Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

الفصل الثالث عشر

وهنا أيضاً: أكان ممكناً لله أن يسكت، وأن يترك للآلهة الكاذبة أن تكون هي المعبودة بدلاً من الله؟ إن الملك إذا عصته الرعية يذهب إليهم بنفسه بعد أن يرسل إليهم الرسائل. فكم بالأحرى يعيد إلينا الله نعمة مماثلة صورته. هذا ما لم يستطع البشر أن يتمموه لأنهم ليسوا هم صورة الله. لهذا كان لزاماً أن يأتي الكلمة نفسه ليجدّد الخلقة وليبيد الموت في الجسد.

1ـ وإذ صار البشر هكذا كالحيوانات غير العاقلة، وسادت غواية الشيطان في كل مكان حتى حُجِبت معرفة الإله الحقيقي(1)، فما الذي كان على الله أن يفعله؟ أيصمت أمام هذا الضلال العظيم ويدع البشر يضلون بتأثير الشيطان ولا يعرفون الله؟(2)

2ـ وما هي الفائدة من خلق الإنسان أصلاً على صورة الله؟ كان من الأفضل له لو أنه خُلق مثل مخلوق غير عاقل من أن يُخلق عاقلاً ثم يعيش كالحيوانات غير العاقلة(3).

3ـ أو هل كانت هناك ضرورة على الإطلاق أن يُعطَى فكرة عن الله منذ البداية؟ لأنه إن كان حتى الآن هو غير جدير بأن ينالها، فكان الأولى ألاّ تُعطى له من البداية(4).

4ـ وما الفائدة التي تعود على الله الذي خلقهم وكيف يتمجد إن كان البشر الذين خلقهم لا يعبدونه بل يظنون أن آلهة أخرى هي التي خلقتهم؟(5) لأنه بهذا يظهر أن الله قد خلقهم (أي خلق البشر) لا لنفسه بل للآخرين.

5ـ ومرة أخرى نقول: أي ملك(6)، وهو مجرد إنسان بشري، إذا امتلك لنفسه بلاداً يترك مواطنيه لآخرين يستعبدونهم(7)؟ وهو لا يدعهم يلتجئون لغيره، لكنه ينذرهم برسائله ثم يُرسل إليهم أصدقاءه(8)  مراراً، وإن اقتضى الأمر يذهب إليهم بشخصه(9)، لكي يوبخهم بحضوره(10)، كآخر وسيلة يلجأ إليها. وكل ذلك لكي لا يصيروا خداماً لغيره فيذهب عمله هباءً(11).

6ـ أفلا يشفق الله بالأولى على خليقته(12) كي لا تضل عنه وتعبد الأشياء التي لا وجود لها(13)، وبالأكثر عندما يظهر أن هذه الضلالة هي سبب هلاكهم وخرابهم؟(14) وليس لائقاً أن يهلك هؤلاء الذين قد كانوا مرة شركاء في صورة الله.

7ـ إذن فما هو الذي كان ممكناً أن يفعله الله؟(15) وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليقة التي وُجدت على صورة الله، مرة أخرى، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرة أخرى؟ ولكن كيف كان ممكناً لهذا الأمر أن يحدث إلاّ بحضور نفس صورة الله ـ مخلّصنا يسوع المسيح؟ كان ذلك الأمر مستحيلاً أن يتم بواسطة البشر(16) لأنهم هم أيضاً خُلِقوا على مثال تلك الصورة(17).(وليس هم الصورة نفسها)، ولا أيضاً بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صوراً(18) (لله) ولهذا أتى كلمة الله بذاته(19) لكي يستطيع ـ وهو صورة الآب ـ أن يجدّد خلقة الإنسان، على مثال الصورة.

8 ـ وإضافة إلى ذلك فهذا(20) لم يكن ممكناً أن يتم أيضاً دون أن يُباد الموت والفساد.

9ـ ولهذا فقد كان من اللائق أن يأخذ جسداً(21) قابلاً للموت حتى يمكن أن يُبيد فيه الموت ويجدّد خلقة البشر الذي خلقوا على صورته. إذن فلم يكن كفءاً لسد هذه الحاجة سوى صورة الآب(22).

الفصل الرابع عشر

إن فسد الرسم وجبت إعادته من الصورة الأصلية. وهكذا أتى ابن الآب لكي يطلب ويخلص ويجدد الحياة. ولم تكن هنالك طريقة أخرى ممكنة. لأن الإنسان إذ طمس بصيرته بنفسه لم يستطع أن يبصر لكي يشفى. ولم تعد شهادة الخليقة لخالقها ذات نفع له. أما الكلمة فهو وحده الذي استطاع أن يتمم هذا. ولكن كيف؟ ليس إلاّ بأن يأتي إلينا كإنسان.

1ـ وكما أنه لو كانت هناك صورة لشخص مرسومة على قماش مثبّت على لوحة خشبية وتلطخت هذه الصورة من الخارج بالأقذار، مما أدى إلى اختفاء ملامحها، ففي هذه الحالة لابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكي يمكن إعادة تجديد الصورة على نفس قماش اللوحة، فلا يلقى بالقماش(23)، لأن صورته رسمت عليه، بل يُجدِّد الرسم عليه مرة أخرى.

2ـ وعلى هذا النحو، فقد أتى إلى عالمنا كليّ القداسة ابن الآب، إذ هو صورة الآب، لكي يجدّد الإنسان الذي خُلِق مرة على صورته، ويخلّص ما قد هلك بمغفرة الخطايا، كما يقول هو في الأناجيل “جئت لكي أطلب وأخلّص ما قد هلك”(24). ولأجل هذا أيضاً قال لليهود ” إن كان أحد لا يولد ثانية”(25) وهو لا يقصد بهذا ـ كما ظنوا ـ الولادة من امرأة، بل قصد التحدث عن إعادة ميلاد النفس وتجديد خلقتها بحسب الصورة (26).

3ـ ولكن إن كانت العبادات الوثنية والمعتقدات الإلحادية قد سيطرت على المسكونة، وإن كانت معرفة الله قد أُخفيت، فمن ذا الذي كان قادراً أن يقوم بتعليم المسكونة عن الآب؟ وإن قال أحد إن هذه هي مهمة إنسان أجبناه أنه لم يكن في استطاعة إنسان أن يطوف المسكونة كلها وليس من طبيعته أن تكون لديه القدرة على الركض لمثل هذه المسافات الشاسعة(27)، ولا هو يستطيع أن يدّعي القدرة على القيام بهذا العمل. كما أن البشر لا يستطيعون من تلقاء أنفسهم أن يقاوموا غواية الأرواح الشريرة وحيلها.

4ـ لأنه طالما أن الجميع ضلوا واضطربت نفوسهم بسبب غواية الأرواح الشريرة وأباطيل الأوثان فكيف كان ممكناً لهم أن يغيّروا نفوس البشر (الآخرين) وعقولهم(28) وهم أنفسهم عاجزون عن رؤية النفس والعقل؟(29) وكيف يمكن لأي كائن أن يغيّر النفس وهو لا يراها أو يعرفها؟

5ـ وقد يقول أحد إن الخليقة كانت كافية(30). لكن لو كانت الخليقة كافية لما حدثت كل هذه الشرور الفظيعة، لأن الخليقة كانت موجودة بالفعل ومع ذلك كان البشر يسقطون في نفس الضلال عن الله.

6ـ فإلى من إذن كانت الحاجة إلاّ إلى كلمة الله الذي يبصر (ويعرف) النفس والعقل، وهو المحرك لكل ما في الخليقة، والتي من خلالها يجعل الآب معروفاً؟ لأن ذلك الذي ـ بأعمال عنايته وتدبيره لكل الأشياء ـ يعلّم عن الآب هو الذي يستطيع أيضاً أن يجدّد ذلك التعليم عينه.

7ـ وكيف كان ممكناً أن يحدث هذا؟ ربما قال امرؤٍ بأن هذا كان ممكناً أن يحدث بنفس الطريقة السابقة، حتى أنه مرة أخرى ـ عن طريق أعمال الخليقة ـ يمكن أن يعلن معرفة الآب. لكن هذه الوسيلة لم تعد مضمونة، وبالتأكيد هي غير مضمونة، لأن البشر قد أهملوها سابقاً، بل أنهم لم يعودوا يرفعون أعينهم إلى فوق بل صاروا يشخصون إلى أسفل.

8 ـ ولهذا كان من الصواب، إذ أراد منفعة البشر(31)، أن يأتي إلينا كإنسان آخذاً لنفسه جسداً شبيهاً بجسدهم من أسفل(32). حتى يستطيع الذين لا يريدون أن يعترفوا به، من خلال أعمال عنايته وسلطانه على كل الأشياء، أن يبصروا الأعمال التي عملها بجسده ـ هنا على الأرض ـ ويعرفوا كلمة الله الحال في الجسد ومن خلال الكلمة المتجسد يعرفون الآب.

الفصل الخامس عشر

وإذ رأى الكلمة أن البشر حصروا أفكارهم في الأمور الجسدية تنازل إلى مستوى تفكيرهم وأخذ جسداً. والتقى بإحساساتهم في منتصف الطريق. وسواء اتجهت ميولهم إلى عبادة الطبيعة، أو البشر، أو الأرواح الشريرة، أو الموتى، فقد أظهر نفسه رباً على كل هؤلاء.

1ـ وكما أن المعلّم الصالح، الذي يعتني بتلاميذه(33)، إذ يرى أن بعضاً منهم لا يستفيد من العلوم التي تسموا فوق إدراكهم، فإنه يتنازل إلى مستواهم ويعلّمهم أموراً أبسط(34)، هكذا فعل كلمة الله كما يقول بولس ” إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يُخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة”(35).

2ـ ولأن البشر قد تركوا التأمل في الله وانحطت نظراتهم إلى أسفل كأنهم قد غاصوا في الأعماق(36) باحثين عن الله في عالم الحسيّات، صانعين لأنفسهم آلهة من البشر المائتين(37) ومن الشياطين(38)، لهذا فإن محب البشر ومخلّص الجميع كلمة الله أخذ لنفسه جسداً ومشى كإنسان بين البشر، وجذب أحاسيس كل البشر نحو نفسه(39)، لكي يستطيع أولئك الذين يظنون أن الله له جسد مادي، أن يدركوا الحق عن طريق الأفعال التي يعملها الرب بواسطة جسده، وعن طريقه يعرفون الآب(40).

3ـ ولأنهم بشر، ويفهمون كل شيء بطريقة بشرية، فعندما يستخدمون إحساساتهم الجسدية لتفسير هذه الأفعال ويحاولون فهمها بدقة فإنهم يرون أنفسهم قد قوبلوا في منتصف الطريق، وهكذا يتعلمون الحق من كل ناحية.

4ـ فإن نظروا إلى الخليقة وعبدوها عن خوف فإنهم يرون مع ذلك أنها تعترف بالمسيح رباً(41). وإن اتجهوا بأفكارهم إلى البشر، ظانين أنهم آلهة وجدوا ـ رغم ذلك ـ أن أعمال المخلّص إن قورنت بأعمال البشر(42) فإنها تظهره هو وحده أنه ابن الله دون سائر البشر، لأنه لم يقم بينهم قط من استطاع أن يعمل الأعمال التي عملها كلمة الله.

5 ـ أو إن انحرفوا وراء الأرواح الشريرة، فعندما يرون الكلمة يطردها يجب أن يدركوا أن كلمة الله وحده هو الله وأن تلك الأرواح ليست آلهة(43).

6ـ أو إن كانت عقولهم قد هبطت إلى الأموات، فعبدوا الأبطال والآلهة التي تحدث عنها شعراؤهم، فإنهم بعد أن رأوا قيامة المخلّص فيجب عليهم أن يعترفوا أن تلك الآلهة كاذبة، وأن الرب وحده هو الإله الحق، كلمة الآب، وهو الذي يسود على الموت أيضاً(44).

7ـ ولأجل هذا السبب وُلِد وظهر كإنسان، ومات، وقام. وهو قد أظهر بأعماله التي غطّت على أعمال كل من سبقوه من البشر، أن أعمالهم ضعيفة. وحتى إذا انحرفوا إلى أية ناحية فإنه يستردهم من هناك ويعلّمهم عن أبيه الحقيقي، كما يقول عن نفسه: ” أنا قد جئت لكي أطلب وأخلّص ما قد هلك”(45).

الفصل السادس عشر

إذاً فقد جاء لكي يجذب أنظار البشر الحسيّة إليه كإنسان وبذلك يقودهم لكي يعرفوه كإله.

1ـ فطالما أن فكر البشر قد انحط كلية إلى الأمور الحسيّة، فالكلمة أيضاً تنازل وأخفى نفسه بظهوره في جسد، لكي يجذب البشر إلى نفسه كإنسان، ويوجه إحساساتهم نحوه، ومن ثم إذ يتطلع إليه البشر كإنسان فإنهم بالأعمال التي يعملها(46) يقتنعون إنه ليس مجرد إنسان بل هو إله أيضاً، وكلمة الإله الحقيقي وحكمته.

2ـ وهذا أيضاً هو ما قصده بولس الرسول عندما يقول: “وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين(47) ما هو الطول والعرض والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله”(48).

3ـ فلقد امتلأت كل الأشياء من معرفة الله بإعلان الكلمة نفسه في كل مكان(49): فوق وتحت، في العمق وفي العرض، أما “فوق” ففي الخليقة، و”تحت” بصيرورته إنساناً، وفي “العمق” بنزوله إلى الجحيم، وفي “العرض” أي في كل المسكونة. لقد امتلأ الكل من معرفة الله(50).

4ـ ولهذا السبب أيضاً فإنه لم يتمم ذبيحته عن الكل بمجرد مجيئه مباشرة، بتقديم جسده للموت ثم إقامته ثانية. لأنه لو فعل ذلك لجعل ذاته غير ظاهر، ولكنه صيّر نفسه ظاهراً جداً بتلك الأعمال التي عملها وهو في الجسد والمعجزات التي أظهرها، وبذلك صار معروفاً أنه ليس بعد مجرد إنسان فقط بل أنه هو الله الكلمة.

5ـ لأن المخلّص تمّم بتأنسه عمليتي المحبة(51): (أولاً): أنه أباد الموت من داخلنا وجدّدنا ثانية. (ثانياً): أنه إذ هو غير ظاهر ولا منظور، فقد أعلن نفسه وعرّف ذاته بأعماله في الجسد، بأنه كلمة الآب، ومدّبر وملك الكون.

الفصل السابع عشر

كيف أن التجسد لم يحدّ من وجود الكلمة في كل مكان ولم ينقص من نقاوته. (تشبيه الشمس).

1ـ لأنه لم يكن محصوراً(52) في الجسد ـ كما قد يتوهم البعض ـ أو أنه بسبب وجوده في الجسد كان كل مكان آخر خالياً منه، أو أنه بينما كان يحرّك الجسد كان العالم محروماً من أفعال قدراته وعنايته. غير أن الأمر العجيب والمدهش جداً هو أنه مع كونه هو الكلمة الذي لا يحويه شيء فإنه هو نفسه يحوي كل الأشياء(53). وبينما هو موجود في كل الخليقة فإنه بحسب جوهره هو متميز عن كل الخليقة. فهو حاضر في كل الأشياء بقدرته فقط (وليس بجوهره)، ضابطاً كل الأشياء ومظهراً سيادته على كل شيء، وعنايته بكل شيء، وواهباً الحياة لكل شيء. ومع أنه يحوي كل الأشياء ولا يحتويه شيء، إلاّ أنه كائن كلية في أبيه وحده(54).

2ـ وهكذا حتى مع وجوده في جسد بشري معطياً الحياة له فقد كان من الطبيعي أن يمنح الحياة للكون كله في نفس الوقت. ومع كونه حاضراً في كل جزء (من الخليقة بقدرته) فهو خارج كل شيء (بجوهره). وبينما صار معروفاً بأعماله التي عملها في الجسد فإنه كان في نفس الوقت ظاهراً أيضاً بواسطة أعماله في الكون كله.

3ـ إن عمل النفس أن تدرك الأشياء الخارجة عن جسدها بأفكارها(55) ولكنها لا تستطيع أن تعمل خارج نطاق جسدها أو أن تحرك الأشياء البعيدة عن الجسد. ولن يستطيع أي إنسان أن يحرك الأشياء البعيدة أو ينقلها بمجرد التفكير فيها. وأيضاً فأي إنسان لا يستطيع وهو جالس في بيته، بمجرد التفكير في الأجرام السماوية، أن يحرك الشمس أو يجعل السماء تدور، لكنه يرى أنها تتحرك وأنها قد وجدت(56)، دون أن يكون له أي قدرة للتأثير عليها.

4ـ أما كلمة الله فلم يكن كذلك في جسده (البشري)(57)، إذ لم يكن مقيداً بسبب الجسد، بل بالحري كان يستخدم جسده، ولذلك فهو لم يوجد في الجسد فقط بل كان موجوداً بالفعل في كل شيء. وبينما كان خارج الكائنات فقد كان في أبيه وحده مستقراً(58).

5 ـ وهذا هو الأمر العجيب، أنه بينما كان يتصرف كإنسان كان ككلمة الله يُحيي كل الأشياء وكابن كان كائناً مع أبيه. ولذلك عندما ولَدَته العذراء لم يعتريه أي تغير (من جهة طبيعته الإلهية)(59)، ولا تدّنس بحلوله في الجسد، بل بالعكس فهو قد قدّس الجسد أيضاً.

6ـ ورغم وجوده في كل الأشياء إلا أنه لم يستمد منها شيئاً، بل العكس فإن كل الأشياء تستمد منه الحياة وتعتمد عليه في بقائها(60).

7ـ لأنه أن كانت الشمس ـ التي خلقها هو والتي نراها وهى تدور في السماء ـ لا تتدنس عندما تلمس أشعتها الأجسام الأرضية، ولا تفقد نورها بسبب ظلمة هذه الأجسام، لكنها بالعكس تنيرها وتطهرها أيضاً؛ فبالأولى جداً كلمة الله كليّ القداسة، خالق الشمس وربها(61)، لا يتدنس بمجيئه في الجسد، بل بالعكس، فلكونه عديم الفساد، فقد أحيا الجسد المائت وطهّره(62)، فهو الذي كُتب عنه ” الذي لم يفعل خطية و لا وُجدَ في فمه مكر”(63).

 

 


(1) 1 يوضح القديس أثناسيوس نتيجة أخرى للسقوط وهى أن معرفة الإله الحقيقي قد حُجِبت وسبق أن بيّن النتيجة المباشرة للسقوط وذلك في فصل 6/1 حيث ذكر أنه ” لأجل هذا إذ ساد الموت أكثر وعم الفساد على البشر”.

(2) 2 هذا السؤال يماثل السؤال الذي ورد في فصل 6/7 ” فما الذي كان يجب على الله الصالح أن يفعله؟ أيترك الفساد يسيطر على البشر والموت ليسود عليهم؟ “.

(3) 3 ويوجد تقابل مع باقي السؤال الوارد في فصل 6/7 “ما المنفعة إذن من خلقهم منذ البدء؟ لأنه كان أفضل بالحري ألاّ يُخلقوا بالمرة من أن يُخلقوا وبعد ذلك يُهملون ويفنون”. والملاحظ أن الحديث في فصل 6 هو عن صنعة الله التي كانت في طريقها للهلاك إذ قد طالها الفساد ولهذا كان من الأفضل ألاّ تُخلق بدلاً من أن تُخلق وبعد ذلك تُهمل وتُفنى، أما في فصل 13 فإن الحديث هو عن أنه نتيجة للسقوط فإن معرفة الله حُجِبت عن الإنسان المخلوق والموجود بالفعل، ولهذا فالاشارة هنا ليست إلى أنه كان من الأفضل في هذه الحالة عدم خلق الإنسان بالمرة بل إلى خلقه لكن كمخلوق غير عاقل (أي لا يعرف الله).

(4) 1 انظر فصل 11/2.

(5) 2 في فصل 6/7ـ8 يذكر القديس أثناسيوس أن الله لو كان قد أهمل ولم يبال بهلاك صنعته لأظهر هذا الاهمال ضعفه وليس صلاحه. وهنا في هذا الفصل يوضح أن الله لو كان قد ترك البشر الذين خلقهم بدون أن يعرفوه لظنوا أن آلهة أخرى هي التي خلقتهم. وكلا الأمرين لا يحققان الهدف من خلق البشر. وفي فصل 11/2 يتساءل القديس أثناسيوس : لأنه أية منفعة للمخلوقات إن لم تعرف خالقها؟

(6) 3 التشبيه المأخوذ من حياة الملك وقدرته والمذكور في فصل10 والذي يوضح به القديس أثناسيوس كيف أنه بالتجسد قد أُبطل الموت والفساد، هذا التشبيه يستخدم مرة أخرى هنا في فصل 13 لكن يوضح كيف أنه بالتجسد صارت معرفة الله الحقيقي ممكنة لنا.

(7) 4 هنا يشير إلى ضلالات الشياطين التي حجبت معرفة الإله الحقيقي.

(8) 5 الرسائل والأصدقاء يرمزان هنا بالطبع إلى الناموس والأنبياء. وفي الفصل 12/2 الأنبياء هم أُناس معروفين بين البشر ويستطيع الآخرون أن يتعلّموا منهم عن الإله الحقيقي.

(9) 1 وفي مجال المقابلة بين ما جاء في الفصلين10، 13 نجد أنه بينما يشير القديس أثناسيوس في فصل10 إلى أن الملك “ينتقم” لعمله فيقضى على الموت كعدو، فإننا نجده هنا في فصل 13 يوضح بالأكثر ضرورة القضاء على “عدم معرفة” الله الحقيقي وذلك بحضور “شخص” الملك نفسه.

(10) 2 انظر ما جاء في مت33:21ـ41 عن صاحب الكرم والكراميين.

(11) 3 انظر فصل 8/2 “فيتلاشى عمل الله”.

(12) 4 استخدم القديس أثناسيوس عدة مرات ـ منها ما جاء في فصل 10/1 ـ تشبيهات من أعمال الملك الأرضي ليبين بها أعمال الله الخلاصية وأوضح أن أعمال الكلمة المتجسد هي بالحري أعظم جداً من أعمال الملك البشرى. وهنا أيضاً في فصل 13/6 يشدّد مرة أخرى على هذه النقطة موضحاً أنه بينما لم يترك الملك الأرضي الأمور هكذا بل انتقم من اللصوص (10/1) نجد هنا أن الله أشفق على خليقته. وتعبير أن الله يشفق هو تعبير كتابي ” الذي لم يشفق على ابنه ” رو 33:8. واشفاق الله على خليقته اتضح جلياً في أنه لم يشفق على ابنه الوحيد بل بذله من أجل الكل.

(13) 5 الله هو الكائن الحقيقي. انظر فصل 4/5، وكل آلهة أخرى هي كاذبة. انظر فصل 11، فصل 15

(14) 6 هنا يربط القديس أثناسيوس بين ضلالات الشياطين كسبب والموت كنتيجة. ومن مقارنة فصلى 10، 13 نلاحظ التشديد على أمرين هما القضاء على الموت، واستعادة معرفة الله الحقيقية. ورغم أنه قد يكون هناك تمييز بين الأمرين إلاّ أنهما لا ينفصلان. فعندما تنحجب معرفة الله فهذا يعنى حجب نعمة الخلق على صورة الله ومثاله وهذا يؤثر بالطبع على وجود الإنسان في حالة عدم فساد.

(15) 7 كرر القديس أثناسيوس نفس هذا السؤال في الفصل 7/2 والاجابة التي يعطيها هناك توضح أن ما فعله الكلمة بتجسده هو القضاء على الموت. وهنا يجيب على نفس السؤال والأسئلة التي تليه موضحاً أن ما فعله الكلمة المتجسد هو أنه جعل البشر يعرفون الله الحقيقي. وأيضاً في فصل 7/4 يذكر أن البشر الذين خُلقوا من العدم أمكنهم بالتجسد استعادة نعمة الخلق على صورة الله ومثاله، أما هنا في فصل 13 فيذكر أنه بعد التجسد أمكن تجديد هذه الصورة. وفي الحالة الأولى يتكلم عن القضاء على الموت الذي تم بالكلمة الخالق وفي الحالة الثانية يتكلم عن تجديد الصورة في الإنسان الكائن بالفعل وهذا حدث بواسطة الكلمة الذي هو صورة الآب.

(16) 1 يرى القديس أثناسيوس أن الإنسان المخلوق لا يمكن أن يعين المخلوق نظيره. انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 67.

(17) 2 حسب تعاليم القديس أثناسيوس يوجد فرق بين التعبيرين “صورة الله” و “على (مثال) صورة الله”. ففي فكره أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الإنسان “صورة الله”. “فكلمة الله” فقط هو “صورة الله”. وحيث إنه مولود من جوهر الآب فهو الصورة الطبيعية والحقيقية الوحيدة للآب.

(18) 3 الملائكة ليسوا صورة الله وهم ليسوا خالقين بل مخلوقات. وبهذا التعليم يرد القديس أثناسيوس على تعاليم الغنوسيين. انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 21.

(19) 4 انظر فصل 40/6 حيث يستشهد القديس أثناسيوس بالنص الكتابي ” لا رسول ولا ملاك بل الرب نفسه خلصهم ” إش 8:63 س.

(20) 5 يقصد تجديد خلقة الإنسان.

(21) 6 القول بأنه كان من اللائق بكلمة الله أن يأخذ جسداً بدون ذكر أي شيء عن النفس البشرية ليس معناه أن المسيح اتخذ جسداً خالياً من النفس البشرية. فالقديس أثناسيوس يتكلم هنا عن ضرورة تغيير حالة الجسد بالقضاء على الموت الذي فيه ولهذا اتخذ الكلمة جسداً. والنفس أيضاً لابد أن تتحرر من الخطية وهذا تم أيضاً بواسطة الكلمة إذ هو صورة الله. انظر فصل 15 حيث يوضح القديس أثناسيوس أن المسيح بظهوره في الجسد قد حرر النفس البشرية من نتائج الخطية.

(22) 1 انظر الفصل الأول هامش رقم 3.

(23) 1 ويقصد هنا النفس البشرية التي خُلقت على صورة الله ومثاله. انظر ضد الوثنيين. فصل 34/3.

(24) 2 لو 10:19.

(25) 3 يو 3:3، 5.

(26) 4 إذ أن المسيح هو صورة الآب كما سبق الحديث. انظر هامش رقم (2) ص39.

(27) 1 هنا يكمن الفرق الواضح بين المسيح الإله والكائن المخلوق انظر فصل 46 حيث يتضح عمل المسيح في كل المسكونة.

(28) 2 انظر فصول 30، 52 وفيهما يتحدث القديس أثناسيوس عن عمل المسيح في تغيير حياة وسلوك الذين آمنوا به.

(29) 3 يُرجع القديس أثناسيوس السبب في عجز البشر عن رؤية أن لهم نفوساً وأيضاً أن هذه النفوس عاقلة إلى أمرين هما: ضلالات وغواية الأرواح الشريرة كما هو مذكور بالتفصيل في مقالته ضد الوثنيين فصل 34/1 فيقول “إنه كما أنكر البشر الله وصاروا يعبدون أشياء لا نفس لها، وهكذا أيضاً بتوهمهم أنهم ليست لهم نفوس عاقلة ينالون حالاً قصاص غباوتهم أي أنهم يُحسبون في عداد المخلوقات غير العاقلة”. ويتابع القديس أثناسيوس شرحه فيقول ” مع أن لهم نفس خالدة وهم لا يرونها فإنهم يجعلون من الأشياء المنظورة الفانية صورة الله ” بدلاً من أن تكون نفوسهم على حسب صورة الله لأن ” النفس خُلقت على صورة الله ومثاله “. والسبب الثاني لهذا العجز يكمن في كون البشر من المخلوقات بينما الكلمة وحده إذ هو الله فهو الذي يبصر ويعرف النفس والعقل إذ قد خلقهما على صورته ومثاله، فصل 14/6.

(30) 4 انظر فصل 12/1 وضد الوثنيين. فصل 34/4.

(31) 1 تعتبر هذه الفقرة مقدمة للفصل التالي.

(32) 2 انظر فصل 11/1 ” فإن البشر قد خُلقوا في جسد أرضي من أسفل “.

(33) 1 استخدم القديس أثناسيوس نفس هذه الكلمات ليصف ما فعله الله أيضاً ليجعل نفسه معروفاً للبشر إذ أنه أعطى الكون بكلمته نظامه الحالي. انظر ضد الوثنيين. فصل 35/1.

(34) 2 انظر القديس أثناسيوس: رسالة عن ديونيسيوس أسقف الأسكندرية. فصل 6 حيث يذكر طريقة المعلم في التعامل مع تلاميذه.

(35) 3 1كو 21:1.

(36) 4 انظر ضد الوثنيين. فصل 8.

(37) 5 انظر ضد الوثنيين. فصل 10/3.

(38) 6 انظر فصل 47.

(39) 1 انظر فصل 46.

(40) 2 انظر فصل 11 هامش رقم (5) ص 29.

(41) 3 انظر ضد الوثنيين فصل 37/3 واعتراف الخليقة بالمسيح رباً ظهر أيضاً وقت الصليب انظر تجسد الكلمة فصل 19.

(42) 4 في الفصل 49 يقارن القديس أثناسيوس بالتفصيل بين أعمال السيد المسيح في الجسد وبين أعمال آلهة اليونانيين.

(43) 5 انظر فصل 48.

(44) 1 من الحجج التي يسوقها القديس أثناسيوس ضد الآلهة التي تحدّث عنها الشعراء اليونانيين أنها أولاً مائتة وفانية ثم أنها ضعيفة وثالثاً أن سلوكياتها شائنة (انظر ضد الوثنيين. فصل 12). ولهذا فإنه هنا يبرز قيامة المخلّص لأن هذه الحقيقة تبطل تلك الآلهة وتثبت أنها كاذبة.

(45) 2 لو 10:19، انظر فصل 14 حيث استخدم القديس أثناسيوس نفس هذه الآية لكن في سياق أن الابن الذي هو صورة الآب قد جاء ليجدّد خلقة الإنسان على حسب صورته ومثاله.

(46) 1 انظر فصل 18.

(47) 2 انظر فصل 57.

(48) 3 أفسس 17:3ـ19.

(49) 4 انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 11.

(50) 5 انظر إشعياء9:11.

(51) 1 عمليتا المحبة هاتان تمثلان أساس عقيدة الخلاص في فكر القديس أثناسيوس. انظر أيضاً الفصل الأول والهامش رقم (7) ص2، و(1) ص3 انظر أيضاً ضد الوثنيين فصل 35 حيث يذكر أن الله وإن كان غير منظور بالطبيعة، فقد جعل نفسه معروفاً للبشر من خلال أعمال الخليقة. انظر أيضاً تجسد الكلمة فصل 32.

(52) 1محصوراً perikekleismšnoj لقد استخدم القديس أثناسيوس مصطلحات متنوعة لوصف علاقة الكلمة بالجسد. وأكثر هذه المصطلحات شيوعاً هى: جعله “جسداً” خاصاً ……diopoie‹sqai، لبس labe‹n، اتخذ ™nduesqai انظر على سبيل المثال فصول 8/4، 10/1، 14/8، 31/4، 43/4

(53) 2 هذا التعبير من التعبيرات الشائعة عند القديس أثناسيوس. انظر فصل 42، وأيضاً ضد الوثنيين فصل42،41، الدفاع عن مجمع نيقية. فصل 11.

(54) 3 انظر المقالة الثالثة ضد الآريوسيين. فقرة 1.

(55) 1 والإنسان فقط هو الذي يستطيع أن يفعل هذا. انظر ضد الوثنيين. فصل 31/1.

(56) 2 انظر ضد الوثنيين. فصل 35.

(57) 3 الكلمة يختلف عن النفس البشرية. انظر ضد الوثنيين. فصل 33.

(58) 4 انظر ضد الوثنيين 42/4.

(59) 5 انظر فصل 54/3.

(60) 6 انظر فصل 43/6.

(61) 1 انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 27.

(62) 2 انظر الفصول من42ـ45.

(63) 3 1بط 22:2، انظر إشعياء9:53 وردت هذه الآية أيضاً في الفصل 34 ضمن الشاهد المستخدم هناك من إشعياء النبي كتنبؤات عن آلام المسيح وموته. وهنا جاءت في الآية كلمة “خطية” وفي الفصل 34 جاءت كلمة “شر”، وهذا يوضح أن تعبير ” الذي لم يفعل خطية ” يتمشى مع تعبير أن الكلمة ” لا يتدنس بمجيئه في الجسد “.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى