الفصل الواحد والخمسون
فضيلة البتولية. فاعلية تعليم المسيح في تغيير الطباع الوحشية والميل للقتل والحرب.
1ـ ومَن من البشر بعد موته أو حتى أثناء حياته علّم عن البتولية وعن أن هذه الفضيلة ليست مستحيلة بين الناس؟ أما المسيح مخلّصنا وملك الكل، فقد كانت تعاليمه عنها لها قوة عظيمة حتى إن الأحداث الذين لم يبلغوا السن القانونية كانوا ينذرون أنفسهم ليعيشوا حياة البتولية التي تفوق الناموس(1).
2ـ وأي إنسان استطاع أن يصل بتأثيره حتى إلى السكيثيين أو الأثيوبيين أو الفرس أو الأرمن أو الغوطيين(2) أو أولئك الذين يقال عنهم أنهم يسكنون فيما وراء البحار(3) أو سكان بلاد أركانيا(4) بل إلى المصريين والكلدانيين(5)، هؤلاء الذين ينشغلون بالسحر ويبالغون في ميلهم للخرافات(6) ولهم طباع شرسة، وأي إنسان استطاع أن يكرز بالفضيلة وضبط النفس ويندد بعبادة الأوثان كما فعل رب الكل، قوة الله، ربنا يسوع المسيح؟
3ـ فالمسيح لم يكرز فقط بواسطة تلاميذه بل أقنع عقول البشر(7) بالتخلي عن طباعهم الفظة والكف عن عبادة آلهة آبائهم(8)، بل وأن يتعلموا أن يعرفوه وأن يعبدوا الآب عن طريقه.
4ـ فاليونانيون والبرابرة(9)حينما كانوا لا يزالون يعبدون الأوثان اعتادوا أن يحاربوا بعضهم بعضاً(10). وكانوا قساة حتى على ذويهم(11). ولم يكن ممكناً على الإطلاق للواحد منهم أن يَعبُر بحراً أو أرضاً دون أن يكون متسلحاً بالسيوف بسبب الحروب المستمرة بينهم.
5 ـ وكانوا يستعملون السلاح في كل مسيرة حياتهم، إذ كانوا يعتمدون على السيف(12) عوض العصي كسند لهم. ولم تستطع عبادتهم للأوثان بكل ما فيها مع تقديم الذبائح للشياطين(13) أن تغّير من روحهم المتوحشة.
6ـ ولكن حينما انتقلوا إلى نهج تعاليم المسيح حدث أمر عجيب إذ إنهم قد نخسوا في ضمائرهم(14) حقاً وتخلوا عن وحشية القتل، ولم يعودوا يفكّرون في القتال والحرب بل أصبحوا يعيشون في سلام تام، وصار كل ما يؤول إلى المودة والصداقة هو أهم شيء لديهم.
الفصل الثاني والخمسون
الحروب التي حركتها الشياطين أبطلتها المسيحية.
1ـ فمَن هو إذاً الذي فعل هذا(15)؟ ومَن هو الذي وحّد بين الذين كانوا يبغضون بعضهم بعضاً وجعلهم في سلام سوى ابن الآب المحبوب، مخلّص الكُلْ، يسوع المسيح، الذي بمحبته احتمل كل شيء لأجل خلاصنا(16)؟ فقد تم التنبؤ منذ القِدم عن السلام(17) الذي كان مزمعاً أن يأتي به إذ يقول الكتاب “فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل، لا ترفع أُمّة على أُمّة سيفاً ولا يتعلمون الحرب فيما بعد “(18).
2ـ وهذا أمر لا شك فيه، فالبرابرة ذوى الأخلاق الوحشيّة بالفطرة(19)، حينما كانوا لا يزالون في عبادتهم الوثنية، كانوا يحاربون بعضهم بعضاً بجنون، ولا يحتملون أن يبقوا ساعة واحدة بدون سلاح.
3ـ ولكن حينما يسمعون تعليم المسيح فإنهم في الحال يتحولون إلى أعمال الزراعة بدلاً من القتال، وبدلاً من تسليح أيديهم بالسيوف فإنهم يرفعونها في الصلاة(20)، وبالإجمال فإنهم عوض أن يحاربوا بعضهم بعضاً يتسلحون ضد الشيطان وضد الأرواح الشريرة(21)، وينتصرون عليها بفضيلة النفس وضبط الذات.
4ـ هذا هو بلا شك برهان على ألوهية المخلّص، لأنه علّم البشر(22) ما عجزوا عن أن يتعلموه من الأوثان(23)، كما أنه افتضاح ليس بقليل لضعف الشياطين والأوثان ودليل على أنها لا شيء. فالشياطين لأنها تعرف ضعفها كانت تحرّض البشر قديماً ليحاربوا بعضهم بعضاً(24)، لئلا إن كفوا عن ذلك تحولوا إلى محاربة الشياطين.
5ـ فتلاميذ المسيح بدلاً من أن يحاربوا بعضهم بعضاً فإنهم يصطفّون في مواجهة الشياطين بأخلاقهم وأعمالهم الفاضلة(25)، فيطردونها(26) ويهزأون برئيسها. وهكذا فإن تلاميذ المسيح يضبطون أنفسهم في شبابهم، ويحتملون التجارب(27)، ويثابرون في الأتعاب، وحينما يُشتمون يصبرون، وان سُلبوا لا يبالون. والأمر المدهش أكثر أنهم يحتقرون الموت نفسه(28)، ويصيرون شهداء للمسيح.
الفصل الثالث والخمسون
كل العبادة الوثنية قد هبطت إلى أسفل السافلين بضربة واحدة من المسيح إذ إنه تحدث سراً إلى ضمير الإنسان.
1ـ ولنذكر أيضاً برهاناً عجيباً جداً على ألوهية المخلّص فنقول(29): أي إنسان عادي أو ساحر أو طاغية أو ملك استطاع أن يواجه بنفسه ويحارب ضد كل عبادة وثنية وكل قوات الشياطين(30) وكل سحر وكل حكمة لليونانيين بينما كان كل هؤلاء في أوج قوتهم وازدههارهم، باسطين نفوذهم على الكُلْ؟ ومَن استطاع أن يوقعهم جميعاً بضربة واحدة(31) مثلما فعل ربنا كلمة الله الحقيقي(32)، الذي يكشف في الخفاء(33) ضلالات جميع الناس ويخلّص بنفسه كل البشر من هذه الضلالات كلها، حتى إنهم صاروا يدوسون الأوثان التي كان يعبدونها من قبـل؟ أما الذين اشتهروا بالسحر فصاروا يحرقون كتبهم(34). والحكماء صاروا يفضّلون تفسير الأناجيل على كل الدراسات الأخرى.
2ـ والآن صاروا يهجرون المعبودات التي كانوا يعبدونها من قَبل(35)، وذلك الذي كانوا يهزأون به كمصلوب صاروا الآن يعبدونه مسيحاً، معترفين به أنه الله. والذين كانوا يُدعَون آلهة بينهم غُلبوا بعلامة الصليب. أما المخلّص المصلوب فقد صار ينادى به في كل المسكونة إلهاً وابن الله. والآلهة التي كان يعبدها اليونانيون سقطت في نظرهم لأنها كانت معثرة لهم(36). أما أولئك الذين قبلوا تعاليم المسيح فإنهم يعيشون حياة أكثر عفة منهم.
3ـ فإن كانت هذه الأمور وما يماثلها هي أعمال بشرية فليذكر لنا ـ مَن يريد ـ أعمالاً مماثلة عملها البشر في عصر سابق وهكذا يمكنه أن يقنعنا(37). أما إن ثبتَ أن هذه الأمور ليست أعمال بشر بل أعمال الله، وهى كذلك فعلاً، فلماذا يبقى غير المؤمنين على ضلالاتهم ولا يعترفون بالرب الذي عملها؟(38)
4ـ مثلهم مثل إنسان عجز أن يعرف الله الخالق من أعمال خليقته. لأنهم لو عرفوا ألوهيته من خلال سلطانه على الكَوْن لكانوا قد أدركوا أن أعمال المسيح التي عملها في الجسد ليست أعمالاً بشرية بل هي أعمال مخلّص الجميع كلمة الله(39). ولو كانوا قد عرفوا هذا حينذاك ” لما صلبوا رب المجد” كما قال بولس الرسول(40).
الفصل الرابع والخمسون
إن الكلمة المتجسد يُعرف لنا بأعماله كما هو الحال مع الله غير المنظور. وبأعماله ندرك رسالته التي يريد بها أن يجعلنا آلهة. ولنكتفِ بذكر القليل منها تاركين كثرتها المبهرة للأبصار لمن يريد أن يبصر.
1ـ وهكذا إذن، فكما أنه إذا أراد أحد أن يرى الله، غير المنظور، الذي هو بطبيعته غير منظور ولا يمكن رؤيته قط، فيمكنه أن يعرفه ويدركه من أعماله(41) كذلك فعَلى من لا يستطيع أن يرى المسيح بعقله(42) أن يدركه على الأقل من أعمال جسده، ويفحص إن كانت هذه أعمال بشريّة أم أعمال الله.
2ـ فإن كانت أعمالاً بشرية جاز له يسخر(43)، أما إن لم تكن بشريّة بل هي أعمال الله فلا ينبغي أن يسخر مما لا يستحق السخرية بل بالحري فليتعجب لأنه بواسطة وسائل عادية جداً كهذه أُظهرت لنا الإلهيات(44)، ولأنه بواسطة الموت طال عدم الموت الجميع، ولأنه بتأنس الكلمة عُرفت عنايته بكل الأشياء، كما عُرف كلمة الله نفسه خالقها وواهبها.
3ـ لأن كلمة الله صار إنساناً لكي يؤلهنا نحن(45)، وأظهر نفسـه في جسد لكي نحصل على معرفة الآب غير المنظور(46)، واحتمل إهانة البشر لكي نرث نحن عدم الموت(47). لأنه بينما لم يمسه هو نفسه أي أذى، لأنه غير قابل للألم أو الفساد، إذ هو الكلمة ذاته(48) وهو الله، فإنه بعدم قابليته للتألم حفظ وخلّص البشر(49) الذين يتألمون والذين لأجلهم احتمل كل هذا(50).
4ـ وباختصار فإن الأعمال التي حققها المخّلص بتأنسه عظيمة جداً(51) في نوعها وكثيرة في عددها، حتى أنه إذا أراد أحد أن يحصيها فإنه يصير مثل الذين يتفرسون في عرض البحر ويريدون أن يحصوا أمواجه. لأنه كما أن الإنسان لا يستطيع أن يحصى كل الأمواج بعينيه، لأن الأمواج تتتابع بطريقة تبلبل ذهن كل من يحاول ذلك، هكذا مَن يحاول أن يحصى كل أعمال المسيح في الجسد، فمن المستحيل أن يدركها كلها إذ إن الأعمال العظيمة التي تفوق ذهنه هي أكثر من تلك التي يظن أنه قد أدركها(52).
5ـ إذاً فمن الأفضل ألاّ يحاول الإنسان أن يتحدث عنها كلها مادام لا يستطيع أن يوفي ولو جزءاً منها حقه، وإن ذكرنا عملاً آخر منها فإننا نترك لك باقي الأعمال كلها للتعجب منها. لأنها كلها عجيبة على السواء. وأينما وجّه الإنسان بصره فإنه يرى ألوهية الكلمة ويتملك عليه الذهول العظيم.
الفصل الخامس والخمسون
ملخص لما سبق. إبطال العرافة الوثنية إلخ وانتشار الإيمان. لقد جاء الملك الحقيقي وأسكت كل المغتصبين.
1ـ وبعد كل ما قلناه يحق لك أن تعلم هذا أيضاً وأن تضعه أساساً لكل ما سبق أن قررناه وأن تتعجب منه بشدة، وهو أنه منذ مجيء المخلّص بيننا فإن العبادة الوثنية لم تعد تنمو بل إن ما كان موجوداً منها قبلاً بدأ يتناقص ويتلاشى تدريجياً. وبالمثل فلم يبطل تقدم الفلسفة (الوثنية) اليونانية فحسب بل إن ما كان موجوداً منها بدأ الآن يذبل. والشياطين لم تعد قادرة على خداع الناس بالخيالات والعرافة والسحر، وإن تجاسرت وحاولت أن تفعل ذلك أُخجِلت بعلامة الصليب(53).
2ـ ونلخص الحديث هكذا: لاحظ كيف أن تعليم المخّلص يزداد انتشاراً في كل مكان بينما كل عبادة وثنية وكل ما يتناقض مع إيمان المسيح يذبل كل يوم ويضعف ويتلاشى. وهكذا إذ تنظر ذلك فاعبد المخلّص الذي هو فوق الكل(54)، والمقتدر أي الله الكلمة، واشجب هؤلاء الذين غلبهم وأبادهم.
3ـ لأنه كما أنه حينما تأتي الشمس فلا تسود الظلمة بعد، وإن بقي شيء منها في أي موضع فإنه يتبدد(55)، هكذا يحدث الآن، فإنه عندما أتى الظهور الإلهي لكلمة الله فإن ظلمة العبادة الوثنية لم تعد تسود بعد، وأصبحت كل أجزاء المسكونة مستنيرة بتعليمه.
4ـ فكما أنه إن كان هناك مَلَك يملك في بلد ما لكنه لا يظهر لشعبـه بل يلازم قصره فإن المارقين إذ ينتهزون فرصة عدم ظهوره يعلنون عن أنفسهم وكل منهم يدّعى أنه ملك ويحاول التأثير على البسطاء وإقناعهم بأنه ملك، وهكذا ينخدع الناس بهذا الاسم، لأنهم بينما يسمعون أن هناك ملكاً فإنهم لا يرونه لعدم استطاعتهم الدخول إلى القصر(56)، ولكن حينما يخرج الملك الحقيقي ويظهر فحينئذ يفتضح أمر أولئك المارقين بظهوره(57). وإذ يرى الناس الملك الحقيقي فإنهم يهجرون أولئك الذين أضلوهم سابقاً.
5ـ وبنفس الطريقة فإن الأرواح الشريرة قد أضلت البشر في القديم منتحلة لنفسها كرامة الله. ولكن عندما ظهر كلمة الله في الجسد، وعرّفنا بأبيه، فحينئذ بَطلت وتبددت خداعات الأرواح الشريرة. وإذ بدأ البشر يحوّلون أنظارهم إلى الإله الحقيقي، كلمة الآب، فإنهم أصبحوا يهجرون الأصنام، وصاروا الآن يعرفون الإله الحقيقي(58).
6ـ والآن هذا هو البرهان على أن المسيح هو الله الكلمة، وقوة الله. لأنه إن كانت الأمـور البشرية تُبطَل وكلمة المسيح تثبت فيكون واضحاً أمام أنظار الجميع أن ما يبطُل هو وقتي(59)، أما ما يثبت فهو الله وابن الله الحقيقي، كلمته الوحيد الجنس.
الفصل السادس والخمسون
فتّش الكتب وبذلك تتمم هذا البحث. تعلّم أن تترقب مجيئه الثاني ويوم الدينونة.
1ـ فلتكن هذه إذاً هي تقدمتنا إليك أيها الإنسان المحب للمسيح كمبادئ أساسية موجزة عن إيمان المسيح وظهوره الإلهي لنا. وهذا يعطيك فرصة لكي تفحص نصوص الكتب المقدسة وتُعمِل ذهنك فيها بإخلاص، فتتعلّم منها بصورة أكمل وبوضوح أكثر(60) التفاصيل الدقيقة لما سبق أن قلناه.
2ـ لأنها نصوص(61) قد نُطق بها وكُتبت من الله على أيدي أناس تكلموا من الله. ونحن نعرّفك بما تعلمناه من المعلّمين الذين درسوا الكتب المقدسة، والذين صاروا شهوداً لألوهية المسيح(62)، وذلك لكي تزداد غيرة بدورك في الدراسة والتعلم.
3ـ وستتعلم أيضاً من الكتب عن ظهوره الثاني المجيد، الإلهي والحقيقي. حيث لا يظهر بعد في فقر بل في مجد، ولا يظهر بعد متخفياً متواضعاً بل في عظمته. وهو سيأتي لا ليتألم ثانية بل ليقدم للجميع ثمر صليبه، أي القيامة وعدم الفساد. ولا لكي يُحكم عليه بعد بل ليدين الجميع بحسب ما صنع كل واحد في الجسد خيراً كان أم شراً(63) حيث أعد للصالحين ملكوت السموات، أما للذين عملوا السيئات فالنار الأبدية والظلمة الخارجية.
4ـ لأنه هكذا يقول الرب نفسه أيضاً ” من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء في مجد الآب “(64).
5ـ ولهذا السبب عينه نجد أيضاً كلمة للمخلّص تهيئنا لذلك اليوم إذ يقول ” كونوا مستعدين واسهروا لأنه يأتي في ساعة لا تعلمونها “(65) لأنه بحسب قول الرسول بولس ” لأنه لابد أننا جميعاً نُظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحدٍ ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً “(66).
الفصل السابع والخمسون
وفوق كل شيء عش الحياة التي تؤهلك للأكل من هذه الشجرة، شجرة المعرفة والحياة، وتتمتع بالأفراح الأبدية. تسبحة ختامية.
1ـ إن دراسة الكتب المقدسة ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفساً طاهرة(67) وحياة الفضيلة التي بالمسيح(68). وذلك لكي يستطيع الذهن ـ باسترشاده بها ـ أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعه الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة(69).
2ـ فبدون الذهن النقي، والتمثل بحياة القديسين، لا يستطيع الإنسان أن يفهم أقوال القديسين. فكما أنه إذا أراد إنسان أن يبصر نور الشمس عليه أن يمسح عينيه ويجليها، لكي تقترب نوعاً ما من نقاوة النور الذي يريد أن يراه، حتى إذا استنارت العين يمكنها أن ترى نور الشمس. أو كما أنه إذا أراد إنسان أن يرى مدينة أو قرية فيجب عليه أن يذهب إلى هناك لكي يراها(70)، هكذا فمن يريد أن يعرف فكر أولئك الذين يتكلمـون عن الله(71) يلزمه بالضرورة أن يبدأ بغسل نفسه وتطهيرها بتغيير طريقة حياته ويقترب إلى القديسين أنفسهم بالاقتداء بأعمالهم. وهكذا إذ يشترك معهم في السلوك يمكنه أيضاً أن يفهم ما قد أُعلن لهم من الله، وبعد ذلك إذ يكون قد ارتبط بهم ارتباطاً وثيقاً فإنه يفلت من الخطر المحدق بالخطاة والنار في يوم الدينونة، ويحصل على ما أُعِدَ للقديسين في ملكوت السموات، ” ما لم تَرَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان”(72) ما أُعد للذين يعيشون في الفضيلة، ويحبون الله الآب بالمسيح يسوع ربنا الذي به ومعه يحق للآب نفسه، مع الابن نفسه، في الروح القدس، الكرامة والقدرة والمجد إلى دهر الدهور(73) أمين.
تم بنعمة الرب
(1) 1 انظر فصل 30/5ـ7.
(2) 2 الغوطيين: قدماء الألمان.
(3) 3 ربما يقصد البريطانيين.
(4) 4 أركانيا اسم قديم لمقاطعة في أسيا ما بين بلاد الفرس وبحر قزوين على حدود روسيا.
(5) 5 هنا يذكر القديس أثناسيوس أسماء شعوب من داخل حدود الامبراطورية الرومانية ومن خارجها أيضاً.
(6) 6 انظر فصل 4/47.
(7) 7 انظر فصل 14.
(8) 1 انظر فصل 30/5.
(9) 2 البرابرة: هم الشعوب التي كانت لا تتحدث اللغة اليونانية ولا تعرف الثقافة اليونانية في ذلك العصر، إذ كانت اللغة اليونانية حينئذ هي لغة الثقافة والعلم. وهكذا يمكن ان نطلق على تلك الشعوب بلغة اليوم أنها كانت شعوب “غير متحضرة “.
(10) 3 انظر فصل 12 من مقال ” ضد الوثنيين “.
(11) 4 في فصل 45 من مقالته ” ضد الوثنيين ” يذكر القديس أثناسيوس بالتفصيل مظاهر هذه القسوة.
(12) 5 وهذا بدلاً من الاتكال على الرب والثقة به كما جاء في مز4:23، أمثال 26:12.
(13) 6 في فصل 11/5 من ضد الوثنيين يذكر القديس أثناسيوس أنه كانت تقدم ذبائح من البشر.
(14) 7 أع27:2 وهذا عكس ما كانت تفعله الشياطين التي كانت تضل عقول البشر وتقسى نفوسهم. انظر فصل 14/4، 47/2. وفي فصل 30/5 يشير القديس أثناسيوس إلى بعض الوقائع ليبرهن على حقيقة قيامة المسيح ويتسائل: هل يمكن لشخص ميت أن ينخس ضمائر الآخرين حتى يجعلهم يرفضون نواميس آبائهم الموروثة ويخضعون لتعاليم المسيح؟
(15) 1 يكرر القديس أثناسيوس هنا هذا السؤال الذي سبق أن ذكره في فصل 48/4 في مجال المقارنة بين أفعال السيد المسيح الفائقة وبين ما يفعله الآخرون.
(16) 2 انظر الفصول1/3، 4/3، 32/6.
(17) 3 أشار القديس أثناسيوس إلى بعض هذه التنبؤات في فصلي 36، 37.
(18) 4 إش 4:2.
(19) 5 في الرسالة ضد الوثنيين 25/3 يذكر القديس أثناسيوس أسماء شعوب كثيرة من البرابرة منهم السكيثيون الذين تتصف أخلاقهم بوحشية خطيرة موضحاً مظاهر هذه الوحشية.
(20) 6 في موضع آخر يذكر القديس أثناسيوس أن ” اليدين هما لإتمام الأعمال الضرورية ولرفعها في الصلاة غير أن خطية البشر ” حركت أيديهم إلى العكس وجعلتها ترتكب القتل ” انظر ضد الوثنيين 4/4، 5/1.
(21) 1 منذ السقوط أصبح الشيطان عدواً للإنسان. وعندما يرتبط الإنسان بتعاليم السيد المسيح فإن المسيح يفتح عينيه ويقويه ليجاهد ضد الشيطان (انظر رسالة أفسس10:6) وكمثال لمحاربة الشيطان يذكر القديس أثناسيوس التجارب التي تعرض لها القديس أنطونيوس. انظر حياة أنطونيوس فصل 5.
(22) 2 عن كون المسيح هو المعلم الصالح راجع فصل 15.
(23) 3 يقصد أن عبادتهم للأوثان لم تستطع أن تغير من طباعهم المتوحشة أو تصرفاتهم الفظة. انظر فصل 51/5.
(24) 4 الآلهة المزعومة بسبب الغيرة المتبادلة بينها كانت تدفع حتى الخلائق البشرية للاشتباك والنزاع فيما بينها. انظر ضد الوثنيين فصل 12/2 ويذكر القديس أثناسيوس مثالاً من محاربة اليونانيين المستمرة للبرابرة انظر فصل 51/4.
(25) 5 مع أن القديس أثناسيوس يستخدم عبارات من الحياة العسكرية مثل ” يصطفون “، ” مواجهة ” إلاّ أن ما يريد أن يوضحه بالأكثر هو الفرق بين ما يفعله المسيحيون الذين يصفهم ” بتلاميذ المسيح ” وما يفعله غير المؤمنين. وربما كان القديس أثناسيوس يفكر في واقع عصره. فمنذ أن تولى قسطنطيوس الإمبراطورية لم يعد هناك حروب كالتي كانت من قبل وبدلاً من الحروب بين البشر صارت هناك حروب مع العدو الحقيقي للإنسان أي ضد الشيطان. انظر رسالة بولس الرسول إلى أفسس 10:6، وهذه الآيات يشرحها القديس أثناسيوس في كتابه حياة أنطونيوس فصل 21.
(26) 6 انظر أيضاً فصل 30 حيث يذكر أن الشياطين كانت تهرب بمجرد سماع اسم المسيح.
(27) 1 عن هذه التجارب انظر فصل 27.
(28) 2 عن احتقار تلاميذ المسيح للموت انظر فصول 27، 28، 29/4.
(29) 1 لا يذكر القديس أثناسيوس هنا براهين جديدة بل أنه يقدم مجملاً لما سبق أن أشار إليه في الفصول السابقة.
(30) 2 يشير القديس أثناسيوس في كتابه ” حياة أنطونيوس ” فصل 23 إلى أنه من خداعات الشياطين للبشر أنها تخيف النفوس متخذة صوراً مرعبة منها أنها تظهر في شكل حشود من القوات.
(31) 3 تعبير أن المسيح قضى على العبادات الوثنية وكل أعمال السحر ” بضربة واحدة ” يدل على أن المعركة لم تستمر طويلاً بل إنه فعل هذا بمجرد ظهوره الإلهي في الجسد انظر أيضاً فصل 47/2.
(32) 4 انظر ” حياة أنطونيوس ” فصل 28. وفى الفصل 55 من تجسد الكلمة يوضح نتيجة مجيء المخلّص وتأثير ذلك على العبادات الوثنية.
(33) 5 المسيح يعمل في الخفاء ويبطل كل الضلالات التي يعلّم بها المغالطون علانية. انظر فصل 50.
(34) 6 ربما يقصد ما ورد في أعمال الرسل 19:19ـ20.
(35) 1 انظر فصل 31 وما بعده.
(36) 2 يذكر القديس أثناسيوس في “ضد الوثنيين” ما يفعله اليونانيون من أمور مخجلة لإرضاء آلهتهم (انظر فصول 11 ـ 12)، وأن هذه الأفعال قد انتشرت في كل مدينة (انظر فصل 25/4).
(37) 3 في هذه الجملة يلخص القديس أثناسيوس ما سبق أن تحدث عنه في الفصل 49 وما بعده.
(38) 4 أعمال السيد المسيح التي عملها في الجسد تشهد بألوهيته انظر فصل 32.
(39) 1 من لا يعترف بألوهية المسيح من خلال أعماله التي قام بها وهو في الجسد فهو مُدان (انظر تجسد الكلمة فصل 32).
(40) 2 اكو 8:2.
(41) 1 من خواض الله الذاتية أنه غير منظور ومع ذلك فإنه يُعرف بواسطة أعماله انظر فصل 23/1.
(42) 2 من لا يستطيع رؤية المسيح بعقله فهو أعمى روحياً، ولهذا يجب عليه أن يستخدم أعينه الجسدية ليعرف المسيح من خلال أعماله بالجسد وبواستطها يعترف بألوهيته انظر فصل 32/2.
(43) 3 عن سخرية اليونانيون بأمور لا تستحق السخرية انظر فصل 41/1.
(44) 4 انظر فصل1.
(45) 5 هذه العبارة من العبارات المشهورة عند آباء الكنيسة الكبار مثل القديس ايريناؤس وأثناسيوس وكيرلس وغريغوريوس النيسّى وغريغوريوس النزينزى. وكثيراً ما يستخدمها القديس أثناسيوس في كتاباته الأخرى (حوالي 10 مرات) وهذا التعبير عند الآباء لا يعنى أن الإنسان يصير بطبيعته إلهاً، بل يعنى أنه يشترك في الحياة الإلهية، حياة البر والقداسة.
[لا يصير الإنسان إلهاً بالطبيعة، لكن إلها بالنعمة.. فماذا يعني هذا عند الآباء؟ راجع، في الشبكة، على سبيل المثال لا الحصر: “تأليه الطبيعة البشرية“، “التأله” و”استقلال التجسد الإلهي عن سقوط الإنسان“… (الشبكة)]
(46) 1 استعادة البشرية معرفتها لله الآب كان هو السبب الثاني للتجسد، انظر الفصول 11 ـ 19.
(47) 2 بهذه الجملة يعبر القديس أثناسيوس في اختصار عن تعليمه عن الفداء. انظر أيضاً فصل 20، 32 والمقالة الأولى ضد الآريوسيين فقرة 38، 39.
(48) 3 الكلمة ذاته هو الله “AÙtolÒgoj” يأتي هذا المصطلح مرتبط بمصطلح آخر هو “AÙtosof…a” “إن الله هو ذاته الحكمة وهو ذاته الكلمة. انظر المقالة الرابعة ضد الآريوسيين فقرة 2.
(49) 4 التجسد كان من أجل خلاصنا، فالله الكلمة اتخذ له جسداً قابلاً للألم والموت مع أنه هو غير متألم ولا مائت، وذلك لكي يقضى على الموت والفساد، انظر الفصول 8 ـ 9.
(50) 5 يجمل القديس أثناسيوس في هذه الفقرة ما سبق أن استعرضه في فصل 26.
(51) 6 يصف القديس أثناسيوس الأعمال التي أتمها المخلّص بتأنسه بأنها ” أعمالاً عظيمة ” katorqèmata، وسبق أن استخدم هذا التعبير ليصف به ما عمله السيد المسيح إذ إن بواسطته امتلأ العالم كله بمعرفة الله، انظر ضد الوثنيين 1/6.
(52) 7 يستخدم القديس أثناسيوس هذا التشبيه ليوضح كثرة الأعمال التي أتمها المخلّص وصعوبة حصرها. وما يمكن عمله هو التحدث عن بعض هذه الأعمال. ومن الجدير بالذكر أن القديس أثناسيوس استخدم هذه الطريقة عندما كان يتحدث ضد ضلالات الأمم في عبادة الأوثان فيشير في بداية الفصل الأول من كتابه تجسد الكلمة قائلاً ” اكتفينا بما أوضحناه في بحثنا السابق مع أنه قليل من كثير ببيان ضلال الأمم في عبادة الأوثان وخرافاتها “.
(53) 1 في هذه الفقرة يلخص القديس أثناسيوس ما استعرضه في فصل 53.
(54) 2 رو5:9.
(55) 3 سبق أن استخدم هذا التشبيه في فصل 29/3.
(56) 1 بهذا المثل لا يقصد القديس أثناسيوس أن الله كان غائباً عن العالم وغير مهتم به قبل أن يتجسد الله الكلمة، لأنه لو كان قد حدث شيء من ذلك لأظهر هذا ضعف الله وليس صلاحه انظر فصل6/8. وما أراد أن يشدّد عليه هنا هو أن الله هو ضابط كل شيء وأنه يعمل في قصره غير أن الناس لا يستطيعون أن يقبلوا إليه. فبعد السقوط لم يقدر البشر على التعرف على الله في سمائه إذ هم لا يرونه بل يسمعون عنه. وعدم تحققهم من وجود الملك الحقيقي لا يرجع إلى عدم وجود هذا الملك الحقيقي إذ هو موجود بالفعل في سمائه، بل يرجع إلى أن البشر لم يريدوا أن يؤمنوا بالنبؤات الخاصة بهذا الملك الحقيقي انظر فصل 12/2.
(57) 2 التشبيه بحياة الملك ورد أيضاً في فصل 8/3ـ4.
(58) 3 في الفقرة السابقة أشار القديس أثناسيوس إلى أن هؤلاء المارقين هم بعض البشر الذين أضلوا البشر، وفى هذه الفقرة يشير إلى الأرواح الشريرة التي أضلت هي أيضاً البشر وفى فصل 47 يوضح بالتفصيل هذه الضلالات.
(59) 1 عندما آمن البشر بالسيد المسيح فإنهم اقتنعوا بالاهتمام بالأمور الأبدية وغضوا النظر عما هو زمني، انظر فصل 47/5.
(60) 1 أوضح القديس أثناسيوس أن الكتب المقدسة قد تنبأت بكل وضوح عن مجيء الله في الجسد، انظر فصل38. ويقول إن اليهود لم يلتفتوا إلى الكتب المقدسة بإخلاص، انظر ضد الوثنيين 46/4، رغم أن الكتب المقدسة المُوحى بها كافية لتوضيح الحق انظر ضد الوثنيين 1/3 وأيضاً ” أن الأسفار كافية للتعليم ” انظر حياة أنطونيوس فصل 16.
(61) 2 يشير القديس أثناسيوس إلى هذه النصوص أيضاً في ضد الوثنيين 1/3.
(62) 3 لعله يشير إلى مؤلفات آباء مدرسة الإسكندرية.
(63) 4 2كو 10:5، في كتاباته الدفاعية لا يتحدث القديس أثناسيوس كثيراً عن المجيء الثاني للسيد المسيح لدينونة العالم، بل يذكره في اختصار شديد، انظر ضد الوثنيين 47/4، تجسد الكلمة10/5، وهذا لا يعنى أنه لا يهتم بالبعد الإسخاتولوجي، فهذه الكتابات تركز بالأكثر على السيد المسيح كخالق ومخلّص، فعلى سبيل المثال يكتب القديس أثناسيوس كتابه الدفاعي ” ضد الآريوسيين ” وفيه يعتبر هرطقة الآريوسية أنها ضد المسيح فصل 1/1 وأيضاً يذكر نفس الأمر في كتابه حياة أنطونيوس 9/6.
(64) 1 هذه الآية من مت 62:26، وقد أُضيف إليها عبارة ” في مجد الآب ” وربما كان ذلك بتأثير الآية “فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته” التي جاءت في مت27:16، حيث تشير الآية التالية إلى دينونة العالم مما يتفق مع سياق الكلام السابق. وحالة المجد هذه هي عكس حالة الفقر والتواضع المذكورة في الفقرة السابقة.
(65) 2 هذه الآية مركبة من الآيتين الواردتين في مت42:24، مت44:24، ولقد وردتا في المقالة الدفاعية الثالثة ضد الآريوسيين فقرة 45، 49 لإثبات ألوهية الابن وأنه يعرف الساعة إذ هو إله حق.
(66) 3 2كو 10:5.
(67) 1 ” طهارة النفس كافية في حد ذاتها للتأمل في الله ” انظر ضد الوثنيين 2/4.
(68) 2 انظر ضد الوثنيين فصل 34.
(69) 3 جوهر الله لا يمكن إدراكه ¢kat£lhptoj انظر الدفاع عن مجمع نيقية 22، عن مجمع أرمينيا وسيلفكيا 35. ولهذا فالذهن يمكن أن يدرك بقدر استطاعة الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة، وذلك لأن الابن، إذ هو الصورة الحقيقية للآب، فإن من يرى الابن يرى الآب أيضاً، انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين21، 23، 27، 28، عن مجمع سيلفكيا 42، الدفاع عن مجمع نيقية 10.
(70) 4عن أهمية أن يذهب المرء إلى بلد ما للتأكد بنفسه مما يحدث فيها انظر فصل 28/3ـ5 حيث يذكر القديس أثناسيوس أنه بالمثل من يريد أن يرى نصرة السيد المسيح على الموت فعليه أن يذهب إلى كنيسة المسيح.
(71) 5 يقصد القديسين كتبة الوحي الإلهي.
(72) 1 1كو 9:2.
(73) 2 يستخدم القديس أثناسيوس هذه الذكصولوجية ومثلها في كثير من كتاباته، منها الدفاع عن مجمع نيقية فصل 32 ورسالته إلى سرابيون 7، 23.