Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

زيارة حاملات الطيب إلى القبر:

1 وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ:«مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟» 4 فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. 5 وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. 6 فَقَالَ لَهُنَّ:«لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. 7 لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ». 8 فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. (مرقس 16: 1-8، متى 28: 1-10، لوقا 24: 1-12).

تنتهي الأناجيل كلها بذكر قيامة المسيح. وبتعبير أدق تذكر شهادات كثيرة على هذه القيامة (زيارة القبر الفارغ، ظهورات القائم) دون أن تصف حدث القيامة بحدّ ذاته (يرد هذا الوصف في إنجيل بطرس الأبوكريفي). لا يمكن لأحد أن يرى القيامة وأن يصفها لأنها تدشن عالماً جديداً لا يخضع لناموس هذا الدهر الفاني (1). يرى المؤمن القيامة بعين الإيمان، ويلتقي بالمسيح القائم من الموت في أسرار الكنيسة (أنظر لوقا 24: 30 حيث يعترف تلميذا عمواس بالقائم عندم بارك هذا الأخير الخبز).

بعد مضي السبت “باكراً جداً” في أول الأسبوع أي نهار الأحد أو يوم الرب (الذي أخذ باكراً هذا الاسم كما نستد من مقطع الرؤيا 1: 10) (2) تأتي إلى القبر ثلاث نساء: مريم المجدلية, ومريم أم يعقوب وسالومة لكي يُدهن بالطيب جسد يسوع الذي دفن بسرعة (الآيتان 1-2). أما تحديد وقت الزيارة “إذ طلعت الشمس” فهو لا يتفق مع ما قيل في الآية نفسها “باكراً جداً”. من هنا اقترحت الحلول الآتية.

أ – انطلقت النسوة “باكراً جداً” ووصلن إلى القبر عند طلوع الشمس.

ب – ذكر طلوع الشمس له معنى لاهوتي، فهو يرمز إلى القيامة من القبر وإشراق شمس العدل العقلية.

ج – ربّما لا يقصد الإنجيلي شروق الشمس كاملاً بل ما يسبقه من شعاعات أولية.

د – لم تأتِ النسوة كلهنّ معاً بل أتى البعض “باكراً جداً” والبعض الآخر عند طلوع الشمس.

هـ – صححت المخطوطة D ومخطوطات أخرى كلمة “طلوع” بكلمة “وهي طالعة” محاولين ترتيب الزيارة في وقت مبكر.

نعتقد من جهتنا أن التحديدات الزمنية الواردة في الأناجيل لا تهدف إلى الدقة العلمية، ولذا تأخذ شيئاً من المرونة في التحديد، وتشير أحياناً إلى فترة طويلة من الزمن. من هنا يربط الإنجيليون تحديداتهم هذه بعبارات تقريبية على شبه “نحو” “حوالي” (أنظر التعليق على الآية 15: 25 حيث يرد ذكر ساعة الصلب).

وقد اعتاد مرقس على الأخص ذكر تحديد زمني واسع يشمل التحديد المذكور أولاً (أنظر مثلاً مرقس 1: 32 و”لما صار المساء، إذ غرب الشمس” وغيرها). هنا يذكر وقت “طلوع المشس” كتحديد زمني واسع يشمل التحديد المذكور أولاً “باكراً جداً” وهو وقت انطلاق النسوة إلى القبر.

فيما كانت النسوة يفكرن كيف ومن سوف يدحرج الحجر الكبير الذي يغطي مدخل القبل، إذا بهنّ عند اقترابهنّ منه يجدن الحجر مدحرجاً (الآيات 2-4). فيدخلن إلى القبر وقد أخذتهن الرعدة والخوف، ويَرَين بدل يسوع المدفون شاباً لابساً حلّة بيضاء جالساً على اليمين (الآية 5). فأخذ الملاك الظاهر بشكل شاب يهدئ حاملات الطيب بعارته “لا تندهشن”، ومعها يبشرهن بحدث القيامة العميق. ليس يسوع المصلوب فيما بين الأموت، “قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه” (الآية 6). إن عنصر الحياة (أو معطي الحياة حسب ترانيم الكنيسة) لا يضبطه القبر. لقد عبر مملكة الأموات لكي “يدوس الموت” ويحلّ مملكة الحجيم ويهب الحياة للناس. بعد ذلك يطلب الملاك من النسوة، وهنّ أول من تقبّلن خبر القيامة، أن يبشرن الرسل بذلك، وأيضاً أن يقلن للرسل بأن يسبقوه إلى الجليل بحسب وعده (أنظر مرقس 14: 28). لقد ورد ذكر بطرس بصورة خاصة لكي لا يظنّ الرسول، حسب رأي الكثيرين، بأنه بعد إنكاره الرب ثلاثاً قد خسر ثقة المسيح وعطفه. وفي مكان آخر من العهد الجديد يرد ذكر ظهور المسيح القائم لبطرس على الأخص (لوقا 24: 34، 1 كور 15: 5).

تخرج النسوة الثلاث من القبر ولا يتكلمن مع أحد لأنه قد أخذتهن “الرعدة والدهش”. يتكلّم إنجيل مرقس كثيراً عن تعجب الشعب واندهاشه أمام الآيات التي كان يصنعها يسوع، وينتهي بذكر الرعدة والدهش أما الآية الفائقة على الكل وهي آية القيامة من بين الأموات.

ح – خاتمة الإنجيل: ظهور القائم 16: 9-20

9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10 فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11 فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا. 12 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 13 وَذَهَبَ هذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هذَيْنِ. 14 أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15 وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17 وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18 يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ». 19 ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20 وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ. (مرقس 16: 9-20)

ما هي نهاية إنجيل مرقس الأصلية والطبيعة؟ أهي العبارة “لأنهن كن خائفات”؟ ينتهي عند هذا الحدّ الإنجيل في المخطوطتين الأصليتين، السينائية والفاتيكانية. وكذلك نجد النهاية نفسها في الترجمة السنيائية السريانية ومخطوطات اقليموس وأوريجنس وإفسافيوس وفيكتور الأنطاكي وأيرونيموس وزيغافنوس وغيرهم. ولنضف أن الإنجيلين متى ولوقا يتبعان مرقس في رواية الآلام والقيامة حتى الآية 16: 8، وبعدها يتبع كل واحد منهما مصدراً أو تقليداً خاصاً ومستقلاً. ويتساءل كثيرون لماذا يُنهي الإنجيل روايته دون أن يتكلم عن تحقيق وعد المسيح بأنه سوف يلتقي بتلاميذه في الجليل (مرقس 14: 28، 16: 7)، ويفترضون أن نهاية الإنجيل الحقيقية قد ضاعت. هكذا فإننا نجد في بعض المخطوطات محاولات لتأليف مثل هذه الخلاصة.

عندنا هذه الخلاصة مثلاً في المخطوطات 099 و4 وL بعد الآية 16: 8 كما يلي: “كل ماقيل عن بطرس تحقق سريعاً، وبعد كل ذلك أرسلهم يسوع من الشرق إلى الغرب للكرازة الشريفة بالخلاص الأبدي”. أما الخلاصة الأكثر شهرة فهي كامنة في طبعات العهد الجديد النقدية الموضوعة بين هلالين والمتميّزة على كل حال عن بقية النص الإنجيلي. ينسب البعض الآيات 9-20 إلى شخص اسمه ارستيونا المذكور عند الكاتب بابيا (أنظر التاريخ الكنسي لإفافيوس 3، 39، 17) لأنه قد ذُكر في محطوطة أمنية تعود إلى العام 989 (وهو على الأرجح تاريخ لاحق لكتابة المخطوطة) أن الآيات الواردة هي لأرستون. وقد وحّد كثيرون من النقاد بين أرستيونا وارستون. ويعتقد البعض الآخر أن مرقس قد أضاف لاحقاً هذه الخلاصة، بينما نرى آخرين ينسبونها إلى أحد تلاميذ الرب غير المشهورين.

لا ترد الآيات 9-20 في كثير من المخطوطات القديمة، كما أنها تختلف من حيث اللهجة والمفردات عن بقية الإنجيل، وهي تتضمن كلمات لا نجدها في بقية النص. ومن جهة أخرى يصدق قول البعض أن هذه الآيات هي خلاصة ظهورات المسيح القائم عند الإنجيليين الآخرين. وهي تشكل بتعبير ما “التناسق الإنجيلي” القديم. هكذا فإننا نجد:

  • في الآيات 9-11 مختصراً لما ورد عند يوحنا 20: 11-18 عن ظهور المسيح لمريم المجدلية.
  • في الأيتين 12-13 ما جاء عند لوقا 24: 13-35 عن ظهور المسيح للتلميذين السائرين إلى عمواس.
  • في الآية 14 ظهوره للأحد عشر، أي ماورد عند لوقا 24: 36-39 ويوحنا 20: 19-23.
  • في الآية 15 وما يليها يمكن أن نجد ماورد عند متى 28: 18-20 عن وصية الرب يسوع القائم لتلاميذه.
  • في الأيات 19-20 حادثة الصعود الواردة عند لوقا 24: 50-53.

في المخطوطة W من القرن الخامس هناك خلاصة أطول بسبب إضافة حوار مقتضب بين القائم وتلاميذه إلى الأية 141. تدعى هذه الإضافة “عبارة فرير” وهو اسم المتحف في مدينة واشنطن حيث توجد هذه المخطوطة.

على كلٍّ إن قانونية الآيات 9-20 (3) لا يُشك فيها. لقد أُضيفت هذه الآيات في وقت مبكّر إلى نصّ الإنجيل (إما من قبل مرقس أو من قبل رجل كنسي آخر ملهم من الله). قلنا في وقت مبكر لأنها معروفة عند يوستينوس، تاتيانوس وايريناوس (راجع ماكتبه مطوّلاً الكاتب X. Papaioannou عن هذه الخلاصة في إنجيل مرقس في مجلة Theologia، 1923، الصفحات 167-179).

في هذه الخلاصة تمثّل وصية الرب يسوع إلى تلاميذه، ومن خلالهم إلى الكنيسة، أهمية رئيسية وهي أن يكرزوا بالإنجيل “لكل الخليقة” (أنظر متى 28: 19). وجواب الكنيسة المفضل على وعد الرب بمجيئه ثانية هو نشاط الكنيسة التبشيري، العمل الذي يؤازره الرب طبعاً بما يتبعه من الآيات. (4)

انتهى بعون الله
أحد توما، 26 / 4 / 1987


(1) لهذا لا نرى في أيقونات الكنيسة الأرثوذكسية أيقونة المسيح وهو يخرج من القبر أو هو يرتفع أمام الحراس الرومان، كما تصوره باقي الكنائس الغربية وحتى الشرقية غير الأرثوذكسية…. (الشبكة)

(2) en ti Kyriaki imera

(3) أي الاعتراف بها رسمياً من قبل الكنيسة.

(4) من أجل معلومات أكثر ودراسات أكبر حول “خاتمة إتجيل القديس مرقس”، رجاءاً اضغط هنا… (الشبكة)

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى