Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

مسألة الجهل لدى يسوع، للقضية تاريخ لاهوتي. بعض الآيات الإنجيلية (مرقس 13: 32 ويوحنا 11: 34 ولوقا 2: 52) (1) قابلة لأن تفسر تفسيراً يعني جهل يسوع. غريغوريوس اللاهوتي تعرض لنص مرقس ضد الآريوسية. تساهل وقبل أن نتصور فصلاً بين الطبيعتين فننسب معه الجهل إلى الطبيعة البشرية (الخطبة 30: 15). إلا أنه جنح إلى تفسير صديقه باسيليوس الكبير (مين 32: 877-880) للآية 13: 32 من مرقس فجعل المعرفة منوطة بالآب كعلة اللاهوت كله. وبهذه الصفة يعود الابن يعرف يوم نهاية العالم وساعتها بالصورة نفسها التي يعرفها الآب. يوحنا فم الذهب في خطبته عن إقامة لعازر لا يخرج عن هذا الإطار في شرح يوحنا 11: 34.

الموضوع طرح بجدية في النصف الأول من القرن السادس في صفوف السويريين في مصر، فقيل أن يسوع يجعل بعض الأمور ما دام قد عرف حاجات البشرية وضعفاتها. فقامت في العام 540 بدعتهم فسموا بـ agnontai. قاومهم الأرثوذكس والسويريين. الآباء القدامة ذوو أراء متضاربة في الموضوع، إلا أن أكابرهم الثلاثة على ما ذكرنا.

مايندورف لم يطرح الموضوع برمته. وذكر أن مؤلف كتاب “في البدع” يقول بوجود جهل لدى يسوع. ويذهب إلى أن المؤلفين البيزنطيين الذين كتبوا في القرننين 8 و9 ضد محاربي الأيقونات تبنوا وجهة نظر صاحب “في البدع”. ولكنه في فصله عن يوحنا الدمشقي (أبي المعركة) (2) ذكر رأي هذا الذي سنورده فيما يلي (3).

يقول الدمشقي أن يسوع اتخذ الطبيعة الجاهلة والمستعبدة. طبيعة الإنسان عبدة لله خالقها والتي لا تعرف الغيب الآتي. ولكن بفضل الاتحاد ووحدة الأقنوم في يسوع امتلأت نفسه من المعرفة. وبولس قال عنا أننا لم نعد عبيداً بل أبناء (غلاطية 4: 7) فكم بالأحرى أن لا يكون هو عبداً. وذكر عن يسوع أن فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة (كولوسي 2: 3). فهو يعرف كل شيء، هو سيد كل خليقة وربها، الذي هو الله والإنسان معاً. وفي المقطع استشهد بغريغوريوس (أي 30: 15) (4).

ونفى الدمشقي أيضاً عن يسوع كل تقدم حقيقي في الحكمة والعلم. وربط الأمر بالاتحاد الأقنومي القائم منذ لحظة التجسد والذي بموجبه ناسوت يسوع لا يشارك بالنعمة فيما هو لابن الله الكلمة الإلهي. فالاتحاد الأقنومي جعل الأشياء الإلهية والأشياء البشرية مسيحاً واحداً. ويعتبر هنا وفي البند السابق القائلين بخلاف ذلك نساطرة (5).

وفي فصله الممتاز عن المشيئتين والحريتين في يسوع كرس تعاليم مكسيموس المعترف وذهب إلى أن الاتحاد الأقنومي جعل كل فجورة بين إرادة يسوع والتنفيذ مستحيلة. فلا تداول ولا تشاور ولا تردد ولا ولا… فنحن البشر نتردد وو… بسبب الخطيئة التي اندست إلينا لدى أول هوى طرأ على آدم. فلا نلد خارج الخطيئة. أما يسوع فلم يأخذ هذا الهوى الأول لدى تجسده (6).


(1) النصوص الإنجيلية: (مرقس 13: 32 “وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ” (7). يوحنا 11: 34 “وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟» قَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ تَعَالَ وَانْظُرْ»” (الشرح). لوقا 2: 52 “وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ” (الشرح))… بالإضافة لما ورد في هذا الفصل نرجو أن تراجع الحاشية رقم 1 في الفصل السابق…. (الشبكة)

(2) أي الأب الروحي للأرثوذكسيين في حرب الأيقونات. فهو بطل الأرثوذكسية في موضوع تكريم الأيقونات…. (الشبكة)

(3) أنظر لمحة تاريخية في تيكسيرون 2: 127-129، مايندورف 116-119 و276-277.

(4) الدمشقي، الإيمان الأرثوذكسي 3: 21.

(5) الدمشقي 3: 22.

(6) الدمشقي 3: 14.

(7) [إن هذا النص يستخدمه كثيراً الهراطقة وأضداد المسيح. وحتى نفهم النص بشكل واضح علينا العودة إلى عدة نصوص إنجيلية:

الأول: يوحنا 16: 12 «إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13 وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. 15 كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.

الثاني: 1 كورنثوس 2:  10 فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ.

الثالث: فيليبي 2: 6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. 7 لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.

وغير هذه النصوص يوجد الكثير. ونقتبس من كتاب “موقفنا من السبتيين” للأب إيليا متري: “لمّا قال يسوع: ” ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي حدّدها الآب بذات سلطانه ” (أعمال 1: 7)، منع الناس – أياً كان حالهم ووعيهم الروحي – من أن يفتّشوا عمّا لم يُعطَ لهم. وهو, بكلامه هذا, لم يقصد أن يقول (كما فعل السبتيّون): إن هذا الحدث ” في نظر المنصرفين إلى شؤون الدنيا سيكون غير متوقع ” (إيمان الأدفنتست السبتيّين، ص 571)، ليوحي: أن السبتيّين لا يخفى عنهم شيء. ويعرف المطّلعون أن التلاميذ لمّا سألوا يسوع عن وقت مجيئه, أخفى نفسه – كما يقول المطران جورج (خضر) – ” وراء بشريته” بقوله: ” أما ذلك اليوم وتلك الساعة، فما من أحد يعلمهما, لا ملائكة السموات ولا الابن إلا الآب وحده (متى24: 36). وهذا يفضح انحراف السبتيّين – ومن قال أقوالهم – لأنهم يدّعون معرفة ما لم يقله يسوع ويتطاولون على الحق…”.]… (الشبكة)

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى