تسبحة الميلاد (*)،
1 ـ وُلد المسيح فمجدوه، أتى المسيح من السموات فاستقبلوه، أتى المسيح إلى الأرض فعظموه “سبحي الرب يا كل الأرض” (مز1:96).
لتفرح السموات وتبتهج الأرض بالسماوي الذي صار على الأرض.
المسيح تجسد ابتهجوا بفرح وخوف. الخوف بسبب الخطية، والفرح بسبب الرجاء.
جاء المسيح من عذراء، فعشن عذارى لكي تصرن يا نساء أمهات للمسيح.
مَنْ الذي لا يسجد للذي كان منذ البدء؟ مَنْ الذي لا يمجد ذاك الذي هو الآخِر؟.
2 ـ مرة أخرى ينقشع الظلام(1)، مرة أخرى يُشرق النور. مرة أخرى يحل الظلمة كعقاب على مصر(2)، مرة أخرى يستنير شعب الله بعمود من نار(انظر خر21:13).
الشعب الجالس في الظلمة أبصر نوراً (إش2:9) ، فَهِمَ الأسرار الإلهية، ” الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل صار جديداً” (2كو17:5).
الحرف يتراجع، والروح يتقدم. الظلال تهرب بينما الحق(3) يحل مكانها.
مثال ملكي صادق قد تحقق (مز4:110)، الذي كان بلا أم الآن صار بلا أب.
النواميس الطبيعية انحلت. العالم السماوي ينبغي أن يكتمل(4).
المسيح يأمر أن لا نضع أنفسنا ضده “هيا صفقوا بأيديكم يا كل الأمم ” (مز1:47) ، لأنه وُلد لنا ولد وأُعطي لنا ابناً، تكون الرئاسة على كتفه (لأن كتفه رُفع بالصليب)، ويُدعى اسمه ملاك المشورة العظيم (انظر إش5:9س).
دعوا يوحنا يصرخ ” أعدوا طريق الرب ” (مت3:3)، وأنا سوف أتحدث عن قوة هذا اليوم:
الذي بلا جسد تجسد
الكلمة صار له جسم
غير المنظور صار منظوراً
غير الملموس صار ملموساً
غير الزمني صارت له بداية زمنية
ابن الله يصير ابن الإنسان
“يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد “
اليهود يعثرون، واليونانيون يسخرون، والهراطقة يثرثرون.
سوف يؤمنون به عندما يرونه صاعداً إلى السماء، وإن لم يؤمنوا وقتذاك، فعلى أي حال سوف يرونه آتياً من السموات وجالساً كديان. هذه الأمور سوف تحدث فيما بعد.
اسمان للاحتفال: ثيوفانيا والميلاد:
3 ـ أما اليوم، فالاحتفال هو بالظهور الإلهي أي الميلاد. هذا الاحتفال الواحد يطلق عليه اسمان لأن الله ظهر للبشر بواسطة الميلاد. الكلمة هو كائن أبدي من الكائن الأبدي فوق كل عِلة وكلمة (لأنه لا توجد كلمة قبل اللوغوس) صار جسداً لأجلنا لكي ـ كما منحنا الوجود ـ يعطينا أيضاً الوجود الأفضل الذي سقطنا منه بسبب شرورنا أو بالحري لكي يعيدنا إليه بتجسده. هكذا أطلق اسم “ثيوفانيا” إشارة إلى هذا الظهور، وكذلك أيضاً أُطلق اسم الميلاد إشارة إلى مولده.
لماذا نحتفل بهذا العيد؟:
4 ـ بالنسبة لنا هذا هو مفهوم الاحتفال، وهذا هو ما نحتفل به اليوم: نُعيد لمجيء الله إلى البشر لكي نذهب نحن لنسكن بجوار الله، أو بالحري لنرجع إليه، لكي بخلعنا الإنسان العتيق، نلبس الإنسان الجديد. وكما متنا في آدم، هكذا يمكننا أن نحيا في المسيح، إذ نولد معه، ونُصلب معه ونُدفن معه لكي نقوم بقيامته. لأنه ينبغي أن نتغير التغيير الحسن الصالح. فكما أن الأمور الحسنة (الحالة الفردوسية الأولى) تبعتها الأمور التعسة (حالة السقوط)، هكذا ينبغي بالأحرى أن تأتي الأمور الحسنة من الأمور التعيسة. “لأنه حيثما تكثر الخطية تزداد النعمة جداً” (رو20:5).
وإذا كان تذوق الأكل(5) قد جلب الإدانة فكم بالأكثر تبررنا آلام المسيح. إذن فلنُعيد، ليس بطريقة الاحتفالات الوثنية الصاخبة، لكن بطريقة إلهية، ليس بطريقة العالم لكن بطريقة روحية. لا باعتباره عيدنا نحن بل باعتباره عيد ذاك الذي هو لنا (أي المسيح) أو بالأحرى عيد ربنا. نعيد ليس بما للمرض بل بما للشفاء. نُعيد ليس بما يخص الخلق، بل بما يخص إعادة الخلق.
كيف نحتفل بالعيد؟:
5 ـ وكيف يصير هذا التعييد؟ لا بأن نزين الأبواب، ولا نقيم حفلات رقص، ولا نزين الشوارع ولا نبهج عيوننا، ولا نُطرب أسماعنا بموسيقى صاخبة، ولا نلذذ أنوفنا بروائح أنثوية غير لائقة، دعونا لا نفسد حاسة التذوق، ولا نسمح لحاسة اللمس أن تتلذذ بلمس أشياء غير لائقة. هذه الحواس التي يمكن أن تكون مداخل سهلة للخطية؛ لنكن غير متخنثين بلبس الملابس الناعمة والكثيرة الثمن، والتي يكمن جمالها في عدم نفعها. ولا نتزين بأحجار ثمينة وبذهب لامع، وبأصباغ تشوه الجمال الطبيعي الذي على صورة الله، ولا للهزء والسكر الذي يصاحبه دائماً الفسق والدعارة (انظر رو13:13)، لأن التعاليم الشريرة تأتي من المعلّمين الأشرار، أو بكلام أفضل، لأن البذرة الشريرة تنبت نباتاً شريراً، فلا نفترش الفرش الناعم الذي يرضى الذات والبطن والشهوات العابرة. ولا نُقبِل على شرب الخمور الممزوجة برائحة الزهور، ولا على الطعام الشهي الذي يتفنن الطهاة في طهيه. ولا نُدهن بطيب غالى الثمن. لا ندع الأرض والبحر يقدمان نفاياتهما الثمينة كهدية، لأني أسمى الرفاهية نفاية؛ دعونا لا نناقش أحدنا الآخر في ارتكاب المعاصي، (فكل شيء زائد عن الحاجة الضرورية هو إفراط). بينما يوجد آخرون ـ من نفس طينتنا وطبيعتنا ـ يتضورون جوعاً، وهم في غاية العوز.
6 ـ فلنترك كل هذه الأمور للوثنيين ولاحتفالات الوثنيين، الذين تسر آلهتهم برائحة شواء الذبائح، ويقدمون لها العبادة بالطعام والشراب، فهم مخترعون للشر، وكهنة وخدام للشياطين. أما نحن الذين نقدم عبادتنا “للكلمة”، إن كان يجب أن نستمتع بشيء، فلنستمتع بالكلمة، بالناموس الإلهي وبالشواهد الكتابية خاصةً تلك التي تحدثنا عن موضوعات مثل موضوع احتفال اليوم، حتى تكون متعتنا قريبة من ذاك الذي جمعنا معاً للاحتفال به (إلى المسيح) وليست بعيدة عنه. هل تريدون (لأني أنا اليوم سوف أقدم لكم المائدة يا ضيوفي) أن أضع أمامكم رواية هذه الأحداث (الميلادية) بأكثر غزارة وأجمل كلام أستطيعه لكي تعرفوا كيف يستطيع شخص غريب(6) أن يُغذى مواطني البلد، وساكن الريف أن يغذي سكان المدينة، والذي لا يهتم بالمتع أن يُغذي أولئك الذين يسرون بالمتعة، ومَن هو فقير وليس له بيت ولا يملك أي شيء أن يغذي أولئك المشهورون بسبب غناهم.
افتتاحية تعليمية عن الله (الثيولوجيا):
سوف أبدأ بالآتي: نقوا عقولكم وآذانكم وأفكاركم أنتم الذين تبتهجون لهذه الأشياء، لأن حديثنا سيكون حديثاً مقدساً عن الله؛ حتى حينما تغادرون المكان تكونون قد استمتعتم حقاً بسماع تلك الأمور المبهجة التي لن تنتهي ولا تخبو.
سوف يكون الحديث مليء تماماً وفي نفس الوقت سيكون موجزاً، حتى لا تتضايقوا بسبب غياب بعض الحقائق، كما أنه لن يكون مملاً بسبب الإطالة الزائدة.
7 ـ الله كان كائناً دائماً وهو كائن في الحاضر وسيكون دائماً إلى الأبد، أو بالحري، هو كائن دائماً. لأن “كان” و “سيكون” هي أجزاء من الزمن ومن طبيعتنا المتغيرة. أما هو فهو “كائن” أبدي، وهذا هو الاسم الذي أعطاه لنفسه عندما ظهر لموسى “أنا هو الكائن” (خر14:3). لأنه يجمع ويحوى كل “الوجود”، وهو بلا بداية في الماضي، وبلا نهاية في المستقبل؛ مثل بحر وجود عظيم، لا يُحد ولا يحوى، متعالي كلية أي مفهوم للزمان وللطبيعة، وبالكاد يمكن أن يُدرك فقط بالعقل ولكنه إدراك غامض جداً وضعيف جداً، ليس إدراك لجوهره، بل إدراك بما هو حوله(7)، أي إدراكه من تجميع بعض ظواهر خارجية متنوعة، لتقديم صورة للحقيقة سرعان ما تفلت منا قبل أن نتمكن من الإمساك بها، إذ تختفي قبل أن نُدركها. هذه الصورة تبرق في عقولنا فقط عندما يكون العقل نقياً كمثل البرق الذي يبرق بسرعة ويختفي. أعتقد أنه يصير هذا الإدراك هكذا لكي ننجذب إلى ما يمكن أن ندركه (لأن غير المدرك تماماً، يُحبط أي محاولة للاقتراب منه)، ومن جهة أخرى فإن غير المدرك يثير إعجابنا ودهشتنا، وهذه الدهشة تخلق فينا شوقاً أكثر، وهذا الشوق ينقينا ويطهرنا، والتنقية تجعلنا مثل الله. وعندما نصير مثله، فإني أتجاسر أن أقول كأنه يتحدث إلينا كأقرباء له باتحاده بنا، وذلك بقدر ما يعرف هو الذين هم معروفين عنده. إن الطبيعة الإلهية لا حد لها ويصعب إدراكها. وكل ما يمكن أن نفهمه عنها هو عدم محدوديتها، وحتى لو ظن الواحد منا أن الله بسبب كونه من طبيعة بسيطة لذلك فهو إما غير ممكن فهمه بالمرة أو أنه يمكن أن يُفهم فهماً كاملاً. ودعنا نسأل أيضاً، ما هو المقصود بعبارة “من طبيعة بسيطة”؟ لأنه أمراً أكيد أن هذه البساطة لا تمثل طبيعته نفسها، مثلما أن التركيب ليس هو بذاته جوهر الموجودات المركبة.
8 ـ يمكن التفكير في اللانهائية من ناحيتين، أي من البداية ومن النهاية (لأن كل ما يتخطى البداية والنهاية ولا يُحصر داخلها فهو لانهائي)، فعندما ينظر العقل إلى العمق العلوي، وإذ ليس لديه مكان يقف عليه، ويتكئ على المظاهر الخارجية لكي يكوّن فكرة عن الله، فإنه يدعو اللانهائي الذي لا يُدنى منه باسم غير الزمني. وعندما ينظر العقل إلى الأعماق السفلى وإلى أعماق المستقبل فإنه يدعو اللانهائي باسم غير المائت وغير الفاني. وعندما يجمع خلاصته من الاتجاهات معاً فإنه يدعو اللانهائي باسم الأبدي لأن الأبدية ليست هي الزمان ولا هي جزء من الزمان لأنها غير قابلة للقياس. فكما أن الزمان بالنسبة لنا هو ما يُقاس بشروق الشمس وغروبها هكذا تكون الأبدية بالنسبة للدائم إلى الأبد.
نكتفي الآن عن الحديث فلسفياً عن الله، لأن الوقت لا يتسع، إذ أن موضوع حديثنا الآن هو عن تدبير التجسد وليس عن طبيعة الله (ثيولوجيا). ولكن عندما أقول الله فأنا أعني الآب والابن والروح القدس. لأن الألوهية لا تمتد إلى ما يزيد عن الثالوث وإلاّ كان هناك حشد من الآلهة، كما أنها لا تحد بنطاق أصغر من الثالوث حتى لا نتهم بأن مفهومنا عن الألوهية فقير جداً وهزيل، وحتى لا ينسب إلينا أننا نتهود بالحفاظ على الوحدانية، أو أننا نسقط في الوثنية بتعدد الآلهة. إذ أن نفس الشر موجود في الاثنين اليهودية أو الوثنية، حتى إن كان موجوداً في اتجاهين متعارضين. هذا إذَا هو “قدس الأقداس”(8) المخفي عن السيرافيم وهو الذي يُسبّح بنشيد الثلاث تقديسات، والثلاث يُنسب إليها لقب واحد هو الرب والإله، كما تحدث عن ذلك أحد سابقينا(9) بطريقة جميلة وسامية جداً.
خلق العالم العقلي:
9 ـ ولكن حيث إن حركة التأمل الذاتي لا تستطيع وحدها أن تشبع “الصلاح”(10)، بل كان يجب أن يُسكب الصلاح وينتشر خارج ذاته، لكي يكثر الذين ينالون من إحسانه (لأن هذا كان أساسياً للصلاح الأسمى)، لذلك فإن الله فكر أولاً في خلقة الملائكة والقوات السمائية. وفكرة هذا صار عملاً تحقق بواسطة كلمته وتكمل بواسطة روحه. وكذلك أيضاً خُلقت المخلوقات النورانية الثانية، كخُدام للنور الأول، الذين ندركهم كأرواح عقلية أو كنار غير مادية وغير فانية، أو كطبيعة أخرى تقترب بقدر الإمكان من كل الوصف السابق. وأريد أن أقول، إنهم لم يكن في استطاعتهم أن يتحركوا نحو الشر، بل كانوا يستطيعون أن يتحركوا فقط نحو الخير لأنهم موجودون بالقرب من الله ويحصلون على الإنارة بالإشعاعات الأولى من الله، لأن الأرضيين يحصلون على الإنارة الثانية، لكني مضطر للتوقف عن اعتبارهم أنهم لم يكن في استطاعتهم بالمرة أن يتحركوا ناحية الشر بل أتكلم عنهم فقط على أنه كان من الصعب أن يتحركوا نحو الشر بسبب ذاك الذي بسبب بهائه سمى يوسيفوروس(11)، ولكنه صار ظلمة ودُعي ظلمة بسبب كبريائه، هو والقوات التي تحت رئاسته، وصاروا خالقين للشر بتمردهم على الله، وأيضاً صاروا محرضين لنا على الشر.
خلق العالم المادي:
10 ـ هكذا خُلق هذا العالم العقلي من فيض صلاح الله، بقدر ما أستطيع أن أتفكر في هذه الأمور وأتناول أموراً عظيمة بلغتي الفقيرة. وبعد أن وجد خليقته الأولى في حالة حسنة، فكر في إبداع عالم ثاني، عالم مادي ومنظور، وهذا العالم هو منظومة مركّبة بين السماء والأرض وكل ما هو موجود بينهما، وهى خليقة جديرة بالإعجاب حينما ننظر إلى جمال كل شيء فيها، وهو أكثر جدارة بالإعجاب حينما نلاحظ التوافق والانسجام بين المخلوقات وبعضها، إذ يتوافق الواحد مع الآخر والكل فيما بينهم في نظام جميل لكي يُكوّنوا المنظومة كاملة متكاملة لعالم واحد. وهذا لكي يوضح أنه يستطيع أن يحضر إلى الوجود ليس فقط طبيعة شبيهة به بل وطبيعة مختلفة تماماً عنه. لأن الكائنات العقلية هي شبيهة بالألوهية، وتُدرك فقط بواسطة العقل؛ أما كل المخلوقات التي تُعرَف بالحواس الجسدية فهي مختلفة تماماً عن الألوهية، وأكثر هذه المخلوقات ابتعاداً هي تلك التي بلا نفس وعديمة الحركة. لكن قد يقول أحد المندفعين، ما الذي يعنينا من كل هذا؟ وقد يتساءل أحد من المشاركين في الاحتفال من المؤمنين المتحمسين “أُنخس الحصان لكي تصل إلى الهدف”، “حدثنا عن العيد وعن الأمور التي من أجلها اجتمعنا اليوم”. هذا ما سوف أفعله. حالاً، رغم أنى قد ابتدأت بأمور عالية اضطرني إليها حبي لها بالإضافة إلى ما يحتاجه حديثنا عن العيد.
خلق الإنسان:
11 ـ إذاً، فالعقل والجسد (المادي) المتميزين الواحد عن الآخر، يظلان كل واحد ضمن حدود طبيعته، ويحملان في ذاتهما عظمة الكلمة الخالق، وهما مسبحان صامتان وشاهدان مثيران جداً لعمله الكلى القدرة. لم يكن بعد يوجد كائن مكون من الاثنين (العقل والحس) معاً، ولا أي إتحاد من هذه الطبائع المتضادة، إنه مثال أسمى للحكمة والتنوع في خلق الطبائع، ولم يكن معروفاً بعد كل غنى الصلاح. ولأن الكلمة الخالق قرر أن يظهر غنى هذا الصلاح، ويخلق كائناً حياً واحداً مكوناً من الاثنين معاً، ـ أي من الطبيعتين المنظورة وغير المنظورة ـ لذلك خلق الإنسان. ولقد خلق الجسد من المادة التي كانت موجودة، الجسد وبعد ذلك وضع فيه نفخة منه التي عُرفت بأنها نفس عاقلة وصورة لله، ثم أقامه على الأرض كعالم ثانٍ عظيم في صغره؛ ملاك آخر، عابد مركباً(12). له معرفة كاملة بأعماق الخليقة المنظورة، أما الخليقة غير المنظورة فيعرفها جزئياً فقط؛ ملك على الموجودات التي على الأرض ولكنه تحت سلطان الملك الذي في الأعالي، أرضي وسماوي، زمني ومع ذلك غير مائت، منظور ولكنه عقلي، في وضع متوسط بين الوضاعة والعظمة، هو نفسه روح وجسد في شخص واحد. روح بسبب النعمة التي وُهبت له، وجسد لكي يسمو الإنسان بواسطته. الواحد لكي يحيا ويمجد الله المحسن إليه، والآخر لكي يتألم وبالألم يتذكر ويتم إصلاحه إذا تكبر بسبب عظمته. كائن حي يتدرب على الأرض لكي ينتقل إلى عالم آخر، وكأن غاية السر هو أن يصير إلهاً(13) بميله إلى الله. فإني أرى أن نور الحق الذي نناله هنا ولكن بقدر معين يتجه بنا لكي نرى ونختبر بهاء الله. الذي هو بهاء ذاك الذي كوننا(14)، والذي سوف يحلنا ثم يعيد تكويننا بطريقة أكثر مجداً(15).
الحالة الفردوسية للإنسان:
12 ـ هذا الكائن (أي الإنسان) وضعه الخالق في الفردوس (أياً كان هذا الفردوس)، وقد كرمه بهبة حرية الإرادة، لكي يكون تمتعه بالله عن اختيار حر، بفضل عطية الله الذي غرس فيه هذه الحرية، ولكي يفلّح النباتات الخالدة التي تعني المفاهيم الإلهية، الأكثر بساطة والأكثر كمالاً معاً، عارياً في بساطته وحياته غير المصطنعة، وبدون أي غطاء أو ستار، لأنه كان من الملائم لذاك الذي في البداية (أي الإنسان الأول) أن يكون هكذا. وأيضاً أعطاه ناموساً ليظهر به حرية اختياره. هذا الناموس كان وصية من جهة النباتات التي يمكن أن يأكلها، والنبات الذي يجب أن لا يلمسه. هذا النبات الأخير كان شجرة المعرفة، وذلك ليس بسبب أنها كانت شريرة حينما غُرست في البداية، ولا حُرمت على الإنسان عن حسدٍ (من ناحية الله، ولا ندع ألسنة أعداء الله تتحدث هكذا، كما لا نقلد الحية!).
السقوط:
وهذه الشجرة كانت يمكن أن تكون صالحة لو أن الإنسان أكل منها في الوقت المناسب (لأن الشجرة، بحسب رؤيتي، كانت هي رؤية الله التي هي مأمونة فقط بالنسبة لأولئك الذين تكملوا بالتمرن والنسك للاقتراب منها بدون مخاطرة)، لكنها ليست صالحة للذين لم يتدربوا بعد وللشرهين من جهة الشهوة، وذلك كالطعام القوى الذي ليس له فائدة للذين مازالوا ضعفاء ويحتاجون إلى اللبن (انظر عب12:5). لكن بسبب حسد إبليس وإغوائه للمرأة التي استسلمت لكونها أكثر ضعفاً، وبدورها حرضت آدم لأنها كانت الأكثر قدرة للتأثير عليه، وأسفاه على ضعفي! (لأن ضعف أبي الأول هو ضعفي)، إذ نسي الوصية التي أُعطيت له، واستسلم للأكل من الثمرة المهلكة، وهكذا طُرد في الحال من الفردوس ومن شجرة الحياة ومن حضرة الله بسبب خطيته، ولبس الأقمصة الجلدية ربما يعنى أنه لبس الجسد الأكثر غلاظة، والقابل للموت والمناقض للأول)(16).
وكأول نتيجة، شعرا بالخزي واختفيا من وجه الله. وهنا حصل الإنسان الأول على ربح له وهو الموت، وقطع الخطية، حتى لا يصير الشر خالداً، وهكذا فإن العقاب تحول إلى رحمة، لأني أعتقد أن الله يفرض العقاب بدافع الرحمة(17).
تدبير الله للخلاص:
13 ـ وبعد أن عاقب الله الإنسان أولاً ـ بطرق كثيرة، لأن خطاياه كانت كثيرة (من التي نبتت من جذر الشر، والتي نشأت من أسباب مختلفة وفي أزمنة متفرقة)، أدبه بالقول، والناموس، والأنبياء، والإحسانات، والتهديدات، والفيضانات والنيران، والحروب، والانتصارات، والهزائم، والعلامات في السماء، وعلامات في الهواء وفي الأرض وفي البحر، وبتغييرات مفاجئة للرجال والمدن والشعوب ـكل هذه الأمور كانت تهدف لإبادة الشرـ وأخيراً احتاج الإنسان لدواء أكثر قوة لأن أمراضه كانت تزداد سوءً: مثل قتل الأخ والزنى والقسم الكاذب، والجرائم الشاذة، وأول وآخر كل الشرور أي عبادة الأصنام وتحويل العبادة إلى المخلوقات بدلاً من الخالق (انظر رو18:1ـ32). وبما أن هذه كانت تحتاج إلى معونة أكبر، لذلك حصلت على مَن هو أعظم. ذلك هو كلمة الله ذاته ـ الأبدي الذي هو قبل كل الدهور، وهو غير المنظور، غير المفحوص وغير الجسدي، البدء الذي من البدء، النور الذي من النور، مصدر الحياة والخلود، صورة الجمال الأصلي الأول، الختم الذي لا يزول، الصورة التي لا تتغير، كلمة الآب وإعلانه(18)، هذا أتى إلى صورته(19)، وأخذ جسداً لأجل جسدنا، ووحد ذاته بنفس عاقلة لأجل نفسي لكي يطّهر الشبه بواسطة شبهه، وصار إنساناً مثلنا في كل شيء ماعدا الخطية إذ وُلد من العذراء التي طُهّرت أولاً نفساً وجسداً، بالروح القدس (لأنه كان يجب أن تُكرم ولادة البنين وأيضاً أن تنال العذراوية كرامة أعظم)، وهكذا ظلّ إلهاً من بعد اتخاذه للطبيعة البشرية، شخص واحد بطبيعتين، الجسد والروح، ألّه الجسد. ياله من اختلاط جديد، الكائن بذاته يأتي إلى الوجود، غير المخلوق يُخلق(20)، غير المحوى يُحوى بواسطة نفس عاقلة تتوسط بين الألوهة والجسد المادي. ذاك الذي يمنح الغنى يصير فقيراً، لأنه أخذ على نفسه فقر جسدي، لكي آخذ غنى ألوهيته. ذاك الذي هو ملء يخلى نفسه، لأنه أخلى نفسه من مجده لفترة قصيرة، ليكون لي نصيب في ملئه. أي صلاح هذا؟! وأي سر يحيط بي؟! اشتركت في الصورة؛ ولم أصنها فاشترك في جسدي لكي يخلّص الصورة ولكي يجعل الجسد عديم الموت. هو يدخل في شركة ثانية معي أعجب كثيراً من الأولى، وبقدر ما أعطى حينئذ الطبيعة الأفضل، فهو الآن يشترك في الأسوأ(21). هذا العمل الأخير (التجسد) يليق بالله أكثر من الأول (الخلق)، وهو سامي جداً في نظر الفاهمين.
اتضع لأجلك فلا تحتقر تواضعه:
14 ـ ما الذي سوف يقوله المعترضون والمجدفون على الألوهية، أولئك المشتكون ضد كل الأمور الجديرة بالمديح، أولئك الذين يجعلون النور مظلماً، والذين لم يتهذبوا بالحكمة، أولئك الذين مات المسيح لأجلهم باطلاً، أولئك المخلوقات غير الشاكرة الذين هم من صنع الشرير؟ هل تحوّل هذا الإحسان إلى شكوى ضد الله؟ هل تنظر إليه على أنه صغير بسبب أنه اتضع لأجلك؟ وهل تعتبره صغيراً لأنه هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف (يو11:10)، والذي أتى ليطلب الخروف الذي ضلّ فوق التلال والجبال والتي كانت تقدم فيها ذبائح لآلهة غريبة، وعندما وجده، حمله على منكبيه ـ اللتين حمل عليهما خشبة الصليب، وأعاده إلى الحياة الأسمى، وعندما أعاده حسبه مع أولئك الذين لم يضلوا أبداً؟ هل تحتقره لأنه أضاء سراجاً الذي هو جسده، وكنس البيت، مطهراً العالم من الخطية، وفتش عن الدرهم، أي الصورة الملكية التي دُفنت وغطتها الشهوات. وجمّع الملائكة أصدقاءه؛ عندما وجد الدرهم جعلهم شركاء في فرحه والذين جعلهم أيضاً مشاركين في سر التجسد؟ فبعد سراج السابق الذي أعّد الطريق، يأتي النور الذي يفوقه في البريق، وبعد “الصوت” أتى “الكلمة” وبعد صديق العريس جاء العريس، صديق العريس الذي أعد الطريق للرب شعباً مختاراً، مطهراً إياهم بالماء ليجهزهم للروح القدس؟ هل تلوم الله على كل هذا؟ هل على هذا الأساس تعتبره وضيعاً لأنه شد الحزام على وسطه وغسل أرجل تلاميذه (يو4:13)، وأظهر أن التواضع هو أفضل طريق للرفعة؟ لقد اتضع لأجل النفس التي انحنت إلى الحضيض لكي يرفعها معه، تلك النفس التي كانت تترنح لتسقط تحت ثقل الخطية؟ كيف لا تتهمه أيضاً بجرم الأكل مع العشارين وعلى موائد العشارين (انظر لو27:5)، وأنه يتخذ تلاميذاً من العشارين، لكي يربح … وماذا يربح؟ خلاص الخطاة. وإن كان الأمر هكذا، فيجب أن نلوم الطبيب بسبب أنه ينحني على الجروح ويحتمل الرائحة النتنة لكي يعطى الصحة للمرضى، أو هل نلوم ذاك الذي من رحمته ينحني لكي ينقذ حيواناً سقط في حفرة كما يقول الناموس (انظر تث40:22، لو5:14).
15 ـ المسيح أُرسل، لكنه أُرسل كإنسان لأنه من طبيعة مزدوجة(22). لأنه شعر بالتعب وجاع وعطش وتألم وبكى حسب طبيعة كائن له جسد. وإذا استعمل تعبير “أُرسل” عنه، فمعناه أن مسرة الآب الصالحة يجب أن تعتبر إرسالية، فهو يرجع كل ما يختص بنفسه إلى هذه الإرسالية، وذلك لكي يكرم المبدأ الأزلي وأيضاً لأنه لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه مضاد لله. فقد كتب عنه أنه سُلم بخيانة وأيضاً سلّم ذاته، وأيضاً كتب عنه أنه أُقيم بواسطة الآب وأنه أُصعد، ومن جهة أخرى أنه أيضاً أقام ذاته وصعد. فما ذكر أولاً في كل عبارة فهو من إرادة الآب (أنه سُلِّم وأنه أُقيم)، أما الجزء الثاني من كل عبارة فيشير إلى قوته هو. فهل تفكر في الأمور الأولى التي تجعله يبدو وضيعاً، أما الثانية التي ترّفعه فأنت تتغافل عنها. وتضع في حسابك أنه تألم، ولا تحسب أن هذا الألم تم بإرادته. انظر فحتى الآن لا يزال الكلمة يتألم. فالبعض يكرمونه كإله ولكن يخلطون بينه وبين الآب، والبعض الآخر يحقرونه كمجرد جسد ويفصلونه عن اللاهوت. فعلى مَن يصب جام(23) غضبه بالأكثر؟ أو بالأحرى مَن هم الذين يغفر لهم؟ هل الذين يخلطونه بطريقة خارجة أم أولئك الذين يقسمونه؟ فالأولون كان يجب أن يميزوا (بين الأقانيم) والآخرون كان يجب أن يوحدوه(24) (مع الآب). الأولون من جهة عدد الأقانيم والآخرون من جهة الألوهية. هل تتعثر من جسده؟ هذا ما فعله اليهود. ربما تريد أن تدعوه سامرياً؟ ولن أذكر ما قالوه عن المسيح بعد ذلك (انظر يو48:8) هل تنكر ألوهيته؟ هذا لم يفعله حتى الشياطين. للأسف كم أنت أقل إيماناً من الشياطين! وأكثر جهلاً من اليهود! فهؤلاء اليهود قد فهموا أن اسم ابن يدل على أنه مساوي في الرتبة (أي مساوي لله)، أما أولئك الشياطين فعرفوا أن الذي طردهم هو إله، لأنهم اقتنعوا بذلك بسبب ما حدث لهم. أما أنت فلا تعترف بالمساواة ولا تقر بلاهوته. كان من الأفضل أن تكون إما يهودياً أو شيطاناً (لو عبّرت عن ذلك بطريقة مضحكة) عن أن يتسلط على ذهنك الشر والكفر وأنت أغلف وبصحة جيدة.
كل هذا لأجلي:
16 ـ بعد قليل سوف ترى يسوع ينزل ليتطهر في الأردن (مت17:3) لأجل تطهيري أنا، أو بالحري ليقدس المياه بطهارته (لأنه لم يكن في احتياج إلى التطهير ذاك الذي يرفع خطية العالم). وانشقت السماوات، وشهد له الروح الذي من نفس الطبيعة الواحدة معه؛ وسنراه يُجرب وينتصر على التجارب ويُخدم من الملائكة (انظر مت1:4ـ11)، ويشفي كل مرض وكل ضعف (مت23:4)، ويمنح الحياة للأموات (وليته يهبك الحياة أنت الذي مت بسبب هرطقتك)، ويطرد الشياطين (مت33:9) أحياناً بنفسه وأحياناً أخرى بواسطة تلاميذه. ويُطعم بخبزات قليلة آلاف من البشر (مت14:14)، ويمشي على البحر كأرض جافة (مت25:14)، ويُسلّم ويُصلب صالباً خطيتي معه، وقُدم ذبيحة كحمل، وأيضاً قدم ذاته ككاهن يقدم ذبيحة، ودُفن كإنسان وقام ثانية كإله، ثم صعد إلى السموات لكي يعود ثانية في مجده. كم من الأعياد توجد لأجلى في كل سر من أسرار المسيح! وغاية كل هذه الأسرار تجديدي وتكميلي أنا لكي أرجع إلى حالة آدم الأولى.
17 ـ إذاً، أرجوكم اقبلوا حمله في داخلكم (كما حملته العذراء في بطنها)، واقفزوا فرحاً أمامه إن لم يكن مثل يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه (لو1:1)، فعلى الأقل مثل داود أما تابوت العهد (2صم14:6). وعليك أن تحترم الاكتتاب الذي بسببه كُتبت أنت في السموات، واسجد للميلاد (لو1:2ـ5) الذي بواسطته فُككت من ولادتك الجسدية، وأكرم بيت لحم الصغرى التي أرجعتك مرة أخرى إلى الفردوس، واسجد لطفل المزود الذي به تغذيت باللوجوس (الكلمة) بعدما كنت ضالاً. اعرف قانيك كما يعرف الثور قانيه، والحمار معلف صاحبه، حسب قول إشعياء (3:1)، ذلك إن كنت من الطاهرين الذين يكرمون الناموس وينشغلون بترديد أقواله باحترار، واللائقين للذبائح. أما إن كنت من أولئك الذين لا يزالون نجسين ولم يكن يحق لهم أن يأكلوا من المقدسات، وغير لائقين لتقديم الذبائح، وهم من الأمم الوثنيين، فأسرع مع النجم وقدم هدايا مع المجوس ذهباً ولباناً ومراً كما لملك وإله ولواحد قد مات لأجلك. مجّده مع الرعاة، وسبحه مع خورس الملائكة، ورتل تسابيحك مع رؤساء الملائكة. فليكن هذا الاحتفال مشتركاً بين القوات السماوية والقوات الأرضية. لأنني أؤمن أن الأجناد السماوية يشتركون في التمجيد معنا، ويحتفلون بالعيد العظيم معنا اليوم، لأنهم يحبون البشر ويحبون الله، كما كتب داود عن أمثال هؤلاء الذين صعدوا مع المسيح بعد آلامه لكي يستقبلوه وهم ينادون أحدهم الآخر أن يرفعوا الأبواب الدهرية (مز7:24ـ9).
بيت لحم والصليب والقيامة:
18 ـ هناك أمر واحد فقط مرتبط بمناسبة ميلاد المسيح، أريدكم أن تبغضوه، ألا وهو قتل الأطفال على يد هيرودس، أو بالحري يجب أن تكرموا أيضاً، هؤلاء الذين ذُبحوا وهم من نفس عمر المسيح، هؤلاء صاروا ذبيحة قُدمت قبل الذبيحة الجديدة (أي الصليب).
كن ملازماً للمسيح:
عندما يهرب إلى مصر اهرب أنت معه؛ وترافقه فرحاً في المنفى. إنه عمل عظيم أن تشترك مع المسيح المضطهد. وإن أبطأ كثيراً في مصر فادعوه من هناك بتقديم عبادة خاشعة له هناك. اتبع المسيح بلا لوم في كل مراحل حياته وكل صفاته. تطهر واختتن؛ انزع البرقع الذي كان يغطيك منذ ولادتك. بعد ذلك علّم في الهيكل واطرد التجار من هيكل الله، اسمح لهم أن يرجموك لو لزم الأمر، فإني أعرف جيداً أنك سوف تفلت من بين هؤلاء الذين يرجموك مثل الله (انظر يو59:8). لأن الكلمة لا يُرجم. إن جاءوا بك إلى هيرودس لا تعطيه إجابة عن أغلب أسئلته؛ فسوف يحترم صمتك أكثر من احترامه لأحاديث الشعب الكثيرة. إذا جلدوك اطلب منهم أن يتمموا كل الجلدات. ذُق المر واشرب الخل؛ واطلب أن يبصقوا على وجهك؛ اقبل منهم اللطمات والشتائم، وتوج رأسك بإكليل الشوك، أي بأشواك حياة التقوى. البس ثوب الأرجوان وامسك القصبة في يدك، واقبل السجود بسخرية من أولئك الذين يسخرون من الحق؛ أخيراً فلتُصلب مع المسيح واشترك في موته ودفنه بفرح لكي تقوم معه وتتمجد معه وتملك معه، انظر إلى الله العظيم الذي يُسجد له ويمجد في ثالوث، ودعه ينظر إليك وليته يظهر الآن بوضوح أمامك، بقدر ما تسمح قيود الجسد، بيسوع المسيح ربنا الذي له المجد من الآن وإلى الأبد آمين.
هذا الكتاب من ترجمة الكنيسة القبطية: وهذا يعني أن ليس كل ما جاء في تعليقات المترجم أو المعد نتفق معه وأحياناً نختلف معه وأحياناً في متن النص. فالرجاء تنبيهنا في حال وجود شيء من هذا القبيل أو غير مفهوم… ولقراءة النص باللغة الإنجليزية، الرجاء اضغط هنا
نقلاً عن كتاب: | |
ثيئوفانيا – ميلاد المسيح للقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات (النازينزى) مع سيرة حياته | |
المـركز الأرثـوذكـسى | |
وهذه العظة:: | |
تُرجمت هذه العظة عن النص اليونانى فى مجموعة آباء الكنيسة ΕΠΕ, Vol. V, Orat. 38, p. 36-71, Tessaloniki, Greece 1977. وعن الترجمة الإنجليزية بالمجلد رقم 7 من المجموعة الثانية من سلسلة آباء نيقية وما بعدها Nicene & Post Nicene Fathers, 2nd Series, Vol. 7, Orat. 38, p. 345-351. ترجم العظة وأعد المقدمة: | |
تم النقل بتصرف، لكن دون المساس بمتن النص -إلا فيما يتعلق بحرفي “ى” و”ي”، إذ أن الكتابة بالطريقة المصرية تجعل الحرفين المذكورين مترادفين والهمزات في بعض الأحيان- وإنما فقط في الترتيب وفي حذف المقدمة التي بها سيرة حياة القديس لوجودها على الشبكة. كما تم أيضاً حذف بعض الحواشي لأنها تقوم بتأويل النص فيما لا يقصده ومخالفتها لإيمان الكنيسة الأرثوذكسية. |
(*) هذا العنوان وكل العناوين الجانبية من وضع المُترجم.
(1) الظلمة تنقشع بولادة الرب مثلما حدث أثناء خلق العالم بخلق النور الذي جعل الظلمة التي كانت تغطى الأرض تنقشع (انظر تك2:1 وفيما بعده).
(2) انظر خر21:10. يقصد بمصر العالم الذي يعيش في ظلمة.
(3) يشير كل من “الحرف” و “الظلال” إلى “الناموس” الموسوي، بينما كل من “الروح” و “الحق” إلى الحياة الجديدة التي ظهرت في العالم بميلاد المخلّص.
(4) العالم السماوي يكتمل بعودة الجنس البشري إلى الموطن السماوي.
(5) يشير هنا القديس غريغوريوس إلى “الأكل من الثمرة المحرمة ” الذي تسبب في سقوط الآباء الأولين (تك3)
(6) يشير هنا إلى أنه غريب وليس من أهل القسطنطينية، وهو يلقى خطابه بعد وصوله إليها بفترة قصيرة بعد أن كان يعيش في كبادوكية البعيدة عن القسطنطينية ويخدم في مواضع صغيرة وغير مشهورة مثل نازينز التي جاء منها.
(7) أي من خلال أفعاله الإلهية.
(8) قدس الأقداس هنا يعنى الثالوث القدوس.
(9) على الأغلب يشير القديس غريغوريوس إلى القديس أثناسيوس الرسولي الذي انشغل بمهارة فائقة بالتعليم عن الله في كتابه ضد الآريوسيين.
(10) يدعو القديس غريغوريوس الله بالصلاح، وكان هذا معتاداً عند الآباء أن يستخدموا صفات الله كأسماء لله.
(11) يوسيفوروس يعنى حامل الفجر أي النور. أول إشارة إليه كانت في سفر إشعياء 12:14، لكن ظل يُدعى شيطان Satana وهى كلمة من الفعل العبري Satan بمعنى المقاوم.
(12) أي من المادة والروح.
(13) {الحاشية هنا خاطئة في الشرح لأنها تقوم بتأويل النص فيما يخالف صراحة النص وتعليم الكتاب المقدس والآباء عن التأله، إذ تجعل المعنى هو الفضائل… (الشبكة)}
(14) أي من المادة والروح.
(15) يشير القديس غريغوريوس إلى الخلق بواسطة إتحاد الجسد والنفس، والموت هو انحلال هذا الإتحاد ثم يأتي بعد ذلك إعادة هذا الإتحاد في الدهر الآتي بأكثر مجداً.
(16) هنا يشرح القديس غريغوريوس مفهوم الأقمصة الجلدية. {للمزيد راجع “وسقط آدم، لاهوت الأقمصة الجلدية” للدكتور عدنان طرابلسي… (الشبكة)}
(17) هنا نتذكر قول القداس الغريغوري: “حوّلت لي العقوبة خلاصاً”.
(18) انظر القداس الغريغوري الذي يخاطب المسيح الكلمة بقوله “الذي لا ينطق به، غير المرئي، غير المحوى، غير المبتدئ، الأبدي، غير الزمني، الذي لا يحد، غير المفحوص، غير المستحيل (أي غير المتغير). وهذا يوضح أن القداس هو من وضع القديس غريغوريوس نفسه الذي تفوه بهذه العظة وغيرها من الخطب والعظات المعروفة باسمه.
{فقط الكنيسة القبطية تنسب هذا القداس إلى القديس غريغوريوس اللاهوتي، وتستخدمه.. (الشبكة)}
(19) أي إلى الإنسان الذي خلق على صورته.
(20) بناسوت خلقه هو في أحشاء العذراء.
(21) أعطى الله في الخلق نعمة الخلق “على صورة الله” بينما في التجسد يأخذ الجسد: “أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له”.
(22) {الحاشية تحاول تأويل النص أيضاً… (الشبكة)}
(23) يقصد أصحاب بدعة سابيليوس الذي قال إن الآب هو نفسه صار المسيح وصلب وبعد صعود المسيح جاء باسم الروح القدس أي الثالوث أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم للاهوت واحد.
(24) يقصد الآريوسيين.