Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

عيد القيامة في 11 أبريل 342م

المسيح عيدنا

إن سعادة عيدنا يا أخوتي هي قريبة منا جدًا، ولن يفشل في بلوغها من يرغب في تبجيله. لأن “الكلمة” هو قريب، هذا الذي هو كل الأشياء لأجل خيرنا. لقد وعدنا ربنا يسوع المسيح أن يكون معنا على الدوام معنا…. قائلاً “ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر”(1).

فإذ هو الراعي، ورئيس الكهنة، والطريق، والباب، وكل شيء في نفس الوقت لأجلنا، هكذا يظهر أيضًا “عيدًا” لنا كقول الطوباوي بولس “لأن فصحنا المسيح قد ذبح”(2).

أنه هو ما كنا ننتظره، لقد أضاء على صلوات المزامير القائل “ابتهج وافرح برحمتك لأنك نظرت إلى مذلتي وعرفت في الشدائد نفسي”(3). إنه بحق فرح حقيقي، إنه عيد حقيقي، إذ يخلصنا من الشر، وهذا يبلغه الإنسان خلال تبنيه الأحاديث الصالحة، وتزكية فكره بخضوعه لله.

لأنه إذ يتوق القديسون إلى هذا كل حياتهم، يكونون كبشر فرحين بعيد.

واحد يجد راحته في الصلاة لله، وذلك مثل داود الطوباوي، الذي يقوم بالليل (فيصلي) لا مرة بل سبع مرات.

وآخر يعطي المجد خلال تسابيح الحمد، مثل موسى العظيم.

وآخرون يتعبدون بمثابرة دائمة مثل العظيم موسى والطوباوي إيليا.

هؤلاء كفوا عن أعمالهم هذه هنا. لكنهم يحفظون العيد في السماء، ويفرحون فيما قد سبق أن تعلموه خلال الظلال إذ عرفوا الحق خلال الرموز.

بدمه نتقدس

ولكن ماذا نرش في احتفالنا بالعيد؟!

من سيكون “قائدنا” إذ نسرع نحو هذا العيد؟! لا يقدر أحد أن يقوم بهذا العمل يا أحبائي، إلا ذاك الذي دعي اسمه عليكم معي، إذ يقول ربنا يسوع المسيح “أنا هو الطريق”.

وكما يقول الطوباوي يوحنا أنه هو الذي “يرفع الخطية عن العالم”(4). إنه يظهر أنفسنا، وذلك كما يقول النبي أرميا “قفوا على الطرق، وانظروا، (واسألوا عن السبل القديمة) أين هو الطريق الصالح وسيروا فيه فتجدوا راحة(5) لنفوسكم”.

ففي العهد القديم كان دم التيوس ورماد التيوس، يرش على المنجسين فيتقدسون إلى طهارة الجسد فقط(6)، وأما الآن فأنه خلال نعمة الله الكلمة، كل إنسان خلاله يتقدس.

وإذ نتبعه، نكون ونحن هنا كما على عتبة أورشليم السمائية، متأملين مقدمًا العيد الأبدي وذلك كما تبع الرسل الطوباويون المخلص قائدهم، وقد صاروا متعلمين بنفس النعمة قائلين “ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك”(7).

لأن التبعية للمسيح، والعيد الذي للرب، هذان لا ينفذان بالكلام فقط بل وبالأعمال أيضًا بحفظ الوصايا…

لأنه كما أن موسى العظيم، عندما كان يخدم الوصايا المقدسة أخذ وعدًا من الشعب أن يتعهدوا بتنفيذ ما جاء بها، حتى بوعودهم هذا لا يهملون الوصايا ويصيرون كاذبين، هكذا أيضًا عند قيامهم بعيد الفصح، وإن لم يتراءى سؤال ولا طلب منهم إجابة، إنما أعطيت الكلمة يتبعها التنفيذ إذ قال أنهم يحفظون الفصح… مشيرًا إلى أن يكونوا مستعدين لتنفيذ الوصية، بينما الوصية ذاتها تساعدهم على التنفيذ.

ومن جهة هذه الأمور، فإنني متيقن من حكمتهم وحرصكم على التعاليم… وقد أرسلنا لكم مثل هذه التعليمات في رسائل كثيرة متعددة.

رموز الفصح القديم وتحققها في شخص المسيح

والأمر ضروري، الذي هو فوق هذا كله، أنني أرغب في تذكيركم، وتذكير نفسي معكم، كيف أن الوصية التي جاءت إلينا من جهة عيد الفصح لم تأتي بطريقة أرضية أو بدون إعداد، بل بسنن مقدسة تعليمية، وملاحظات دقيقة مرتبطة، وذلك كما نعرف من التاريخ.

كل ابن غريب لا يأكل منه، وأيضًا كل شخص مبتاع بفضة غير مختتن لا يأكل من الفصح(8). ولا يؤكل في “أي” منزل بل أمر الرب أن يكون بسرعة كما لو كنا متنهدين وحزانى وفي عبودية فرعون…

فإذ كانوا في القديم يصنعونه بهذه الطريقة، استحقوا أن ينالوا الرمز، الذي وجد لأجل هذا العيد، وليس العيد الحالي لأجل الرمز. وهكذا كان كلمة الله يشتهي هذا الفصح، إذ قال لتلاميذه “شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم”(9).

والأمر العجيب أن يراهم الإنسان إلى هذا اليوم، يستعدون كالموكب والرقص، ويخرجون بالدفوف والصنادل والفطير. هذه الأمور التي وجدت قبلاً كظلال وكانت رموز. وأما الآن فإن “الحق” قريب منا، “الذي هو صورة الله غير المنظور”(10) ربنا يسوع المسيح، النور الحقيقي، الذي عوض العصا، هو صولجاننا، وعوض الفطير هو الخبز النازل من السماء، وعوض الأحذية أنعشنا باستعداد الإنجيل(11)، وباختصار يقودنا الرب بهذه كلها يقودنا إلى أبيه.

وإذ يضايقنا الأعداء (الأريوسيون) ويضطهدوننا فأنه عوض موسى، يشجعنا بكلمات صالحة قائلاً “يا أعزائي لقد غلبت الشرير”(12).

فإننا حتى عبورنا البحر الأحمر… وثار ضدنا ولحقتنا مرارة الحياة، فأن الرب يظهر لنا، مقدمًا لنا حلاوته، وينبوعه واهب الحياة، بقوله “إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب”(13).

فلماذا لا نزال متهاونين؟! لماذا نحن متأخرون؟! ولا نأتي بكل شوق ومثابرة إلى العيد، واثقين أن يسوع هو الذي يدعونا. هذا الذي هو كل شيء بالنسبة لنا، وقد حمل في عشرات ألوف الطرق لأجل خلاصنا. أنه قد جاع وعطش لأجلنا، مع أنه هو واهب الطعام والشرب في عطاياه المنقذة. لأن هذا هو مجده، هذا هو أعجوبة لاهوته، أنه قد حمل آلامنا لأجل سعادتنا.

وهو الحياة مات (بالجسد) لكي يحيينا.

وهو الكلمة صار جسدًا، حتى يعلم الجسد في الكلمة.

وهو مصدر الحياة عطش عطشنا، لكي نتعطش للعيد قائلاً “إن عطش أحد فليبل إلي ويشرب”.

لقد أعلن موسى في ذلك الوقت عن بداية العيد قائلاً “هذا الشهر يكون لكم رأس (بداية الشهور) هو لكم”(14) ولكن الرب الذي جاء في آخر الأزمنة(15) أعلن يومًا مختلفًا، لا بقصد إبطال الناموس. حاشا. إنما لتثبيت الناموس وليكون هو نهاية الناموس “لأن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن”(16) كما يقول الرسول الطوباوي “أفنبطل الناموس بلإيمان. حاشا. بل نثبت الناموس”.

هذه الأمور حيرت حتى الخدام الذين أرسلهم اليهود، إذ رجعوا إلى الفريسيين يقولون “لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان”(17).

ما هو هذا الذي حير هؤلاء الخدام، وما الذي أدهشهم هكذا؟! إنها شجاعة مخلصنا وسلطانه!

فالعهد القديم عند درس الأنبياء والكتبة الكتاب المقدس أدركوا أن ما يقرأونه لا يشير إليهم بل إلى غيرهم.

فموسى كمثال يقول “مقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من أخوتك مثلي له تسمعون”(18).

وإشعياء يقول “ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل”(19).

وآخرون تنبأوا عن الرب بطرق كثيرة متنوعة.

أما الرب فنسب النبوات إلى نفسه وليس إلى غيره، لقد حصرها في نفسه قائلاً “إن عطش أحد فليقبل إلي” وليس إلى آخر بل “إلي”. قد يسمع إنسان من أولئك الأنبياء عن مجيئي، لكن يلزمه ألا يشرب من غيري، بل مني أنا.

بين الأعياد المسيحية وأعياد الوثنيين الأشرار

ليتنا إذًا عندما نأتي إلى العيد، لا نأتي إليه في ظلال قديمة، لأنها قد تحققت، ولا نأتي إلى أعياد عامة، بل نسرع نحو الرب الذي هو نفسه “العيد”، غير ناظرين إلى العيد كمتعة وإشباع للبطن بل إعلان للفضيلة.

فأعياد الوثنيين(20) مملوءة شراهة وتراخ، لهذا هم يحسبون أنفسهم أنهم يعيدون متى كانوا في كسل، ويقومون بالأعمال المهلكة في تعييدهم.

أما أعيادنا فلتكن فيها ممارسة الفضائل واختبار العفة، كما تشهد الكلمات النبوية قائلة “أن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجًا وفرحًا وأعيادًا طيبة فاحوا الحق والسلام”(21).

وإذ توجد أمامنا فرصة للاختبار، وسيأتي يوم كهذا، وقد جاءنا الصوت النبوي لنعيد، لذلك ليتنا نثابر بقوة في هذا الإعلان الصالح… ولنحيا محافظين على نقاوة الصوم بالسهر في الصلوات، ودراسة الكتاب المقدس، والتوزيع على الفقراء ومسالمتنا للأعداء (الأريوسيين)(22).

لنجمع من قد تشتتوا، ولنبطل الكبرياء ونعود إلى أتضاع الفكر، إذ نكون في سلام مع جميع الناس، حاثين الأخوة على المحبة.

هكذا كان بولس الطوباوي على الدوام مشغولاً بالأصوام والأسهار، ويود أن يكون مهانًا من أجل أخوته.

وداود النبي إذ أتضع بالأصوام، تجاسر قائلاً “يا رب إلهي إن كنت قد فعلت هذا. إن وجد ظلم في يدي، إن كافأت مسالمي شرًا، وسلبت مضايقي بلا سبب”(23).

إن فعلنا هكذا ننتصر على الموت، وننال غيرة نحو ملكوت السموات…


(1) مت20:28.

(2) 1كو7:5.

(3) مز7:31.

(4) يو6:16، 29:1.

(5) تطهيرًا أر16:6.

(6) عب13:9.

(7) مر28:10.

(8) خر43:12-48.

(9) لو15:22.

(10) كو15:1.

(11) أف15:6.

(12) راجع يو33:16، 1يو13:2.

(13) يو37:7.

(14) خر2:12.

(15) عب26:9.

(16) رو4:10.

(17) يو46:7.

(18) تث15:18.

(19) إش14:7.

(20) كانت الأعياد الوثنية مجالاً للأكل والشرب وارتكاب الشر والدنس.

(21) زك19:8.

(22) ليس من عمل الكنيسة أن تحارب الهراطقة أو تقتلهم، لأن الإيمان لا تطالبه كرهًا… ولأن الكنيسة ليس لها سلطانًا مدنيًا بل للدولة وحدها.

(23) مز3:7،4.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
انتقل إلى أعلى