أنها مستمرة المفعول إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، وبغير هذه الوساطة الكفّارية بالمسيح لا تصح صلاة ولا يتم فداء، فكل الذبائح الحيوانية التي قدمها الناس في العهد القديم لم تستطع اقتلاع الخطيئة وهلاك الموت والفساد بل تم ذلك على الصليب مانحاً المؤمنين بالمسيح الحياة وعدم الموت.

وسنثبت لا حقاً ومن الكتاب الإلهي بما لا يدع مجالاً للشك صحة كلامنا وأن شفاعة كل القديسين لا يمكن أن تفيد لولا ذبيحة الصليب وإكرام الله لقديسيه على أساس تلك الذبيحة.

اعتراض : لم شفاعة القديسين والرب نفسه قال : تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. ( متى 11 : 28 – 30 )، لأن نيري لين وحملي خفيف.

الآية السابقة مبتورة ويجب أن تكمل من الآية 10 إلى نهاية الأصحاح. إذ يقول احملوا نيري وتعلموا مني فإني طيب وديع القلب.

هنا يكتمل المعنى بوضوح تام، فالرب لا يتكلم عن شفاعة ( صلاة القديسين ) بل يتحدث عن نير الفريسيين الذين يحمّلون الناس فوق طاقتهم بأن لديه الراحة الحقيقية ( لأن نيري هين وحملي خفيف ).

المسيح هو الوسيط الوحيد لكنه ليس الشفيع الوحيد. وإليكم البرهان من الكتاب :

( الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا توصف ). ( رومية 8 : 26 ). هنا يتحدث الرسول بولس عن شفاعة الروح القدس فينا أيضاَ.

أما إذا عمل القديس أعجوبة أو طلب نعمة لأحد فهو فقير أن يقدمها إلا بقوة اسم يسوع المسيح وهاكم البرهان : فقال بطرس : ليس لي فضة ولا ذهب لكن أعطيك ما عندي باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش، فوثب وقام وطفق يمشي ويسبح الله. أعمال 3 :6 –8

قصة شفاعة إبراهيم بأهل سدوم وعمورة هل توسط إبراهيم كما توسط المسيح؟

بالطبع لا. لقد كان الرب يتحدث مع إبراهيم عن شر سدوم وعمورة الذي تصاعد أمامه وكيف أنه نوى هلاكهما. هنا توسل ( تشفع ) إبراهيم بأن هل تهلك المدينتين بأبرارهما وخطاتهما. نرى الرب يستجيب قائلاً إن وجدت خمسين باراً لا أهلك، بل بصلاة إبراهيم يتنازل إلى أربعين وثلاثين حتى لو وجد بار واحد ومع الأسف لم يكن يوجد في المدينتين ولا بار واحد. ( تكوين 18 : 20 – 33 ).

في سفر الخروج 32 : 11 – 15 نرى موسى يتضرع ( يتشفع ) في الشعب إلى الرب قائلاً : لم يضطرب غضبك على شعبك الذين أخرجتهم من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟ ولم يقول المصريون إنه أخرجهم من هنا بكيد ليقتلهم فيما بين الجبال ويفنيهم عن وجه الأرض، ارجع عن شدة غضبك وعد عن مساءة شعبك واذكر إبراهيم واسحق وإسرائيل عبيدك الذين أقسمت لهم بذاتك وقلت لهم إني أكثر نسلكم كنجوم السماء، وجميع الأرض التي تكلمت عنها سأعطيها لنسلكم ليرثوها مدى الدهر. فعدل الرب عن المساءة التي قال إنه يحلها بالشعب.

وكذلك في سفر التثنية 9 :26 – 27 و 9 : 18 – 19 و 9 : 20 موسى يشفع بأخيه هارون ( وأما هارون فغضب الرب عليه حداً حتى همّ أن يبيده فتضرع لأجل هارون أيضاً في ذلك الوقت ).

مزمور 106 : 23 يقول : فهمّ أن يدمرهم لولا أن موسى مختاره وقف في التلمة تلقاء وجهه ليرد غضبه عن الإتلاف.

سفر العدد 16 : 47 ( فأخذ هارون كما قال موسى وأسرع إلى ما بين الجماعة، فإذا بالضربة قد بدأت في الشعب، فقدم البخور وكفّر عن الشعب ووقف بين الأحياء والموتى فكفّت الضربة.).

والسؤال الآن هل يستجيب الرب صلوات القديسين الموتى؟

– نعم وإليكم الدليل.فقال الرب لسليمان : بما أن عندك هذا وأنت لم تحفظ عهدي ورسومي التي أمرتك بها، فسأشق الملك عنك وأدفعه إلى عبدك إلا أني لا أفعل هذا في أيامك من أجل داود أبيك، بل من يد ابنك أشقه ولا أشق الملك كله ولكن أعطي ابنك سبطاً واحداً من أجل داود عبدي. ( 1 ملوك 11 : 11 – 13 ).

نكمل بعض الشواهد على الشفاعة بمعنى الصلاة.

صموئيل في 1 صموئيل 7 : 5 و 9 ( فقال صموئيل احشدوا كل إسرائيل إلى المصفاة فأصلي من أجلكم إلى الرب. وصرخ صموئيل إلى الرب لأجل إسرائيل فاستجاب الرب.)

أيوب 42 : 8 ( وانطلقوا إلى عبدي أيوب وأصعدوا محرقة عنكم، وعبدي أيوب يصلي من أجلكم، فإني أرفع وجهه لئلا أعاملكم بحسب حماقتكم، لأنكم لم تتكلموا أمامي بحسب الحق كعبدي أيوب).

أيوب 5 : 1( ادع لعل لك من يجيب وإلى أي القديسين تلتفت. ).

أرميا 42 : 2 ( صلي إلى الرب إلهك لأجلنا ).

المخلص نفسه يدعونا أن نصلي بعضنا لأجل بعض ( صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. ) متى 15 : 4 لوقا 6 : 28.

إن استجابة الله لصلوات القديسين الأحياء والراقدين لأجلنا هي من فرط إكرامه لهم ولحياتهم التي قدموها محرقة على مذبح الرب السماوي خصوصاً الشهداء الذين يخبرنا سفر الرؤيا أن موقعهم أمام العرش السماوي مباشرة.

فهؤلاء الذين وصلوا إلى الغبطة السماوية في تلك الكنيسة الممجدة الظافرة ألسنا بحاجة إلى صلواتهم لأجلنا. والكتاب في سفر الرؤيا يخبرنا أنهم يصلون.

والاستغاثة بالقديسين ليست جديدة ( أنظر أعلاه أيوب 5 : 1 )

والسؤال الآن : هل تصل الصلوات إلى الله مباشرة دون وسيلة؟

أخوتنا البعيدون عنا يقولون نعم وليس هنالك داع لأي وسيلة لإيصال الصلاة لله فهو يسمعها مباشرة ويستجيب.

هنا أيضاً نخالف أخوتنا ومن الكتاب أيضاً فلا بد من وسيلة لرفع الصلاة وتقديمها إلى عرش النعمة. ففي العهد القديم ومن الشواهد التي بيناها لا بد من شخص موثوق لرفع الصلاة حتى تقبل خصوصاً إذا كانت الصلاة لطلبة ملحة وعاجلة، وقد لمسنا صلوات إبراهيم وموسى وهارون وأرميا وصموئيل وكهنة الهيكل القديم.

وقد يقول البعض هذا كان في العهد القديم أما في العهد الجديد عهد النعمة فقد انتهى هذا الأمر وتمت المصالحة بين الله والناس ولا داع لتلك الواسطة.

نجيب : قد ضللتم لأنكم لم تعرفوا الكتب ولا قوة الله.

لنطالع معاً هذا المنظر البهي الموجود في الكنيسة السماوية بل وفي سماء السماوات حيث عرش الله. والذي صوره القديس يوحنا الإنجيلي في سفر الرؤيا 8 : 2 – 5 ) :

( وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح ومعه مجمرة من ذهب، فأعطي بخوراً كثيراً ليقدم صلوات القديسين كلهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش. فصعد دخان البخور من صلوات القديسين من يد الملاك إلى الله ).

فإذا كان القديسون الذين وصلوا بالفعل إلى الغبطة السماوية لا بد من واسطة لإيصال صلاتهم نحو الله، فما حال القديسون الذين يصلون في الكنيسة المجاهدة على الأرض؟

أليس بد من وجود واسطة لرفع صلواتهم نحو عرش النعمة؟ ألا يحتاجون لتلك الواسطة على الأرض كالواسطة في السماء؟

ترى الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية على حد سواء أن الكنيسة الأرضية هي صورة حية حقيقية للكنيسة السماوية بكل ما فيها.

ففي الكنيسة الأرثوذكسية التي أنا أحد رعاتها نجد في منتصف الهيكل المائدة المقدسة وهي تمثل عرش الله وفوقها يجلس ابن الله في القربان المقدس الذي هو الجسد والدم الإلهيين، وعليها الإنجيل كلمة الله، والقربان المقدس يبقى عليها مدة 24 ساعة في اليوم على مدار السنة كلها.

وأمامها يقف الكاهن الخادم يقدم الصلاة والتضرع أمام ابن الله الجالس عليها، يقدم الكاهن صلواته وصلوات الشعب بوجود المبخرة التي يتصاعد منها البخور بعد أن يقدسه بالصلاة التالية مع البركة : بخوراً نقدم لك أيها المسيح لرائحة طيب زكي، فتقبله على مذبحك السماوي وأرسل لنا عوضه نعمة روحك القدوس.

هل تستطيع أذهاننا استيعاب هذه الصورة الرائعة؟ وإذا استوعبتها هل نبقى خارجها؟

هذا هو أيمان كنيستنا في موضوع الشفاعة وهذا هو اعتقادها وهو مبني على الكتاب بلا زيادة ولا نقصان.

سؤال : لماذا يوجد في كنائس الروم الأرثوذكس حجاب يفصل بين الهيكل وصحن الكنيسة، فقد كان هذا الحجاب في العهد القديم يفصل بين قدس الأقداس والقدس ( موضع وقوف الكهنة ) وقد تمزق بصلب المسيح وبان قدس الأقداس الذي يمثل السماء بحيث أصبح ملكوت الله واضحاً أمام الناس؟

هذا التفسير ليس صحيحاً أو ليس دقيقاً.

في الهيكل هنالك الحنيه التي بشكل قوس إلى جهة الشرق، هذه الحنية هي التي تمثل قدس الأقداس وهي بلا حجاب وفي العهد القديم هي التي كان يوضع بها تابوت العهد القديم الذي كان يمثل حضور الله وسط الجماعة محجوباً بستار.

أما في العهد الجديد عهد النعمة فإن ذلك المكان يوضع فيه صليب كبير عليه المصلوب ظاهراً أمام الناس والذي هو ذبيحة العهد الجديد مكشوفاً بلا حجاب.

أما الفاصل بين صحن الكنيسة والهيكل والذي يسمى الإقونسطاس ( حامل الأيقونات ) فله معنى آخر.

يمثل الهيكل السماء والأمور السماوية ويمثل صحن الكنيسة الأرض والأمور الأرضية.ويكون بناء الهيكل أعلى قليلاً من صحن الكنيسة للدلالة على ارتفاع الأمور السماوية،

عن الأرضية. والحاجز يبين أن من تهمه الأرضيات لن يهنأ بالأمور السماوية، بل الذين يمكثون في بيت الرب هم فقط الذين ينظرون السماويات من خلال أبواب الهيكل التي غالباً ما تكون مفتوحة خلال الخدم الإلهية.

سؤال : ما قصة الثياب الكهنوتية ولماذا تقلدون كهنة اليهود في ارتدائها.

نجيب لقد أمر الرب موسى بصنع ثياب تكرس للخدمة في الهيكل وسماها ملابس البهاء والمجد بل وحظّر لبسها خارج خدم الكهنوت وهي مكرسة بدهن المسحة ودم الذبيحة.

أما في العهد الجديد فالخدمة داخل الهيكل أقدس بما لا يمكن المقارنة به في خدمة العهد القديم. لذلك فالملابس الحبرية في العهد الجديد تدل على أن الذي ارتداها قد انفصل عن العالم ليقوم بخدمة شريفة بل هي أشرف خدمة على الإطلاق إذ يقدم جسد الرب ودمه طعاماً للمؤمنين فحري به أن تكون ملابسه ذات صفة معينة تختلف عن العالم.

لذلك فالكاهن الذي ارتدى تلك الملابس قد تغرب عن العالم ليقوم بأعمال سماوية وهو على الأرض، لهذا فالكاهن الذي اتشح بثياب الخدمة هو شخص آخر غير الذي نعرفه خارج الخدمة، إنه الملاك الذي يرفع صلوات المؤمنين مع البخور إنه الذي يقدم للمؤمنين جسد الرب، إنه الذي يعطي البركة باسم الرب، إنه الذي يلد المؤمنين بالماء والروح، إنه الذي يريح المؤمنين بجعلهم يتيقنون من غفران خطاياهم عن طريق كلمات الحل والنعمة الصادرة من فمه كونه صاحب سلطان الحل والربط من الله على الأرض، صلاته هي التي تستدع الروح القدس على المتقدمين لسر الزواج ليقرنهما جسداً واحداً.

كل هذه الأمور تستدعي لباساً خاصاً وقد تسلمنا ذلك من الآباء القديسين وكل الكنائس على الاختلافات التي بينها تراعي ذلك من الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والسريانية والقبطية والأرمنية والأنكليكانية والسلافية. ومن غير الممكن أبداً رشق هؤلاء جميعاً بأنهم قد حادوا عن الصواب.

حتى القسس الذين في الكنائس التي تدّعي التجديد والتحرر قد أصبحوا اليوم يقلدون آباء الكنائس الكاثوليكية بلبس الياقة البيضاء فوق ملابسهم.

الصلاة على الراقدين وطلب المغفرة لهم :-

كيف تصلون على الراقدين وتطلبون لهم المغفرة والرحمة وقد انقطع رجاء المغفرة بعد الموت.

نجيب :

من هو الذي رقد؟ أليس معمداً في الكنيسة وعضواً كاملاً في جسد المسيح أي الكنيسة، يقول آخر وهل كانت مسيرته ترضي الله وملتزماً بالكنيسة صلاة وعبادة وصوماً. نجيب بأن الكنيسة المقدسة لم يقمها الله دياناً في يده سيف مسلط على رقاب الناس،ومن هنا الذي يحاسب الناس على إيمانهم وأعمالهم صالحة كانت أم غير ذلك هو الله فقط وهذا منهج ثابت في الإنجيل في مواقع كثيرة. فالله هو الذي يدين سرائر الناس بحسب إيمان القلب والضمير.

لكننا نؤمن في الكنيسة بأن غير الملتزم في الكنيسة وأمضى حياته بعيداً عنها هو ابنها على الأقل. فمن جهة الجسد الابن العاق لوالده هو في النهاية ابن، يبقى صدر الوالدين حنوناً عليه في أي لحظة يعود فيها إلى دفء الحنان الوالدي. إذن الكنيسة كأم بالروح لأبناء الآب في السماء تصلي لجميع أبنائها العاق وغير العاق وما تبقى هو موجود في حسابات الله وحده الذي يعلم ضعف الطبيعة البشرية وميلها الدائم نحو الشر منذ الحداثة، فهو الأدرى بها لأنه خالقها.

نعود لموضوع الصلاة على الراقدين وطلب الرحمة لهم هل هو جائز؟

نقول نعم جائز. وهاكم البرهان :

في متى 12 : 32 يقول الرب ( ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له وأما من قال كلمة على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي.).

ليست العملية بحاجة إلى دقة كبيرة في التفسير البسيط للآية السابقة، هذا العالم يقصد به العالم الذي نعيش فيه، لكن ما هو الآتي وفي الترجمات الكاثوليكية الدهر الآتي. لا بد أن الآتي هو يوم الدينونة. نصل في النهاية إلى حقيقة ليس فيها التباس وهي هنالك مغفرة في الدهر الحالي وهنالك مغفرة في الدهر الآتي.

لكن من المؤكد أن تلك المغفرة في الدهر الآتي لن تكون للجميع، بمعنى ليس الجميع مستحقين لتلك المغفرة بل لأناس معينين، لست أعلم من هم، الله فقط يعلم.

من هنا نعلم نحن في الكنيسة أن هنالك فروقاً بين الذين يرقدون أو يمكن تصنيفهم لثلاث فئات :

  1. فئة بعد الرقاد فوراً ينتقلون إلى الأخدار السماوية ومثال ذلك أليعازر الوارد ذكره في إنجيل لوقا فقد نقلته الملائكة فوراً إلى حضن إبراهيم حيث التعزية العظيمة. وكذلك اللص الذي صلب على يمين المخلص. قال له الرب : اليوم تكون معي في الفردوس. وهنا لنا تعليق. يا رب إنك تخاطب لصاً بل وقاتلاً وقاطع طريق، كيف يدخل الفردوس، أين دينونتك العادلة؟ وهل الفردوس بهذه السهولة. لماذا لم تعده بدينونة سهلة وعقاب مؤقت ثم تدخله الفردوس؟ وكأن المخلص يجيب : لست أشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا، ويقول ما أعرفه أنا لا تعرفه أنت. وما أعلمه أنا اللامحدود لا تعلمه أنت المحدود، لا يعرف الطبيعة البشرية إلا أنا لأني جابلها وعارف بها أكثر منك. وهنا أمام حكمتي يقف عقلك. وفعلاً أنا شخصياً هنا يقف عقلي عن استيعاب رحمة الله وطول أناته.
  2. فئة ينتقلون مباشرة بعد الرقاد إلى مكان العذاب الأبدي ومثال ذلك الغني الوارد ذكره مع أليعازر في إنجيل لوقا ( فرفع عينيه في العذاب). وهذا هو الموت الثاني الذي يتحدث عنه كثيراً الكتاب المقدس بمعنى الابتعاد عن رحمة الله إلى الأبد، إذ انقطع رجاؤه من رحمة الله وهذا ليس من قوة في الدنيا يمكن أن تغير مصيره ولا يفيده شيء.
  3. فئة ينتمي إليها معظم الناس فئة لا يمكن الحكم عليها بسهولة ترى فلان من الناس يقول بأنه مؤمن بالتجسد الإلهي ومؤمن بذبيحة الصليب ولديه أعمال هي ثمرة ذلك الإيمان صلاة، صوم، أعمال رحمة ويعترف بأنه خاطئ ولديه هفواته الخاصة، وهذا لا نعرف كيف يدان، هؤلاء تعتقد الكنيسة أن ربما يحدث له مغفرة في الدهر الآتي لذلك تصلي من أجله.

لكن هل يجوز طلب الرحمة لمن رقد؟

أخوتنا مدعي التجديد يقولون لا يجوز أن نقول ( الله يرحمه )، لكننا نفند ذلك بقراءة رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1 : 15 و 16 ( ليعط الرب رحمة لبيت أنيسوفورس لأنه مراراً كثيرة أراحني ولم يخجل بسلسلتي بل لما كان في رومية طلبني بأوفر اجتهاد فوجدني ليعطه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم ). بولس يتحدث بصيغة الماضي ويدعو بالرحمة لبيت أنيسوفورس بمعنى أنه قد رقد ويرجو له الرحمة في ذلك اليوم، أي يوم القيامة.

وبما أن الكنيسة لا تستطيع أن تميز بين أبنائها من هو من الفئة الأولى أو الثانية أم من الثالثة فهي تصلي من أجل الجميع فالصلاة الجنائزية تفيد البعض منهم.بموجب ما ذكرناه في سياق الكلام.

لذا فقد تسلمنا من ذات الآباء القديسين الذين رتبوا لنا الإنجيل وحفظوه ونقلوه لنا بأمانة وغيرة حسنة بأن نصلي على الراقدين ونقيم القداس الإلهي على نياتهم ونقدم الصلوات عن أرواحهم بل ونحرق بخوراً وزيتاً على قبورهم فهم لمسوا بالروح بأن ذلك مقبول عند الله.

لذلك فنحن نقيم جناز الثالث للدلالة على أن الأخ الراقد قد حصل على تركيبه منذ البدء من الثالوث القدوس.

أما جناز التاسع فيشير إلى أن الأخ الراقد سينضم إلى الطغمات الملائكية التسع الغير مادية لأنه هو قد أصبح غير مادي.

أما الأربعين فعند الأربعين تنحل الجبلة وينحل القلب في الآخر مع علمنا أنه عند التكوين في الرحم يبدأ القلب أولاً في النبض.

وعموماً هي صلوات تسعى الكنيسة من خلالها الطلب إلى الرب راحة نفس الراقد والباقي عند الله.

وإلى هنا نختم كلامنا عن الراقدين والصلاة من أجلهم.

الصوم : هل ورد في الكتاب المقدس أن الصوم فريضة على المؤمنين؟

الصوم صالح لتهذيب النفس وضبط الإرادة ويكون حسناً أكثر إذا ارتبط مع الصلاة والصدقة.

يقول الرب : توبوا إلي بكل قلوبكم، وبالصوم والبكاء والانتحاب. ( يوئيل 2 : 12 ).

هل ألغى المسيح الصوم. لم يلغ المسيح الصوم لكنه أجّله لما بعد صعوده.

بل على العكس، في العهد الجديد كان أول الصائمين. متى 4، لوقا 4.

فإذا صمت فاغسل وجهك وادهن رأسك لئلا تظهر للناس صائماً وأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية. ( متى 6 : 17 ).

وقد مارست الكنيسة الصوم.

وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال لهم الروح القدس : افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما، فصاموا وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي وصرفوهما ( أعمال 13 : 2- 20 ).

كذلك مارس بولس وبرنابا الصوم : ولما رسما لهما كهنة في كل كنيسة وصلوا بأصوام استودعاهم الرب الذي آمنوا به. ( 14 : 23 )

وقد تسلمنا نحن من التقليد ومن تاريخ الكنيسة أن نصوم قبل الفصح وقبل الميلاد وكذلك صوم السيدة العذراء وصوم الرسل القديسين وكذلك صوم أيام الأربعاء والجمعة على مدار السنة.

سؤال : ولكن كيف تم ترتيب الصوم الأرثوذكسي بهذه الطريقة؟ ولماذا الزفر والدهنيات الحيوانية. هل هنالك عداوة بين تلك المواد وبين الكنيسة؟ وهل تلك الأطعمة نجسة حتى ننقطع عنها في الصوم؟

الحقيقة إن مفهوم النجاسة غير وارد هنا فالقديس يوحنا يقول في رسالته الأولى :

( ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطيئة. ). النجاسة الحقيقية هي ممارسة الخطيئة والعضو الذي يمارس الخطيئة فقد نجّس الجسد كله. لذا لا يوجد طعام نجس لأن كل ما يؤكل يقدّس بكلمة الله والصلاة.

كما لا توجد عداوة لا سمح الله بين الكنيسة والمواد الدسمة فالموضوع مهم ودقيق ويستحق البحث بطريقة أكثر عمقاً.

لا يوجد في الكتاب المقدس عموماً والإنجيل خصوصاً أي إشارة للصوم عن الدهون والمنتجات الحيوانية، ولكن عند البحث الدقيق توصلنا إلى ما يلي :

عندما خلق الله آدم وحواء وضعهما في الجنة وقال الرب لآدم : من كل شجر الجنة تأكل وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت.

آدم وحواء في الجنة ما قبل العصيان كانا طاهرين بريئين لدرجة أنهما كانا عريانين ولا يدريان بأنهما كذلك.

وهنا نقف. لقد خلق الله الإنسان آخر من خلق، بمعنى أن الحيوانات جميعاً كانت مع آدم في الجنة، ومع هذا لم يكونا يعرفان أن تلك الحيوانات يمكن أن تذبح لتؤكل لأنهما كانا يعيشان على ثمار شجر الجنة.

ويخبرنا الكتاب المقدس أن الرب صرّح بذبح الحيوانات وأكلها بعد الطوفان.

فماذا نرى هنا.

لقد رتب الآباء القديسون المتشحون بالله وبإلهام الروح القدس أن نستعد لأعظم مناسبتين خلاصيتين الذين ترتكز عليهما المسيحية ولا مسيحية بدونهما أي سر التجسد الإلهي ( الميلاد ) والآلام وتاجها القيامة بأن نعيش ما قبلهما معيشة آدم الطاهرة ما قبل العصيان والطرد من رحمة الله بالشكل والجوهر معاً.

فآدم ما قبل العصيان كان في شركة كاملة مع الله لأن الله خلقه سيداً على الطبيعة ومقدّراتها ومخلوقاتها، كيف لا وهو المخلوق الوحيد الذي خلق على صورة الله ومثاله. وكان نباتياً.

لذلك، فيما نستعد للميلاد والقيامة نستعد بأن نعيش معيشة آدم ما قبل العصيان بالشكل والجوهر معاً فبالشكل نعيش على المآكل النباتية الذي هو طعام الفردوس وفيه ملء البركة، وبالجوهر نعمق العلاقة والشركة مع الله أكثر ففي موسم الصوم تكثر الصلوات والخشوعية منها بشكل خاص مقترنة بمزامير التوبة، وتكثر القراءات المقدسة في الكتاب المقدس والكتب المرافقة مع مطالعة سير القديسين.

والصوم عن المآكل هو آخر مرحلة من الصوم، فتسبقه النية الحسنة وصوم اللسان وصوم الحواس ومصالحة القريب. ثم صوم الجسد.

أما رقم 40 وهو عدد أيام الصوم فله خصوصية في الكتاب المقدس، فموسى بصومه الأربعين يوماً على الجبل أخذ لوحي الوصايا، وإيليا بصوم الأربعين يوماً حبس المطر عن الأرض ثلاث سنين وستة أشهر، وفي العهد الجديد نرى المخلص يسبق بشارته المفرحة للعالم بتقديس البشارة بصوم الأربعين يوماً.

والصوم بلا صلاة وتضرع وركعات وسجود وتناول لجسد الرب ودمه لا فائدة منه لذا نؤكد على تلك الأعمال المقدسة خلال الصوم ونزيد منها يوماً فيوماً خلال مدة الصوم.

من هنا تتضح أهمية الصوم ونرى الكثير من المؤمنين يتلهفون على مواسم الصوم خصوصاً الصوم الكبير المقدس ولا يكتفون بصلوات الجماعة في الكنيسة بل يكرسون صلوات خاصة وقراءات فردية خاصة بهم، يرجون الله أن يكون صومهم مقدساً بل وقرباناً عطراً يتنسم فيه الرب رائحة الرضى والسرور.

إنكار لعمل الكنيسة :

يقولون : نحن لا علاقة لنا بالترتيبات الكنائسية وقوانينها وآبائها ونحن لا نقبل ‘لا الإنجيل.

نجيب : لقد بينا في سياق كلامنا عن العلاقة بين الإنجيل والكنيسة والآباء القديسين، مثمنين دور الكنيسة في جمع الأسفار المقدسة وتثبيتها وترتيبها وبيان قانونيتها والتمييز بين المقدس منها والمنحول وأن هؤلاء الأباء هم وخلفائهم من بعدهم فهم الذين ثبتوا حقائق الإيمان ودحضوا الهرطقات.

هؤلاء المناضلين عن الحق هم من نسميهم الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين التي تضم رجال الكنيسة من أساقفة وكهنة وشمامسة ومؤمنين هم من نطلق عليهم اسم كنيسة، وهم ملتئمين بوحدة الإيمان والهدف والمصير.

فماذا يقول الإنجيل نفسه عن تلك الكنيسة عينها؟

+ مكتوب إن لم يسمع أخوك من الكنيسة فليكن عندك كوثني وعشّار.

متى 18 : 17.

+ إن الكنيسة عمود الحق وركنه. 1 تيموثاوس 3 : 15.

+ إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. ( أي الكنيسة ). متى 16 : 18.

+ الكنيسة تخضع للمسيح في كل شئ. أفسس 5 : 24.

+ في أفسس أيضاً مكتوب أن المسيح رأس الكنيسة وهي مقدسة بلا عيب.

كل هذا الكلام الإلهي هل قيل عن كناس موجودة وقد تسلمنا نحن منها العقائد والإيمان، أم يتكلم عن كنيسة لم تكن موجودة وستأتي في المستقبل البعيد؟

أترك ذلك لذكائك عزيزي القارئ لتجيب بنفسك.

وصايا الكنيسة :

هل وصايا الكنيسة ملزمة للمؤمن؟

يقولون نحن نلتزم فقط بوصايا الله، أما وصايا الكنيسة وقوانينها فليس ما يجبرني على الالتزام بها.

نجيب من الكتاب :

+ من سمع منكم فقد سمع مني ومن رذلكم فقد رذلني ومن رذلني فقد رذل الذي أرسلني. لوقا 10 : 16.

+ وإن لم يسمع من البيعة ( الكنيسة ) فليكن عندك كوثني أو عشّار. متى 18 :17

+ واختار بولس سيلا وانطلق بعد أن استودعه الأخوة إلى نعمة الله فطاف سورية وكيليكية يثبت الكنائس ويسلم إليهم وصايا الرسل والكهنة والشيوخ.

أعمال 15 : 35 – 41

ذبيحة القداس :

من أين جئتم بمصطلح ذبيحة القداس. هل تكررون ذبيحة الصليب وتصلبون المسيح في كل قداس؟

جئنا بالمصطلح من العهد القديم والجديد.

العهد القديم : وعد بإلغاء ذبائح اليهود. إني لا مسرة لي بكم قال رب الجنود ولا أرضى تقدمه منكم. ( ملاخي 1 : 10 ).

نبوة ووصف للذبيحة الجديدة التي يريدها.

لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم في الأمم، وفي كل مكان تحرق وتقرّب تقدمه طاهرة لاسمي، لأن اسمي عظيم في الأمم. ملاخي 1 : 11.

أقسم الرب ولن يندم أن أنت الكاهن إلى الأبد على رتبة مليكيصادق. مزمور 109 :4. ومليكيصادق قدم خبزاً وخمراً. ( وأخرج مليكيصادق ملك شليم خبزاً وخمراً لأنه كان كاهناً لله العلي ) تكوين 14 : 18.

ويؤكد كاتب الرسالة إلى العبرانيين مشابهة المسيح بملكيصادق :

+ ( ومما يزيد الأمر وضوحاً أنه يقوم على مشابهة مليكيصادق كاهن آخر لا ينصب على ناموس وصية جسدية بل على حسب قوة حياة لا تزول. ) عبرانيين 7 15 – 17.

العهد الجديد :

+ وأخذ خبزاً وشكر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم، وكذلك الكأس من بعد العشاء قائلاً هذه هي كأس العهد الجديد لدمي الذي يسفك لأجلكم.

لوقا 22 : 19 – 20.

وهنا أمر السيد بتجديد ذبيحة القداس.

+ اصنعوا هذا ( أي الذي صنعت أنا الآن ) لذكري. لوقا 22 : 19. وهنا أقام المخلص الرسل كهنة لإعادة ذبيحة القداس.

+ إن لنا مذبحاً لا يحق للذين يخدمون المسكن ( أي كهنة العهد القديم ) أن يأكلوا منه. ( عبرانيين 13 : 10 ).

إن ذبيحة الصليب قد تممها الرب يسوع مرة واحدة، ونحن في القداس لا نكررها. فالذبيحة تمت مرة واحدة لكنها مستمرة المفعول عبر الأجيال إلى نهاية العالم.

وهذا شائع في الكتاب المقدس.

فقد قال الرب لآدم وحواء أنموا واكثروا واملئوا الأرض واستولوا عليها.

هذه المقولة قالها الرب مرة واحدة فقط، لكنها مستمرة عبر الأجيال إلى اليوم وإلى الأبد.

فلو لم تكن إعادات لذبيحة الصليب التي تمت مرة واحدة لما تمت نبوة ملاخي أن التقدمة الطاهرة ترفع إلى الله عند الأمم من مشرق الشمس إلى مغربها أي في كل البلاد وكل الساعات.

لهذا فنحن نؤمن جازمين أن الخبز الذي نتناوله في القربان المقدس هو نفسه ذلك الجسد المقدس الكريم الذي كسر وطعن على الصليب.

ونؤمن أيضاً أن الخمر الممزوج في كأس القربان هو الدم الحقيقي الطاهر الذي سفك على الصليب والنازف من الجنب المطعون بالحربة.

وأن هذا الخبز هو الخبز الحي الذي نزل من السماء والذي يأكل منه باستحقاق لا يموت أي لن ينفصل من رحمة الله، وأنه هو نفسه الذي قال عنه المخلص جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق.

وهو نفسه الذي قال عنه المخلص : من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه. وأنا أقيمه في اليوم الأخير وهو التقدمة الطاهرة جسد الرب ودمه الذي إن أكل منه أحد على غير الاستحقاق يكون مجرما إلى جسد الرب ودمه.

كلمات من قلب أب لقلوب أبنائه بالروح :

يا أبناء الكنيسة الرسولية الجامعة المقدسة :

أقدم لكم خلاصة جهد قد بذلته لأثبت فيكم الإيمان، ولأنزع من قلوبكم كل ما يشكك قلوبكم بممارسات الكنيسة الطقسية والرعائية والأبوية.

كنيستنا مهما عانت من الضعف وقلة الحيلة وفقر الحال وهجوم الأعداء المنظورين وغير المنظورين ستبقى تردد قول الرسول بولس لأن قوتي في الضعف تكمن.

أخاطب فيكم العقل والقلب والضمير أنا الأب بالروح لجميعكم والذي يسهر بالصلاة والصوم ودعاء البركة على نفوسكم أن تتأملوا في ممارسات كنيستكم وأن تلتزموا بها، ولا تحاولوا السكوت عن أي شئ لا تفهمونه بالسؤال ومن كل المصادر المتاحة، ولا تفكروا بمجرد التفكير أن تجروا وراء سراب لا يروي عطشاً بل إنه سراب سام فيه الموت لنفوسكم وأرواحكم.

إن صوت المخلص يرن في أذن مؤمنيها في اللحظة التي تشعر كنيستنا بالضعف قائلاً هاء أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. ويهمس بولس الرسول قائلا:

أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني.

إن العمر الزمني لكنيستنا تجاوز الألفي عام لم تحد عن إيمانها الرسولي والآبائي يمنة أو يسرة، تسلم إيمانها المقدس الرسولي لأجيالها جيلاً بعد جيل دون زيادة أو نقصان. إيماناً حاراً صادقاً نقياً طاهراً لا شائبة فيه ولا غضن. حاراً بحرارة إيمان الآباء والأجداد، الذين وإن جهل منهم بعلوم الكتاب الإلهي إلا أن مسيرتهم الإيمانية في الحياة كانت نوراً ورائحة إيمانهم فيها رائحة المسيح العطرة.

إن صادفتكم مسألة روحية أقلقتكم، أو عقيدة ساء فهمكم لها، أو جاشت في نفوسكم خواطر من هنا وهناك، فنحن موجودون نحبكم من محبتنا لله ولخدمته بواسطة خدمتنا لكم، وإن رأيتم منا عثرة أو خطيئة فاذكروا أننا بشر ضعفاء أولاً وأخيراً بدل من ترككم الكنيسة نحن بحاجة لصلواتكم.

وبرغم حملنا لرتبة الكهنوت المقدسة السامية إلا أننا لسنا كاملين ولو أننا نسعى للكمال بحسب طلب المخلص.

أقدم لكم سطوري التي كتبتها بيدي الترابية الحقيرة، لرجائي الحار أن تكون وسيلة من الروح القدس مثبت الكنيسة ومعزيها والمدافع عنها أن تلمس كلمات هذه السطور قلوبكم وأفكاركم لتثبت إيمانكم بالله وابنه يسوع المسيح وروحه القدوس وآباء الكنيسة القديسين وإلزام أنفسكم بحضور الخدمات الإلهية واذكروني أنا الكلي الجهل والضعف في صلواتكم فهي عزائي وقوتي في الخدمة المقدسة التي أمنتها في عنقي بطريركيتي المقدسية المقدسة وهذه الخدمة هي خلاص النفوس. آمين

وكلمات أخرى من عمق قلبي لأبناء كنيستي الذين ابتعدوا عن حنانها النابع من حنان الآب السماوي أقول :

إني كأب وراع أقول مهما ابتعدتم فإن بيني وبينكم صبغة المعمودية التي نلتموها صغاراً في كنيستي، لذا سأبقى رغم كل شيء أذكركم في صلاتي البسيطة، واضعاً إياكم أمام الله كل حين متأملاً في يوم ما، أو حتى في لحظة ما اكتشافكم لخطأ البعد عن الكنيسة التي ولو غشاها ضعف في يوم من الأيام كان ينبغي أن تصمدوا فيها، لتعالجوا أنتم بقوة الله هذا الضعف لا أن تبتعدوا بهذا الشكل المريع.

وأقول كلمة الحق لا أخجل منها ولا أخاف، لا خلاص خارج كنيستنا الرسولية، ولا يسوع المسيح يسمع الصلاة خارج كنائسنا، وكل ما نعتقد أننا عرفناه زيادة عن المخلص الفادي هو جهل مطبق. ووجودنا في ما يسمى كنائس(التجديد) التي تمزقت آلافاً مؤلفة من الجماعات المتناحرة هو انتحار للنفس وسقوط عظيم لها.

أيها الأبناء :

صوت الكنيسة ينادي على لسان الحكيم منادياً هلموا كلوا من خبزي واشربوا من الخمر التي مزجت. الذين هما جسد الرب ودمه الحقيقيان في سر القربان المقدس، لا تضيعوا فرصة العودة سريعاً فالوقت قد لا يسمح بالإطالة في الجفاء والبعد.

نحن في الكنيسة مستعدون لأي خدمة لها علاقة بخلاص نفوسكم أو جوع أرواحكم فاستغلوا الفرصة، طالباً في النهاية من رب المجد أن تلامس كلمات هذه الصفحات قلوبكم وأفكاركم وتعود بكم نحو بر الأمان والرب معكم. آمين

إعداد الأب قسطنطين ( فادي ) هلسا

المراجع:

  1. الكتاب المقدس.
  2. كتاب القنداق.
  3. العقيدة المسيحية تأليف كوستي بندلى
  4. المرسى الأمين لنفوس المؤمنين إعداد الأب قسطنطين قرمش.
  5. الجواب من الكتاب إعداد الأب يعقوب سعادة بمشاركة الأب بيتر مدروس.
  6. كتاب التعليم المسيحي الأرثوذكسي. الناشر جمعية الثقافة والتعليم الأرثوذكسية.
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى