Sola Scriptura – عقيدة الكتاب المقدس حصراً – مناقشة لاهوتية


1– الافتراض الأول: الأسفار الإلهية تشهد بنفسها على صحتها self-authenticating:

إن القول بأن الكتاب المقدس هو المصدر الكافي للتعليم يفترض أن يعرف المرء تماماً ما يؤلف الكتاب المقدس وما لا يؤلفه. هذا الافتراض يتجاهل كلياً حقيقة أن حدثية تعريف قانون العهد الجديد قد استغرقت عقوداً طويلة. لم يوجد قانون للعهد الجديد في كنيسة القرون الثلاثة الأولى، وهي الفترة التي تُعتبر عصر المسيحية الأولى. يقول الإصلاحيون إن الكنيسة لم تؤسس قانوناً للكتاب المقدس ولكنها شهدت له.

الرد: إن قانونية كتب العهد الجديد تُعرّف بواسطة استعمالها ضمن الكنيسة خاصة القراءة العلنية في كل مكان و من قبل كل الكنائس. كانت الوظيفة القانونية للأسفار المقدسة في الكنيسة الأولى وظيفة ليتورجية. ففي الاجتماعات الافخارستية، كانت الأسفار المقدسة تُقرأ وتُشرح. ويصف القديس يوستينيانوس الشهيد ليتورجيا يوم الأحد في منتصف القرن الثاني الميلادي ذاكراً أن كتابات الرسل و الأنبياء كانت تُقرأ ثم يلي ذلك موعظة لحضّ المستمعين. تم جمع كتابات العهد الجديد من قبل كنائس محلية لاستعمالها في الخدم العبادية وليس لدراسة الكتاب المقدس الخاصة (بالمفهوم البروتستانتي) لهذ، فضمن الكنيسة كجماعة متعبّدة، كانت تقرأ الأسفار المقدسة وتفسّر. كانت توجد مجموعات مختلفة من الأسفار المقدسة في كنائس مختلفة، وذلك بسبب صعوبة تداول وتبادل هذه الأسفار بين الجماعات الكنسية الأولى، بسبب البعد الجغرافي. ويظن بعض الناس حالياً بصورة ساذجة أنه كانت توجد آنئذ أسفار العهد الجديد الحالية (27 سفراً)، وما كان على الكنيسة سوى أن تجمع هذه الأسفار في مجموعة واحدة تسمّيها العهد الجديد. لكن الحقيقة أنه كانت توجد عشرات و عشرات الكتب أو الأسفار في القرنين الأولين للمسيحية، يحمل بعضها أسماء رسل معروفين لكي يعطيها صفة قانونية أو قبولاً لدى جماعات المؤمنين. لهذا لم يكن من السهل على الكنائس أن تميّز الأسفار المُلهمة من الأسفار الأخرى غير الملهمة. وفي القرنين الثاني و الثالث الميلاديين يقول القديس إيريناوس و كلمندوس الإسكندري و أوريجنس معهما صراحة أنه توجد فقط أربعة أناجيل قانونية أو مقبولة وهي متّى ومرقس و لوقا ويوحنا، لأنه كان يوجد عدد أكبر من الكتب التي كانت تسمى أناجيل في ذلك الوقت. إن أول قائمة من أسفار العهد الجديد تطابق القائمة الموجودة حالياً هي الموجودة في الرسالة الفصحية للقديس أثناثيوس الإسكندري (367). أما في الغرب فإن قانون العهد الجديد لم يتم البت فيه إلا في مجمع قرطاجة (379). هكذا إذن، في القرون الثلاثة الأولى من المسيحية لا يمكن للمرء أن يشير إلى قانون واحد مقبول في كل مكان، سواء للعهد القديم أو للعهد الجديد. فإذا كانت الأسفار القانونية حقاً ذاتية الشرعية أو الأصالة و تشهد لنفسها بنفسه، فلماذا استغرقت الكنيسة الأولى ثلاثة قرون لتعرّف أسفاراً هي، بحسب الإصلاحيين، تشهد على صحتها بنفسه، وتعرّف عن نفسها بنفسها وذاتية الوضوح؟ أيضاً، من قال للإصلاحيين في القرن السادس عشر إن الكتاب المقدس الذي كان بين أيديهم هو الكتاب المقدس؟ ومن حفظه طيلة 16 قرناً آنئذ وما يزال يحفظه الآن وإلى الأبد؟ أليست هي الكنيسة التي يحاربون تقليدها وآبائها و قديسيها وشهدائها و رسلها؟ (26).

arArabic
انتقل إلى أعلى