ولد يوحنا في القرن السادس ونشأ في مدينة القسطنطينية. امتهن النحت كأبيه وكان محبا لله منذ نعومة أظفاره. عرف به البطريرك يوحنا الثالث فأرسل في طلبه وسامه شمّاسا، وأسند اليه خدمة الفقراء.
كان يوحنا محباً، شفوقاً، سخياً، لا يفرق في خدمة الفقراء بين مستحق وغير مستحق، كمثل الآب السماوي “يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين” (متى 5: 45). وكان كلما أجزل العطاء أغدق الله عليه حتى بدا كأن صندوق العطاءات لا قرار له. وقد ارتبطت لديه محبة الفقراء بالتقشف والنسك.
في العام 582 انتخب بطريركاً على القسطنطينية واتخذ اسم يوحنا الرابع. امتدت خدمة البطريرك الجديد ثلاث عشرة سنة، وهو اول من لقب ب”البطريرك المسكوني”، ابتداء من العام 586 م.
حافظ يوحنا، في البطريركية، على نسكه ومحبته للفقير ولم يتغيّر. فكان لا يشرب الماء إلا قليلا جدا ولا يتناول من المأكول سوى بعض الخس والبطيخ والتين المجفف والزبيب، ولا ينام ممدّدا بل جالسا طاويا ركبتيه الى صدره. ولهذا السبب لقبته الكنيسة ب”الصوّام”.
اما محبته للفقير فلم تكن لتعرف الحدود. كان يبدّد كل ما لديه على المساكين تبديدا. نسكه ومحبته للفقراء كانا سياجه وعنوان قداسته وخدمته كبطريرك. ويقال انه من كثرة ما أنفق، اضطر، في أواخر حياته، الى الاستدانة من الامبراطور.
رقد في سلام في العام 595 في الثاني من ايلول. بعد موته، أراد الامبراطور أن يسترد ما له من ديون على البطريرك. فلما كشفوا على قلايته لم يجدوا فيها سوى ملعقة من خشب وقميص من كتان وجبّة عتيقة.
تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية في الثاني من شهر أيلول.
طروبارية باللحن الرابع
لقد أظهرتك أفعال الحق لرعيتك قانوناً للإيمان وصورة للوداعة ومعلماً للإمساك، أيها الأب رئيس الكهنة يوحنا، فلذلك أحرزت بالتواضع الرفعة وبالمسكنة الغنى، فتشفع إلى المسيح الإله، أن يخلص نفوسنا.