Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

كذيل لهذا العرض التاريخي الخاطف تستحق المدرستان المذكورتان نبذة خاطفة. اعتاد العلماء المعاصرون الكلام عن هاتين المدرستين كنهجين مختلفين. ويحصرون غالباً “مدرسة أنطاكية” بديودوروس وثيوذوروس ونسطوريوس ومن دنا منهم.

لا شكّ أن هناك مميزات لكل من المنطقتين. الإسكندرية مدينة مصرية متيوننة (1) يقطنها جمع غفير من اليهود. فيلون اليهودي المعاصر لربنا يسوع نموذج عن عالم ديني يهودي تيونن. في القرن الخامس قبل الميلاد زار هيرودوتوت المؤرخ والجغرافي اليوناني الشهير مصر فقال في أهله أنهم أتقى شعوب الأرض. ومازالت طبيعة مصر طبيعة ميل قوي جداً إلى العبادة والصبر ساعات طوال على الصلاة وسماع المواعظ. وقد روى لي سامعون أن بطريرك الأقباط شنوده الحالي يقف واعظاً ومجيباً على الأسئلة طيلة 6-7 ساعات كل يوم خميس. ولا غرابة في بيئة كهذه أن يكون إيثار أفلاطون على أرسطو قاطعاً، وأن يكون لاهوت الإسكندري حماسياً روحياً رمزياً، وأن تكون قد أخرجت على يد أمونيوس سكاس (والداه مسيحيان) أوريجينس للمسيحية وأفلوطين للفلسفة العامة.

أما سوريا فقد شغفت بأشياء أخرى من المدينة اليونانية. ليبيانوس أستاذ باسيليوس وغريغوريوس اللاهوتي والذهبي الفم أنطاكي تعاطى التدريس في القسطنطينية وبلده أنطاكية، وهو أشهر من نار على علم كمنطقي عالمي. والأراميون والفينيقيون أشهر سكان الأرض (مع اليهود) في فن التجارة. فلا غرابة أن تكون بيروت قد احتضنت أشهر مدرسة حقوق في التاريخ القديم وأن تكون وأنطاكية قد أخرجتا للدولة البيزنطية رجالات إدارة عديدين جداً.

ولكن لا يمكننا أن نفصل فصلاً قاطعاً بين المدينتين. فوحدة الإيمان والتقليد ثابتة. شطط الأفراد لا يُعتبر قاعدة. في أنطاكية كما مر معنا كان أثناسيوس محترماً جداً. ثيوذوريتوس أسقف قورش في كتابه “المتسول” يستشهد به مراراً. وانتهى إلى الاستشهاد حتى بكيرللس بالرغم من كل ما كان بينهما من مرارة. وتكاتبا. باسيليوس وصديقه غريغوريوس اللاهوتي أصدرا في شبابهما مختارات من أوريجينس بعنوان “فيلوكاليا”. غريغوريوس النيصصي متأثر جداً بأوريجينس. ثيوفيلوس خال كيرللس أقام الدنيا واقعدها على الذهبي الفم متهماً إياه بأنه اوريجينسي (2). رهبانياً باسيليوس وأخوه تركا على الكرسي الأنطاكي أثاراً عميقة. وكاريوس المنحول وديونيسيوس المنحول سوريان في رأي كبار المحققين اليوم. تأثرهما بكبادوكية قاطع (3). ايفاغريوس تلميذ غريغوريوس اللاهوتي. عاش في مصر وتأثر باوريجنيس. ترك تأثيراً كبيراً في منطقتنا بما اندس من كتاباته تحت أسماء أخرى أو صراحة أو في تفكير اسحق السرياني أشهر المؤلفين الروحانيين. لاهوتياً الكبادوكيون سادة اللاهوت في الكرسي الأنطاكي ومصر. كتاب “المتسول” المذكور لثيوذوريتوس يستشهد بهم وبأثناسيوس والذهبي كثيراً (4).

والصداقة بين أفستاثيوس الأنطاكي وألكسندروس وأثناسيوس الإسكندررين حتى لاهوتياً معروفة. ويعتبر العلماء الأول تلميذاً في اللاهوت للثاني.

والذهبي الفم خليفة غريغوريوس على القسطنطينية (الذي عرف الصداقة التي كانت بين أسقفه ملاتيوس وباسيليوس الكبير) لا يخرج عن الإطار العام. ويعتبره غريلماير إسكندراني اللاهوت. ولكن وضوح أفكاره ومنطقيته وبراعته في الخطابة تجعلني أراه قريباً من غريغوريوس اللاهوتي أيضاً. كلاهما شددا على وحدة يسوع.

وأبوليناريوس نفسه هو ابن لمصري (كان كاهناً في اللاذقية. واستقبل في العام 346 في بيته أثناسيوس). أرسطويته واضحة. ولكنه يشدد مثل أثناسيوس على وحدة شخص يسوع. وخلافاً لتركيز غريلمايير في كتابه على وجود لاهوت أسماه “الكلمة-الجسد” () فإن رسالة أثناسيوس إلى ابيكتوس واضحة في ثلاثة بنود: 1- يسوع صار إنساناً ليخلص الإنسان برمته ويصيّره إلهاً. 2- كلمة “جسد” تعني في الكتاب المقدس “الإنسان”. 3- ليسوع نفس كاملة لا جسد فقط. وقد تجسد وصار إنساناً. وله طبيعة بشرية. وهو الكلمة الإلهي الذي افتدانا واحتمل من أجلنا كل شيء بما فيه الآلام. فالآباء القدماء فهمو جيداً أن كلمة “جسد” هي الإنسان برمته (5). وكان أبولينا سوريوس ذا حظوة كبيرة لدى أثناسيوس وباسيليوس لثباته في عقيدة الثالوث ونضاله من أجلها. وقد علّم في أنطاكية خلال العام 374 واستمع ايرونيموس فيها لدروسه.

فليس هناك حد فاصل نهائي. هناك تقليد كنيسة يبرز واحداً في كل مكان بقيادة الروح القدس وإن اختلف النسق العقلي لدى الأفراد. فكيرللس في عقيدة الثليث تلميذاً لأثناسيوس وللكبادوكيين. وفي صراعه مع نسطوريوس وصحبه استعمل على نطاق واسع عبارة غريغوريوس اللاهوتي: ما لم يأخذه يسوع لم ينل الشفاء.

أي يسوع أخذ الإنسان برمته ليخلص الإنسان برمته روحاً وجسداً وإرادة. وبالرغم من أن خاله (6) ثيوفيلوس كان خصماً لدوداً للذهبي فإنه امتدح الذهبي واستشهد به (داليس) وأخذ عنه وعن الذهبي لاهوت سر القربان وتأليه جسد الرب ودمه لنا (قاموس الروحانية 3: 1383 و1385). وكان مرشده الروحي ايسيدوروس الفرم (الفرم على شاطئ البحر الأحمر) قد ترك عليه أفضل الأثر في اتجاه الذهبي.

وايسيدوروس هذا من أوائل المنادين بوحدة الأقنوم وبالطبيعتي في يسوع (غريلماير 496). وبروكلوس أسقف القسطنطينية (434-446). هو تلميذ للذهبي الفم ومواطن لنسطوريوس إذ كلاهما من أبرشية منبج. وقد مهّد للمجمع الخليقدوني تمهيداً جيداً. أما خليفته فلافيانوس فقد سار على خطاه في المجمع المنعقد في 8 / 11 / 448 ضد أوطيخا. وفي هذا المجمع استعمل باسيليوس (سلفكية) وسيلفكوس (اماسيه) عبارة “في الطبيعتين”. كما أن فلافيانوس استعملها في رسالته إلى الأمبراطور ثيودوسيوس. واستعمل باسيليوس (سلفكيه) هذا في المجمع عبارة “الاتحاد الأقنومي”. وفي أعمال المجمع تليت عبارة كيرللس “الاتحاد بحسب الأقنوم” (7).

فإذا تذكرنا ما قلتاه لجهة تأثير غريغوريوس اللاهوتي على الأنطاكيين (ثيوذوريتوس أسقف قورش، أندراوس السمسياطي وحتى نسطوريوس) وعرفنا أن بروكلوس استعمل عباراته وجدنا أن هناك تياراً واسعاً بين مجمع أفسس ومجمع خلقيدونية يتجه نحو: 1- استعمال عبارة “أقنوم واحد في طبيعتين”. 2- الاتحاد الأقنومي. 3- الاتحاد بحسب الأقنوم (8).

لاون بابا رومية قال مثل هؤلاء: شخص واحد في طبيعتين.

المجمع الرابع الخلقيدوني كّرس إذن عبارة غريغوريوس. جاء المجمع الخامس فكرس العبارتين الأخريين الشائعتين.

ولذلك لم يكن المجمع الرابع تسوية كما أراد أل بغمز باردي (فليش ومارتان 4: 240) بل معجزة كما قال مايندورف (ص 24). وليس فقط تكريساً لعمق الإسكندرية ووضوح أنطاكية كما يرى كواستن (فرنسي 3: 206) وغريلماير (473-474). فالذي نجح بين أفسس وخلقيدونية هو تطور اللاهوتيين نحو استيعاب ما قاله غريغوريوس في رسالته إلى كليدونيوس وسواها لجهة تطبيق العبارات اللاهوتية عن الثالوث على التجسد: نقول في اللاهوتيات: إله واحد في ثلاثة أقانيم. ونقول في التجسد: أقنوم واحد في طبيعتين (الرسالة 101 إلى كليدونيوس والعظات 37 و38 و45 المستشهد بهما في هذا الكتاب).

من هذا العرض يتضح أن كيرللس الإسكندري لم يضرب المدرسة الأنطاكية ضربة قاضية كما توهم مايندورف (9) (ص 11). وقد استمرت أنطاكية على تخريجها اللامعين وعلى الصمود. فأفرام الآمدي ويوحنا النحوي وأنسطاسيوس الأول وسواهم من فحول لاهوتيي كنيستنا في القرن السادس. وصفرونيوس الدمشقي هو أول أبضال الصراع ضد المشيئة الواحدة. ويوحنا الدمشقي نهاية مطاف كبير. فمن الخلقيدوني الرابع إلى المجمع السابع (787) لعب الكرسي الأنطاكي أبرز الأدوار اللاهوتية.

من جهة ثانية نرى مايندورف يعطف على مدرسة أنطاكية. وهناك ميل كبير اليوم إلى إنصاف رجالاتها في القرنين الرابع والخامس. لا غزو أن منهجها في التفسير هو منهج دراسات الكتاب المقدس المعاصرة في الغرب. وهما إخوان في الأرسطوية والاهتمامات التاريخية. فلا غرابة إن فازت إحصائية أميركية بالرقم 300 لعدد الكتب التي صدرت في العصر الحديث كتاريخ لحياة ربنا يسوع. ولكنها تخلو (أي الكتب) من النفحة الروحية. طالعت أجودها وأضخمها لمؤلفه الأب Follion. إنها سرد تاريخي تفسير بلغ ذروة الروعة. ولكنها لا تغذي الحياة الروحية أبداً. من حسن حظ المدرسة الأنطاكية (بالمعنى الضيق لا الواسع) أن حاصرها كيرللس وتحصّنت بالكبادوكيين فتم إنقاذ عقيدة إيماننا بوحدة شخص يسوع.

يذهب مايندورف إلى أن الأنطاكيين بقوا لأسباب فلسفية يرفضون نسبة الآلام إلى ابن الله. ويبدو أنه يصنف ثيوذوريتوس بينهم (ص 95). لقد خص مايندورف الأمر بفضل جيد ذي مصارد جيدة.

إلا أني لا أوافقه على حشر اسم ثيوذوريتوس في زمرة الرافضين. ثيوذوريتوس هذا ألح في مواضع عديدة على أن الطبيعة الإلهية غير قابلة للتألم والأعراض (الرسائل 85 و93 و126 و145 و…). تبدو هاجساً رئيسياً لديه ضد بدعة يحاربها.

ولكنه قال في الرسالة 93 إن “سيدنا المسيح قاسى الصليب”. وفي الرسالة 104 (ص 27) نسب الصفات اللاهوتية والناسوتية إلى الابن الوحيد الواحد. وفي الرسالة 145 يقول إن جسده هو جسد ابن الله الوحيد الذي يُ،سب إليه تألم الجسم (ص 167). في الصفحة 169 يقول إن جسم هو جسم الرب. وفي الصفحة 171 استشهد بقول لاون بابا روما: “ابن الله تألم كما كان يستطيع أن يتألم، لا بحسب الطبيعة الآخذة بل بحسب الطبيعة المأخوذة. فالطبيعة غير القابلة للتألم أخذت الجسم القابل له وبذلته من أجلنا لتنجز خلاصنا…” وفي مواضع عديدة من هذه الرسالة والتي تليها (ص 187 و 191 و…) وسواهما يردد كثيراً عبارات أخذ ابن الله طبيعتنا. وهذا يجعله في خط كيرللس الذي وضع النبرة على ابن الله ولم يقم تناظراً بين الطبيعتين اللاهوتية والبشرية. وبهذا يكون ثيوذوريتوس خارج خط نسطوريوس وثيوذوروس المصيصي.

وفي الرسالة 146 قال “إن الله الكلمة صار إنساناً” ليمنح بتألمه عدم القابلية للتألم، للطبيعة القابلة له (ص 187). وقال أيضاً إن ابن الله الوحيد كان هو نفسه قابلاً للتألم والموت كإله ولكن مائت وقابل للتألم كإنسان (191) (10).

هذا الموقف سليم وتقليدي. فالكتاب المقدس ملآن من النصوص المؤيدة، وآباء الكنيسة منذ أغناطيوس الأنطاكي يرددون العبارات التي تنسب الآلام إلى الرب يسوع الإله (الرسالة إلى الرومانيين 6: 3 وغريغوريوس اللاهوي أنثاسيوس والجميع على هذا بما فيه دستور الإيمان) (11).

ويوحنا فم الذهب يركز في كل مناسبة على نسبة الصفات والطبيعتين إلى شخص يسوع الواحد. الفرق بين آباء القرن الرابع آباء القرن الخامس والسادس هو سعة آفاق شخصيات الأول وشمول نظراتهم بينما كان خلفاؤهم في القرنين التاليين ينطلقون أحياناً من النظرات الجزئية ولو خالفت التقليد المتوارث. فمثلاً إنكار نسطوريوس لأمومة العذارء لله مخالف لتقليد الكنائس حتى في أنطاكية. شاء أن ينزه اللاهوت عن الأعراض التي تعتري الخلائق فتطرّف. شاء ثيوذورتيوس أن ينزه اللاهوت عن الآلام فرفض نسبة الآلام إلى الكلمة الإلهي مع أنه كان قبل قبل الباقي ووقع على خلقيدونية (مايندورف 45 و95) بالإجمال هناك عملية تناضح، تأثير متبادل بين الكتبة الكنسيين. فكيرللس نفسه قال بأنه ليس كل مالدى الهراطقة غلطاً. ولم يخطأ نسطوريوس بتأكيده على الطبيعتين بل بعدم توحيدهما (الرسالة 44 إلى الكاهن ايفلوخيوس، مين 77: 224-228). والقديس برصونوفيوس الخصم العنيد للأفكار الايفاغريوسية (التي يصمها بأنا يونانية) يعترف بفائدة الأقسام الزوجية منها (مين 86، 893 و897). ثيوذوريتوس يجمع في كتابه “المتسول” العام 447 لاهوت أنطاكية مع مصطلحات واستشهادات اسكندارنية (مين 83: 177 و192-193 و245؛ قاموس الروحانية 3: 1383).


(1) أي أنها مصبوغة بصبغة يونانية. وخاصة إن الإسكندرية قد بناها الإسكندر الأكبر وكانت معقلاً لليونانيين… (الشبكة)

(2) راجع سيرة القديس يوحنا الذهبي الفم في قسم تاريخ الكنيسة>> حتى القرن التاسع… (الشبكة)

(3) كواستن يصف ذياذوكوس أسقف فوتيكي مع الكتاب السوريين دون تعليل. الكاتب روحاني كبير. رد على بدعة “المصلين” في منطقة الفرات. فقد يكون معنياً جداً بالأمر لأنه ابن المنطقة. وهكذا لا تكون الروحانيات وفقاً على مصر. أما ديونيسيوس المنحول فهو مونوفيزتي في رأي مايندورف. تعددت جداً الأبحاث عنه. لوسكي شديد التحسس له مثل مكسيموس المعترف. ويغسله من التأثر بالأفلاطونية الجديدة في كتابه “اللاهوت الصوفي”. إلا أنه تراجع أمام نقد غاندياك. مقدمة الترجمة الفرنسية (1943) لغاندياك مستبدلة بمقدمة جديدة هامة لروك (1958) تنتهي إلى تعذر البت. أما مكاريوس فهو مصحيح كبير لايفاغريوس. ركز على القلب بدلاً من الـ “نوس”.

(4) راجع 11 مصارد. [في الكتاب المطبوع، هذا الهامش موجود. إلا أنه لا يوجد ربط بين الهامش مع أي فقرة في متن النص. إلا أننا حاولنا من سياق الكلام أن نربط الهامش مع مقطع من النص، ولا ندعي صحة الربط… (الشبكة)]

(5) وغريغوريوس اللاهوتي (الرسالة إلى كليدونيوس فقدت 59) والمجمع السادس وذلك خلافاً لرأي مايندروف (20-21) الذي ذكر أن اللفظة كانت قد نقدت في العالم اليوناني معناها “كخليقة محياة”. ولكنه يذكر في ص 99 وحاشية 15 أن لاونديوس الأورشليمي استعملها بمعنى “الطبيعة الإنسانية” استعارةً من كيرللس الإسكندري. أريوس وأبوليناريوس تأثرا بأفلاطون فقال بأن الجسد (ساركس) جسد صرف. فكانت ردة الفعل عليهما كبيرة ورفضت الكنيسة قولهما بأن جسد يسوع كان بلا روح. [في الكتاب المطبوع، هذا الهامش موجود. إلا أنه لا يوجد ربط بين الهامش مع أي فقرة في متن النص. إلا أننا حاولنا من سياق الكلام أن نربط الهامش مع مقطع من النص، ولا ندعي صحة الرابط… (الشبكة)]

(6) أي خال القديس كيرلس الكبير…. (الشبكة)

(7) كلا العبارتين وارد في الجلسة الأولى لمجمع أفسس المسكوني الثالث (الرسالة 4 لكيرللس، مين 77: 45).

(8)  يذكر مايندورف أن لاهوت لاون بابا روما هو الذي انتصر في مجمع خلقيدونية (26 و30-31) وأن لفظة أقنوم دخلت في الخريستولوجيا على يد بروكلوس أسقف القسطنطينية (31) بينما يذكر في ص 31 أن مجمع القسطنطينية (448) استعمل عبارة “في طبيعتين” التي استعملها أولاً غريغوريوس اللاهوتي. في مقال ريشار عن “الأقنوم” عرض تاريخي لموضوع استعمال اللفظة في الخريستولوجيا أضاف إليه غريلمايير ايسيدوروس الفرمي فاعتبره سلفاً للاون (ص 405، ص 496). النص اليوناني للرسالة 101 لغريغوريوس اللاهوتي واضح بصورة لا تترجم إلى لغة أخرى. ومحاولات اللاهوتيين استمرت حتى المجمع الخامس لتمثلها. وذكر مايندورف (102 وسواها) وغريلمايير(325-327) تأثير الكبادوكيين على الأنطاكيين حتى أن غريلمايير يرى ذلك كبيراً لدى نسطوريوس، وأن تعبير الأنطاكيين قريب من تعبير اللاهوتي. وكان ثيوذوريتوس قبل خلقيدونية يسعى لتمثلهم (مين 83: 33) والاستفادة من نحديداتهم. ولم يذكر مايندورف الذهبي مع أنه أنطاكي ولكنه قريب من الإسكندرية كما يرى غريلمايير ودالس. وفي الوضوح هو قريب أجمالاً من غريغوريوس سلفه على القسطنطينية.

(9) مع أنه يقول في مكان آخر (40-45 و91-92) باستمرار نفوذها في القسطنطينية. ولم يذكر الذهبي الفم رغم ضآلة عباراته اللاهوتية إلى وضوح غريغوريوس اللاهوتي.

(10) ألّف الأب بولس نعمان بالفرنسية كتاباً عن ثيوذوريتوس ليس تحت يدي. إنما أعرف الهدف الأكبر في الكتاب. شاء المؤلف أن يثبت أن تجمعاً لاهوتياً نشأ حول ثيوذوريتوس أسقف الأبرشية التي نشأ ومات فيها القديس مارون. ولكنه أخطأ الهدف. فالموارنة من أنصار المجمع المسكوني الخامس الذي عمز عرضاً من قناة ثيوذوريتوس وشجب كتاباته ضد كيرللس. وهذا يبعدهم نسبياً عن ثيوذوريتوس ويقربهم نسبياً من كيرللس. فالمجمع الخامس حلقة بين الرابع والسادس. الكنيسة كانت بين المطرقة والسندان. في الثالث انتصرت على فصل يسوع إلى اثنين. في ارابع انتصرت على مزيج الطبيعتين لانتاج هجين مجهول الهوية. في الخامس وضعت لجاماً للشرود عن خط الوحدة المقرر في الثالث. في السادس أوقفت الجنوح نحو خطر التطرف في الوحدة. وهكذا نحج الاعتدال وفازت الحقيقة. فتم التوضيح الممكن لمعنى الوحدة في يسوع ولمعنى الثنائية.

(11) إن المقصود هنا كأن نقول مع الكتاب: “لو عرفوا رب المجد لما صلبوه”، و”كنيسة الله التي اقتناها بدمه”. وليس المقصود هنا نسب الآلام والموت للطبيعة الإلهية… ولكن بسبب وحدة شخص يسوع نستطيع أن ننسب صفات الطبيعة الإلهية وصفات الطبيعة البشرية إلى الشخص الواحد يسوع المسيح كلمة الله المتجسد…(الشبكة)

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى