Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

ووجود الطبيعتين الكاملتين في الرب هو أساس وجود مشيئتين وفعلين وعلمين وحكمتين إلهية وبشرية (1).

فالفعل والمشيئة من خصائص الطبيعة العاقلة الرئيسية بل الطبيعة هي مصدر الفعل والمشيئة لا الشخص. هذا هو رأي الآباء كما سيجيء في موضع آخر. وقد أصر بقوة مكسيموس المعترف على أن الآباء قالوا به.

وإلا لكان للثالوث القدوس ثلاثة أفعال وثلاث مشيئات (2).

وبما أن الفاعل المريد في الطبيعتين هو الابن الوحيد فلا يمكن أن تصدر عنه مشيئتان أو فعلان متضاربان.

فالطبيعة البشرية (بما فيها الإرادة) متألهة فيه. ولذلك توافق المشيئة البشرية الإلهية بفعل حر تلقائي.

فلا تناقض أبداً بين الفعلين والمشيئتين. وليس أي زوج منهما منقسماً.

ولا تفعل الطبيعتان مفترقتين، بل تفعل كل منهما فعلها الخاص بالتوافق مع الأخرى في شركة تامة.

فاللاهوت مقيم حالّ بملئة في الناسوت يوعبه من فيض إشعاعه صائراً مسحة له.

فقدّسه وأناره وألهه ومجده وأحياه، ومنحه القدرة على الإحياء وصنع المعجزات وإقامة الأموات بما أنه جسد الرب.

وظهر نور اللاهوت مشعاً في الناسوت يوم التجلي على جبل ثابور.

وتألهت الإرادة والفعل البشريان فيه فصارت أفعاله جميعاً أدوات لخلاصينا.

فدفنا معه للموت وقمنا معه للحياة. فأقام لاهوته جسده من القبر ونفذ اللاهوت إلى الناسوت ولكن لا عكس في ذلك. فاللاهوت غير قابل للتأثر بأي عرض من أعراض الناسوت.

قال غريغوريوس اللاهوتي: “إن الأخير ألّه الأول” أي الله ألّه الجسد… “مسح بالألوهة ما أخذه وإذ صار واحداً مع من مسحه…” (الخطبة 45: 9 و13).

وبسبب الوحدة الأقنومية، المريد والفاعل واحد. لذى نرى الرب يسوع يبكي على لعازر بينما يصنع لاهوته معجزة الإقامة من القبر. فأدت كل طبيعة ما خصها. يسوع يفعل بحسب طبيعتيه.

ولم تكن مشيئة الرب مبتلاة بالفساد كمشيئتنا.

لذلك لم يعرف الرب التردد وموازنة الأمور وسائر ألوان الضعف الطارئ على إرادتنا بسبب ولادتنا من آدم الساقط.

فإرادته تتوجه إلى الخير بدون عائق وتطيع الإرادة الإلهية بحرية كما نرى في جهاده وآلامه الطواعية في الجثمانية (3).

وترتبط بهذا مسألة الجهل لدى يسوع.


(1) {بسبب صغر مساحة هذا الفصل من جهة وأهميته من جهة أخرى، نرجو أن تقوم بمراجعة الصفحات التالية: المقولات في المسيح وفي خصائص الطبيعتين وفي التقدم في المسيح وفي الجهل والعبودية وعودة إلى الكلام عن المشيئتين والاستطاعتين والعقلين والمعرفتين والحكمتين… كلها للقديس يوحنا الدمشقي نقلاً عن كتابه “المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي”… ويُفضل قراءة كل قسم “خريستولوجية القديس يوحنا الدمشقي” المأخوذ عن الكتاب المذكور…

ونود أن نضيف هنا نصاً من “في التقدم في المسيح” للقديس يوحنا الدمشقي: “فإذا كان الجسد قد اتحد حقاً بالله الكلمة منذ بدء وجوده، بل إنه قد ابتدأ فيه ونال فيه وحدة هويّته الأقنوميّة، فكيف هو لم يستملك استملاكاً تاماً كلّ حكمة ونعمة؟ والأمر ليس أنّ هذا الجسد قد اشترك بالنعمة أو حظي على نعمة مما هو للكلمة، بل بالأحرى -بسبب الاتحاد في أقنوم- قد صارت البشريات والإلهيات مسيحاً واحداً. وعليه، فإنّ ذاك نفسه الذي كان إلهاً وإنساناً معاً، كان جسده ينبع النعمة والحكمة ويفيض الخيرات للعالم“….}… (الشبكة).

(2) مكسيموس المعترف، مين 90: 152 و91: 200، 333-341، 289، 292.

(3) مكسيموس المعترف (مين 90: 152 و91: 12، 21، 30، 48، 49، 73، 85، 100-101، 153، 192، 200، 289، 292، 301، 308، 333-345، 1045، 1060). الدمشقي (3: 14-15، 17، 19، و4: 18) ولوسكي (142-143).

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎

معلومات حول الصفحة

عناوين المقال

محتويات القسم

وسوم الصفحة

انتقل إلى أعلى