Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

عيد القيامة في 26 مارس 338م.

الضيق لا يمنعني من مراسلتكم

إخوتي… بالرغم من أنني أسافر كل هذه المسافة من أجلكم، لكنني لا أنسى تلك العادة التي تسلمناها من الآباء، لهذا فأنني لا أصمت غير مخبر إياكم عن موعد العيد المقدس…

فأنه وإن كان قد عاقني أولئك الذين صبوا على الأحزان التي سمعتم عنها، وبالرغم من التجارب التي لحقت بي، وبعد المسافة التي تفصل بيني وبينكم، وبينما يتتبع أعداء الحق خطواتنا ناصبين لنا الشباك حتى يعثروا على رسالة منا يزيدون بها من جراحاتهم باتهامنا؛ وفي هذا كله يعزينا الرب ويقوينا في شدائدنا، لهذا فأننا مهما كنا وسط مؤامرات يدبرونها حولنا، غير أننا لا نخاف من أن نعلمكم ونخبركم بعيدنا الذي للقيامة المنقذ، حتى ولو كنا في أقاصي الأرض.

كذلك عندما كتبت إلى كهنة الإسكندرية، طلبت منهم أن يرسلوا إليكم هذه الرسائل تحت إشرافهم، رغم معرفتي بالمخاطر التي تحيط بهم من الأعداء. إلا أنني قد أوصيتهم أن تكون لهم الشجاعة الرسولية في الحديث قائلين: لا يفصلنا عن المسيح شدة أو ضيق أو اضطهاد أو جوع أو عري أو تجارب أو سيف(1).

وإذ أنا أحفظ العيد، أشتاق أن تحفظوه أنتم أيضًا يا أحبائي.

وإذ أشعر أنه من واجبي على أن أعلن لكم هذا العيد، لهذا لم أتأخر عن أن أقوم بهذا العمل حتى لا توبخني الوصية الرسولية القائلة “فأعطوا الجميع حقوقهم”(2).

سأعبر معكم رغم ابتعادنا بالجسد

وإذ قمت بكل أعمالي تجاه الله، كنت شغوقًا أن أعيد العيد معكم، غير معط حسابًا لبعد المسافة التي بيننا. لأنه وإن كان المكان يفصل بيننا، لكن الرب واهب العيد الذي هو نفسه عيدنا(3)، والذي هو واهب الروح القدس(4)، يجمعنا معًا في الفكر والرأي وفي رباط السلام(5)، لأننا جميعًا مشغولون بنفس الأمور، ونقدم نفس الصلوات من أجل بعضنا البعض. لذلك لا يستطيع بعد المكان أن يفصل بيننا، إذ يجمعنا الرب ويوحدنا مع بعضنا البعض.

لأنه إن كان قد وعد قائلاً بأنه إن اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمه يكون في وسطهم(6)، فأنه من الواضح أنه إذ يكون الرب في وسط أولئك المجتمعين مع بعضهم البعض في كل مكان (رغم بعد المكان عن بعضهم البعض)، فأنه يوحد بينهم ويقبل صلوات جميعهم، كما أنهم لو كانوا مقتربين معًا، وينصت إلى الكل كأنهم يصرخون بفم واحد قائلين “آمين”!

أنني أحتمل أحزانًا كهذه، وتجارب مما قد أشرت إليكم عنها يا أخوتي…

في الضيق يتمجد الله

ولكي لا أضايقكم بالمرة، أريد فقط أن أذكركم باختصار، لأن الإنسان لا ينسى ما يذوقه من آلام في التجربة… حتى لا يكون الإنسان غير شاكر فيبتعد عن الاجتماع الإلهي. لأنه لا يوجد وقت فيه يمجد الإنسان الله مثل الوقت الذي فيه تعد الضيقات، ولا يوجد وقت يقدم فيه الإنسان التشكرات مثل الوقت الذي فيه يجد الراحة بعد التعب والضيق.

فحزقيا عندما أهلك الأشوريين سبح الرب شاكرًا قائلاً “الرب لخلاصي. فنعزف بأوتارنا كل أيام حياتنا في بيت الرب”(7).

والثلاثة فتية الأبطال الطوباويون الذين جربوا في بابل. حناانيا وميصائيل وعزاريا، عندما صاروا في أمان وأصبحت النار بالنسبة لهم مثل الندى، شكروا الله مسبحين إياه وممجدينه.

وأنا أيضًا كتبت إليكم يا إخوتي، واضعًا هذه الأمور في ذهني، لأن الله إلى أيامنا هذه لا يزال يصنع أمورًا هي في نظر البشر مستحيلة. وما لا يستطيع البشر أن يفعلوا، مستطاع لدى الله… ألا وهو أن يحضرنا إليكم، ولا يسلمنا كفريسة في فم أولئك الذين يريدون أن يبتلعوننا…

الله هو شبع الجميع

الله الصالح يضاعف حنو محبته لنا، ليس فقط عندما وهب الخلاص للعالم خلال حكمته، بل أيضًا عندما يضطهدنا الأعداء (الأريوسيين) ويمسكوا بنا، وذلك كقول الطوباوي بولس عندما كان يصف غنى محبة المسيح غير المدركة قائلاً “الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها. ونحن أموات بالخطايا أحيانًا مع المسيح”(8) لأن قدرة الإنسان وكل الخلائق ضعيفة وفقيرة، أما القدرة التي هي فوق الإنسان، غير المخلوقة، غنية وغير مدركة، ليس لها بداية بل هي سرمدية.

لا يستخدم الله طريقة واحدة للعلاج، بل بكونه غنيًا يستخدم طرقًا كثيرة لأجل خلاصنا بكلمته، الذي هي ليس بمحدود ولا مقيد ولا معوق في طرق علاجه التي يقدسها لنا، إنما هو غنى، وقادر أن يشكل نفسه حسب احتياجات وقدرة كل نفس.

إنه كلمة الله وقوته وحكمته كما يشهد سليمان عن الحكمة قائلاً: “وهي واحدة وقادرة على كل شيء وثابتة في ذاتها ومجددة الكل ومنتقلة إلى النفوس القديسة في أجيال الأجيال وتجعل أحباء وأنبياء لله” (حك 27:7).

فبالنسبة للذين لم يبلغوا بعد طريق الكمال، يكون (الكلمة) بالنسبة لهم (1 كو 2:3) كقطيعٍ يقدم لهم لبنًا. وهذا ما خدم به بولس إذ يقول: “سقيتم لبنًا لا طعامًا”.

أما بالنسبة للذين تقدموا وتعدوا دور الطفولة الكاملة، ولكنهم لازالوا ضعفاء إذ هم يطلبون الكمال، هؤلاء أيضًا يكون (الكلمة) بالنسبة لهم كطعامٍ قدر طاقة احتمالهم. وقد خدم به بولس أيضًا، إذ قال “أما الضعيف فيأكل بقولاً” (رو 2:14).

وبالنسبة للإنسان الذي يبدأ في السلوك في طريق الكمال، فإنه لا يعود يأكل من الأشياء السابقة بل يكون “الكلمة” للخبز، والجسد للطعام، إذ مكتوب: “أما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة” (عب 14:5).

بالحري عندما تبذر الكلمة لا تأتي بثمر متساو في كل الناس، بل يأتي ثمر كثير ومتنوع، يأتي بمائة وستين وثلاثين (مت 8:13)، كما علمنا المخلص باذر النعمة وواهب الروح.

وهذا ليس بأمر مشكوك فيه، ولا بمحتاجٍ إلى من يؤيده، إنما يمكننا أن نتطلع إلى الحقل الذي يزرع فيه (الرب)، إذ نجد أن الكلمة واضحة ومثمرة في الكنيسة، ليس فقط بالعذارى وحدهن يتزين الحقل، ولا بالرهبان وحدهم، بل وأيضًا بالمتزوجين زواجًا مكرمًا، وبعفة الجميع…

لقد أعد الرب منازل كثيرة عند أبيه (يو 2:14)، لكن بالرغم من أن مكان السكنى نجد فيه درجات متنوعة حسب تقدم كل واحدٍ، غير أننا جميعًا سنكون في داخل الحصون، محفوظين في داخل نفس السياج حيث يطرد العدو (الشيطان) وكل جماعته خارجًا.

لأنه خارج النور تكون الظلمة، وبالابتعاد عن البركة توجد اللعنة، هكذا يكون الشيطان بعيدًا عن القديسين، والخطية بعيدة عن الفضيلة. لهذا ينتهر الإنجيل الشيطان قائلاً “اذهب يا شيطان” (مت 10:4). بينما يدعونا نحن قائلاً: “ادخلوا من الباب الضيق” (مت 13:7) ومرة أخرى يقول “تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم”.

وهكذا أيضًا يصرخ الروح من قبل في المزامير قائلاً “ادخلوا أبوابه بحمد (بمزامير)(9).

لأنه خلال الفضيلة يدخل الإنسان إلى الله كما فعل موسى في السحابة الكثيفة حيث كان الله.

ولكن خلال الرذيلة يخرج الإنسان من حضرة الرب، كما حدث مع قايين عندما قتل أخاه(10)، إذ خرج من لدن الرب قدر ما قلقت نفسه.

والمرتل يدخل قائلاً “فآتي إلى مذبح الله، إلى بهجة فرحي (شبابي)”(11).

ويحمل الكتاب المقدس شهادة ضد الشيطان أنه خرج من حضرة الله وضرب أيوب بقروح (أي 7:2). لأنه هكذا تكون صفات الذين يخرجون من حضرة الله، يضربون رجال ويؤذونهم. وهكذا أيضًا تكون صفات الخارجين عن الإيمان (الأريوسيين) يضطهدون الإيمان ويضرون به.

وعلى العكس نجد القديسين إذ يقتربون منهم (رجال الله) وينظرون إليهم كأصدقاء، كما فعل داود متحدثًا بأسلوب صريح قائلاً “عيناي على أمناء الأرض لكي أجلسهم معي” (مز6:101).

ويحثنا بولس أن نقبل ضعفاء الإيمان(12) لأن الفضيلة خيرية (أي يحب الإنسان الخير للغير)… والخطية تجعل الإنسان يحب الشر للغير. وهذا ما فعله شاول –كخاطئ- عندما اضطهد داود، أما داود فإذ وجد فرصة لقتل شاول لم يقتله.

وعيسو أيضا أضطهد يعقوب، أما يعقوب فبالوداعة غلب شره.

 والأحد عشر باعوا يوسف، أما يوسف ففي عطفه المملوء حنوًا تراءف عليهم.

خراب اليهود وخسرانهم كل نعمة إلهية

وما الحاجة إلى الإطالة في هذا الحديث؟! فأن ربنا ومخلصنا عندما أضطهده الفريسيون بكى لأجل خرابهم!.

هم ضايقوه، أما هو فلم يهددهم، ولا حتى عندما أحزنوه أو قتلوه! إنما حزن من أجل أولئك الذين ارتكبوا هذا!

تألم هذا المخلص لأجل الإنسان، أما هم فاحتقروا “الحياة” والنور، والنعمة” وطردوه!

كان يمكنهم أن ينالوا هذا كله خلال المخلص الذي تألم عنا. لكن بسبب ظلمتهم وعماهم بكى!

لأنهم لو فهموا ما قد كتب في المزامير ما كانوا يتجرأون هكذا ضد المخلص، إذ يقول الروح “لماذا ارتجت الأمم وتفكرت الشعوب في الباطل؟!”(13).

لو تأملوا نبوة موسى(14) لما صلبوا ذاك الذي هو حياتهم!

لو فحصوا بفهم ما كان مكتوبًا، ما تحققت فيهم تلك النبوات التي جاءت ضدهم، وما كانت قد صارت مدينتهم هكذا الآن خرابًا، وتنزع النعمة عنهم، ويصيرون بلا ناموس (إذ عصوه ورفضوا واهب الناموس) ويصيرون غرباء لا أولاد.

وهكذا سبق أن أعلنت المزامير قائلة بأن بنو الغرباء عملوا معه عملاً باطلاً(15)، وجاء في أشعياء النبي “ربيت بنينًا ونشأتهم. أما هم فعصوا علي”(16). وهكذا لم يعودوا بعد شعب الله أو الأمة المقدسة بل صار حكام سدوم وشعب عمورة أفضل منهم. كقول النبي أن سدوم أختك لم تفعل هي مثلك(17). لأن أهل سدوم استهانوا بالملائكة، أما الملائكة فاستهانوا بالرب الله ملك الكل، وتجاسروا فقتلوا رب الملائكة غير عارفين أن المسيح الذي ذبحوه هو حي.

ولكن هؤلاء اليهود الذين تآمروا لموت الرب فرحوا قليلاً في هذه الأمور وفقدوا الأبديات.

لقد كانوا جاهلين هذا. أن المكافأة الخالدة لا تكمن في المنح الزمنية، بل هي ترجوا أمورًا أبدية. لأنه بضيقات وأتعاب وأحزان يدخل القديسون ملكوت السموات، وإذ يبلغ الملكوت يهرب منه الغم والضيق والتنهد ويبقى في راحة.

هكذا إذ جرب أيوب هناك صار صديق الرب المشهور!

أما الذي يحب الملذات، متمتعًا بها إلى حين، فأنه يعبر بعد ذلك إلى حياة مملوءة أحزانًا مثل عيسو الذي كان له طعام مؤقت، لكنه دين بعد ذلك بسببه…

لنحتمل الآلام

آه أيها الأعزاء المحبوبون! وإن كنا سنقتني تعزية من الأحزان، وراحة من الأتعاب، وصحة من الأتعاب، وخلودًا بعد الموت، فإنه لا يجوز لنا أن نغتم من الأمراض البشرية التي تلحق بالبشرية، ولا نقلق بسبب التجارب التي تحل بنا.

يلزمنا ألا نخاف إن تآمر الذين يحاربون المسيح (الأريوسيين) ضد الصالحين، إنما بالحري نحن نرضي الله بالأكثر بسبب هذه الأمور، إذ نتهيأ أكثر ونتدرب على حياة الفضيلة. لأنه كيف ننال الصبر ما لم توجد متاعب وأحزان؟

وكيف تظهر الشهامة إلا باحتمالنا الهزء والظلم؟

وكيف يختبر الاحتمال ما لم يوجد هجوم من الأعداء (الأريوسيين وغيرهم)؟

وكيف تتزكى طول أناتنا إن لم توجد وشايات ممن هم ضد المسيح (الأريوسيين)؟!

وأخيرًا كيف يمكن للإنسان أن يدرك الفضيلة ما لم تظهر أولاً شرور الأشرار؟!

هكذا فإن ربنا سبقنا في هذا عندما أراد أن يظهر للناس كيف يحتملون…

عندما ضرب احتمل بصبر، وعندما شتم لم يشتم، وإذ تألم لم يهدد، بل قدم ظهره للضاربين، وخديه للذين يلطمونه، ولم يحول وجهه عن البصاق (1 بط 23:2؛ إش 6:50).

وأخيرًا كانت إرادته أن يقاد إلى الموت حتى نرى فيه صورة كل الفضائل والخلود، فنسلك مقتفين آثار خطواته، فندوس بالحق على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (الخطية).

مثال بولس

هكذا إذ سلك أيضًا بولس على منوال ربه، أوصانا قائلاً “كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح”(18).

بهذا تغلب بولس على انقسامات الشيطان كاتبًا “فأني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا”(19). لأن العدو يقترب منا وقت الأحزان والتجارب والأتعاب مجاهدًا أن يهلكنا، ولكن الإنسان الذي في المسيح يناضل هذه الأمور المضادة، فيقابل الغضب بطول الأناة، والاستهزاء بالوداعة، والرذيلة بالفضيلة، عندئذ ينال النصرة ويعلن قائلاً “أستطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني”(20)، و”لكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا”(21).

هذه هي نعمة الله، وهذه هي طرق الله في إصلاح بني البشر، فأنه تألم ليحرر الذين يتألمون فيه.

نزل لكي يعرفنا، قبل أن يولد حتى نحب ذاك الذي هو ليس (بإنسان عادي)، نزل إلى حيث (الموت) ليهبنا عدم الموت، صار ضعيفًا لأجلنا حتى ننال قوة…

أخيرًا صار إنسانًا حتى نقوم مرة أخرى نحن الذين نموت كبشر، ولا يعود يملك الموت علينا، إذ تعلن الكلمات الرسولية قائلة “لا يسود علينا الموت بعد”(22).

الأريوسيون جاحدوا النعمة!

وإذ لا يقبل هذا الأريوسيون والمانويون(23)، إذ هم ضد المسيح وهراطقة، يشتمون بألسنتهم ذاك الذي هو “معين”، ويجدفون على من يحررهم، ويفكرون بأفكار متنوعة ضد المخلص. لأنه عند نزوله من أجل خير الإنسان ينكرون لاهوته، ناظرين إلى مجيئه من العذراء مع شكهم في كونه إبن الله. وإذ جاء متجسدًا يرفضون سرمديته. وإذ يرونه متألمًا لأجلنا ينكرون ما لجوهر أبديته، سامحين لأنفسهم بأعمال الجحود، مزدرين بالمخلص، شاتمين إياه عوض أن يعرفوا نعمته.

إننا نوجه لهؤلاء (أي للأريوسيين) هذه الكلمات بحق قائلين: “آه أيها الجاحد المضاد للمسيح! إنك بكليتك شرير وذابح لربك، وأعمى تمامًا، ويهودي في تفكيرك! هل فهمت الكتاب المقدس وأنصت إلى القديسين، إذ يقول “أنر بوجهك فنخلص”(24)، “نورك وحقك يهديانني”(25).

ألا تعرف أن الرب لم ينزل من أجل نفسه بل لأجلنا، وبسبب هذا تذهل من أجل حنو محبته؟!

لو تأملت في الآب والابن لما جدفت على الابن كمن له طبيعة مغايرة؟!

لو فهمت عمله الخاص بحنو محبته من نحونا لما كنت تجعل الابن غريبًا عن الآب، ولا تنظر إليه كغريب، هذا الذي صالحنا مع الآب…

إن الرب كان يهزأ دومًا بالشيطان لا يزال إلى يومنا يصنع هذا (قائلاً للأريوسيين) “أنا في الآب والآب فيّ”(26).

هذا هو الرب المعلن في الآب، وأيضًا الآب معلن في الابن، الذي هو حقًا ابن الآب، إذ تجسد من أجلنا في أواخر الأيام، ليقدم نفسه للآب عوضًا عنا، ويخلصنا خلال تقدمته وذبيحته!..

هذا هو الذي في القديم ذبح كخروف، إذ رمز له الخروف، لكنه بعد ذلك جاء وذبح لأجلنا “لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذبح لأجلنا”(27).

هذا هو الذي خلصنا من شباك الصيادين من أضداد المسيح (حيل ومكائد الأريوسيين)… وأنقذنا نحن كنيسته…

لنمجد الرب ونشكره

ما هو إذا عملنا يا أخوتي تجاه هذا الصنيع، إلا أن نمجد الله ونشكر ملك الكل؟!

أولاً لنهتف بكلمات المزامير قائلين “مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم”(28).

لنحفظ العيد بهذه الطريقة التي أشار بها إلينا مخلصنا –يوم عيد القيامة المقدس- حتى نقدس العيد الذي في السموات مع الملائكة!..

لقد كان الشعب قديمًا ينشد مسبحًا عندما يخرج من الحزن…

وفي أيام أستير حفظوا عيدًا للرب(29) إذ أنقذوا من المنشور المهلك الذي ينادي بالموت، حاسبين هذا عيدًا، مقدمين الشكر للرب، وممجدين إياه…

ليتنا نفي نحن بنذورنا للرب، معترفين بخطايانا، حافظين العيد للرب في أحاديثنا وسلوكنا وطريقة حياتنا، مسبحين ربنا الذي أدبنا إلى قليل لكنه لم يتركنا أو يهلكنا… ولا أبتعد صامتًا عنا.

والآن إذ خرجنا من خداع مضادي المسيح المشهورين (الأريوسيين)… وعبرنا كما في البرية إلى كنيسته المقدسة محتملين في البرية تجاربًا وأحزان، فأننا نرسل إليكم وننتظر منكم رسائلاً كالعادة.

لهذا… فأنني أتقدم بالشكر إلى الله بنفسي، وأوصيكم أنتم أيضًا أن تشكروه معي…

وإذ هي عادة رسولية (أن أرسل إليكم رسالة) لهذا فإن أضداد المسيح وأصحاب الانشقاقات رغبوا في أن يفسدوا هذه العادة ويوقفونها. لكن الله لم يسمح بهذا، بل جدد وحفظ ما قد أمرنا به بواسطة الرسول، حتى نحفظ العيد مع بعضنا البعض، حافظين يومًا مقدسًا حسب تقليد الآباء ووصيتهم…


(1) رو35:8.

(2) رو7:13.

(3)1كو7:5.

(4) لو13:11.

(5) أف3:4.

(6) مت20:18

(7) أش2:38.

(8) أف4:2،5.

(9) مز4:100.

(10) تك16:4.

(11) مز4:43.

(12) رو1:14.

(13) مز1:2.

(14) تث66:28.

(15) راجع مز45:18.

(16) إش2:1.

(17) راجع مرأ6:4، حز48:16.

(18) 1كو1:11.

(19) رو38:8،39.

(20) في13:4.

(21) رو37:8.

(22) راجع رو9:6،14.

(23) Ario-Maniacs وفي نص السرياني Arius, Manetes.

(24) مز7:80.

(25) مز3:43.

(26) يو11:14.

(27) 1كو7:5.

(28) مز6:124.

(29) إش9:3، 21:9.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
انتقل إلى أعلى