التسليم من الناحية اللغوية والعقائدية

التسليم من الناحية اللغوية:

تشتق الكلمة اليونانية παράδοσις من فعل παραδίδωμι (اسلم) الذي يعني فاعلية النقل والإرسال بعيداً من يد إلى يد، ومن فمّ إلى فمّ، والتسليم المباشر من شخص لآخر. أما موضوع هذا النقل فيمكن أن يكون كلمات قيلت وأعمالاً شوهدت وعوائد عمل بها. وهكذا نجد أن الكلمة اليونانية والتي ترجمت إلى العربية بكلمة تقليد، لا تعني تقليد الأقدمين أي مجاراتهم ومحاكاتهم، بل هو الاستلام منهم بالتسلسل الوديعة التي سلمت اليهم. على هذا الأساس تصبح كلمة “تسليم” أصح وأقرب بكثير إلى المعنى الأساسي من كلمة تقليد. وإن شئنا الاحتفاظ بكلمة “تقليد” فيجب فهمها على أساس اشتقاقها من فعل قلّد بمعنى قلّده السيف أي جعل حمالته في عنقه، وقلّده العمل: فوض أمره إليه. أما فعل “أتسلّم” فيقابله باللغة اليونانية فعل “παραλαμβάνω“.

الستليم من الناحية العقائدية:

إذا بحثنا عن تعريف للتقليد في الكتب اللاهوتية الأرثوذكسية فسنجد تعابير عدة تسلط عليه الضوء من زوايا  مختلفة هناك: “النقل الشفهي للحق المعلن” و”الذاكرة الحية للكنيسة” و”حياة الروح في الكنيسة”. التعريف الأول يشدّد على أساس (مصدر) التقليد الذي هو تعليم الرسل القديسين المنقول في البداية شفاها. الثاني يؤكد ملاصقة التقليد العضوية لحياة الكنيسة على الأرض وتطوره معها عبر العصور. الثالث يظهر المبدأ الفاعل في المحافظة على جوهر التقليد والمساعدة على استمرار حيويته وهو الروح القدس العامل في الكنيسة.

وعلى وجه العموم فالتقليد والتسليم هو الإعلان الإلهي والبشارة المسيحية التي تسلمتها الكنيسة بالروح القدس، كتابات مقدسة وصلوات، وفنونا، ومناهج حياة. ولنعد الآن إلى البداية لنحاول أن نتعرف على التقليد منذ نشأته.

arArabic
انتقل إلى أعلى